يحيطُ بنا الإبداعُ من كلِّ جانبٍ، ويظهرُ في أبهى صورةٍ بخلقِ الكونِ والإنسانِ، دون أن ينضب، فالعلماءُ على مدى أزمانٍ طويلةٍ، وحتى يومنا هذا، لا يزالون يبحثون في خلقِ الله البديعِ، ونظامِه المُحكمِ، ويكتشفون على الدوامِ أسراراً من هذا الإبداعِ، الذي يداعبُ حواسَنا الخمسَ بروائعه، سواءً في خيراتِ الأرضِ والطبيعةِ الخلَّابةِ، أو تنوُّعِ الأزهارِ وألوانها، أو اختلافِ الكائناتِ، وبالتأكيد في العقلِ البشري الذي يبتكرُ يومياً في العلمِ والأدبِ، وعليه يكمنُ سرُّ التشبُّعِ بالإبداعِ في التأمُّلِ الحقيقي لما حولنا.
ولأهميَّته، نحتفي في عددِ إبريل بالإبداعِ والمبدعين، وشموليته جميعَ الأطيافِ، إذ تجدون ضمن صفحاتِ المجلَّةِ لقاءً مع الأميرةِ نوف بنت عبدالرحمن بن ناصر آل سعود، رئيسةِ مجلسِ إدارةِ "جمعيَّة لأجلهم"، التي تحملُ بكلِّ حبٍّ لقبَ "أمّ المعاقين". حدَّثتنا الأميرةُ نوف عن ضرورةِ كسرِ الصورةِ النمطيَّةِ لذوي الاحتياجاتِ الخاصَّةِ، وتعزيزِ قدراتهم، لا سيما في المجالِ الإبداعي مثل التصويرِ، والرسمِ، والنحتِ، وتمكينهم بالتدريبِ، وتوفيرِ الفرصِ لإظهارِ ما لديهم من مواهبَ.
وبمناسبةِ "اليومِ العالمي للتوعيةِ بالتوحُّد"، الذي يوافقُ 2 إبريل من كلِّ عامٍ، أجرينا في أجواءٍ عائليَّةٍ جلسةَ تصويرٍ خاصَّةً، ضمَّت فتياتٍ وصبياناً بأعمارٍ مختلفةٍ، ومعهم "رائد"، طفلُ التوحُّد، الذي استمتعَ باللعبِ والمرح. كذلك أعددنا ملفاً مع مختصين وخبراءَ في مجالِ التوعيةِ بالمرض، حيث أطلعتنا ألين كرم، رئيسةُ الجمعيَّةِ اللبنانيَّةِ للتوحُّد، على ما ضمَّه المعرضُ الإبداعي الأوَّلُ من نوعه للمصابين بالتوحُّد، الذي قاموا بتنظيمه بالتعاونِ مع "منصَّةِ النداء الإبداعي Kreative Call" لمساعدتهم في الاعتمادِ على أنفسهم، والاستفادةِ من عائداتِ أعمالهم الفنيَّة.
وعلى الغلافِ، تتألَّقُ الممثِّلةُ المصريَّةُ مي عمر، التي تعيشُ حالياً قمَّةَ توهجها الإبداعي بعد النجاحِ اللافتِ لمسلسلها الرمضاني "نعمة الأفوكاتو"، فقد أظهرت فيه موهبةً تمثيليَّةً كبيرةً، شكَّلت نقطةَ تحوُّلٍ في مسيرتها. عن الفنونِ الإبداعيَّةِ، حدَّثتنا مي خلال اللقاءِ بقولها:" الفنُّ، والإبداعُ قوَّتان ناعمتان، ترفعان وعي الناسِ، وتعملان على تهذيبِ الأرواح. في رأيي، يمكنُ لعملٍ فنِّي صادقٍ، أن يكون أكثرَ تأثيراً في المتلقِّين من آلافِ الدروسِ والخطبِ. الفنُّ عملٌ نبيلٌ، ولا بدَّ أن يحظى دائماً بالدعمِ والتقديرِ اللازمَين".
وفي السياقِ الإبداعي أيضاً، أجرينا حواراً مع رائدةِ الأعمالِ المغربيَّةِ خديجة الخرتيت التي أسَّست منصَّةً لتمكين النساءِ بعد مسيرةٍ مهنيَّةٍ رائدةٍ في العالمِ المصرفي الاستثماري، وإثر تشخيصِ ابنها بـ "التوحُّد الشديد". حرصت خديجة على توظيفِ نساءٍ بظروفٍ مشابهةٍ، وعملن معاً بجدٍّ، لتصل، بعد النجاحِ، إلى نتيجةٍ مفادها بأن العالمَ ملزمٌ بتوفيرِ بيئةٍ صحيَّةٍ للمرأةِ من أجل العملِ، أو التعليمِ بغضِّ النظرِ عن ظروفها.