الفن التشكيلي عالم له خصوصيته وبريقه وغموضه وسحره، عالم خاص بحاجة إلى من يفهم أسراره ويملك مفاتيحه، وقد استطاعت الفنانة التشكيلية الشابة بدور عبدالله السديري أن تبحر في هذا العالم وتغوص بأعماقه لتخرج منه بلوحات كاللؤلؤ.
التفت القطاع الخاص لأعمال الفن وإثراء ذلك من خلال تكريم مبدعات وموهوبات الوطن، فقامت "روومز" إحدى شركات المطلق القابضة في مبادرة بعنوان "للوطن رموز ... الإلهام والفكر والإبداع" بتكريم إبداعات بدور السديري، وعرض عدد من لوحاتها التي شاركت بها في معارض داخل المملكة وخارجها، حيث وجد القائمون على المبادرة بأنها عبرت بأناملها السحرية عن الفن التشكيلي بمراحله المختلفة، إضافة إلى تطورات عديدة شرحتها الفنانة بدور عندما وقفت على منصة "روومز" لتحكي تسلسل حكايتها مع الفن التشكيلي عندما بدأت بلوحة "أمواج"، والتي شرحت من خلالها أبرز مراحلها الفنية قائلة: "كانت بداياتي من خلال هذه اللوحة التي استخدمت فيها الألوان الزيتية مع دمج قطع خزفية لتجسد منظراً طبيعياً وحقيقياً بأنها سفينة تتحدى الأمواج بزرقتها، ثم بعد ذلك بحوالي عامين اتجهت لأغوص في جانب شيق عن الآثار السعودية، واشتركت بمعرض "روائع الآثار" الذي يدور حول العالم، وذهبت إلى أمريكا وإسبانيا، وكانت لوحتي في مقطعها الأخير، وقمت باختيار بعض الأحرف الإغريقية القديمة، وشاركت بهذه اللوحة في معارض عديدة داخل المملكة وخارجها، ومن أهم هذه المعارض معرض "الآثار في عيون الفنانين"، وبعد هذا بفترة انصب فكري على التوجه إلى الدمج بين البعد الحضاري والتراث، وهو دمج ثري يحافظ على هويتنا وتراثنا باستخدام أدوات تقنية حديثة مواكبة للتطور، فلا يتنافى هذا مع ذاك، بل يكمل كل منهما الآخر لتجسيد صورة جميلة بين عبق الماضي وتراثه وحيوية الحاضر ونضارته، ومن خلال هذا التوجه استخدمت "التمرة" في لوحاتي، واستخدمت كافة الأدوات الحديثة لتصميم التمرة من خلال الميديا والتصوير الفوتوغرافي".
وأضافت بدور: "إن كان هناك بعض العواصم كباريس ولندن تحوي معارض فنية لتقديم تراثها، فإننا أيضاً في السعودية بدأنا منذ زمن بتقديم تراثنا عبر الفنون التشكيلية في المعارض المحلية والإقليمية والمحافل الدولية، ولعل أبرز دليل على اعتراف العالم بالفن التشكيلي السعودي هو تتويج لوحتي المسماة "تمور الغاط، حلوى الغني وغذاء الفقير" بأحد جوائز التميز في معرض "بينالي لندن2013 ".
وبعد أن شرحت لنا الفنانة العالمية بدور السديري لوحاتها، تم تكريمها اعتزازاً بإبداعها وإلهامها كرمز من رموز السيدات السعوديات الملهمات والموهوبات اللواتي رفعن اسم المملكة عالياً.
وقالت بدور عن التكريم: "أفتخر بتكريمي، فهو شهادة كبيرة أعتز بها، خاصة أن القطاع الخاص بدأ يلتفت للفن التشكيلي ويدعمه، وهذه خطوة جيدة لمستقبل الفن التشكيلي، وأنا أشكر القائمين على هذا القطاع كثيراً بهذه المبادرة التي ستدفع العديدين للالتفات للثقافة ودورها والفنون وتأثيرها على المجتمع.
وعندما وجهت لها "سيِّدتي" سؤالاً حول المشاكل التي تواجه موهوبات الفن التشكيلي أجابت: "المشكلة أصبحت في الفتيات، واللواتي يفترض أن يأخذن المبادرة بلا خوف أو تردد، وليس كلهن يستطعن ذلك؛ نظراً لاختلاف البيئة الأسرية، فأنا كان الطريق ممهداً لي، وساعدني جميع أفراد الأسرة، لذلك بادرت ونجحت، واليوم أنا أمامكم ويتم تكريمي"، مضيفة: "لم نعد في عصر به ظلم للمرأة التي أصبحت برأيي تظلم نفسها، ولابد أن تبادر وستجد الجميع يساندها في طريقها، ولدي كلمة أوجهها لكل الفنانين التشكيلين المبتدئين، وهي: عليكم بالاطلاع والقراءة والاحتكاك بالثقافات الأخرى، ادعموا أنفسكم بذلك، وأطلقوا شرارة المبادرة لتصل ألوانكم وريشتكم إلى العالم بأسره".
كما التقت "سيِّدتي" بالفنان التشكيلي علي الرزيزا الذي كان مهتماً بحضور حفل تكريم بدور، حيث قال: "بدور غنية عن التعريف، وتستحق كل التقدير، فأنا أعرفها منذ زمن، وهي تفرض فكرها الراقي وذوقها الفني على الساحة، ومن خلال لوحاتها تبحث عن ذاتها ونفسها، ولا تبحث عن الشهرة فتأتيها النجومية راكضة وراءها، وللأسف لا يتوفر لدينا بالمملكة الاهتمام بالجانب التشكيلي والإبداعي كالغرب، ويظهر الفنانون مبادرات واجتهادات شخصية ويكافحون ويجاهدون حتى يظهروا في النور ويشتركوا بالمعارض الدولية، وللأسف فكرة تقبل الفن التشكيلي لم تنتشر بعد، ولكن لدي أمل بتوسع هذا الفكر وتقبله وانتشاره، إذ أن الفنانين الرجال يعانون من نفس مشكلة الفنانات، والتي تتمثل في مفهوم الفن التشكيلي، فنحن لدينا أمية فنية، ولابد أن نسعى لاتساع رقعة الفن التشكيلي في المملكة والتعريف به وتبنيه".
• بدور السديري في سطور
ولدت الفنانة بدور في محافظة الغاط، وحصلت على درجة البكالوريوس في التربية الفنية في الرياض، ثم تلقت العديد من الدورات المتخصصة في مجال الفنون التشكيلية والرقمية، وخاضت عدة تجارب من خلال مشاركتها في الشبكة العالمية بيهانس، وتحكيم مسابقة مترو الرياض 2014، وتمثيل المملكة العربية السعودية رسمياً في بينالي لندن عام 2013 بحضور المعرض والفعاليات المرافقة، وتمثيل المملكة العربية السعودية رسمياً للتشكيليات السعوديات في الأيام الثقافية السعودية في المعرض الفني في ألبانيا عام 2013، إلى جانب العديد من المشاركات، وقد نالت العديد من الجوائز العالمية، ومن أهمها: جائزة ليوناردو للفنون التطبيقية في إيطاليا عام 2013، وجائزة دولية مقدمة من رئيس اسكودا في اسطنبول وعنوانها "تعزيز السلام والتفاهم الدولي من خلال الفن" عام 2014، وجائزة التميز في بينالي لندن عام 2013، إلى جانب العديد من الجوائز التي حصلت عليها من الدول العربية، كما أنها عضو فعال في جمعيات خاصة بالفنون، فهي عضو مؤسس بجمعية الفنون التشكيلية السعودية "جسفت"، وعضو مجموعة "عين رات"، ورئيس لجنة مسابقة "ازرع شجرة"، وعضو جمعية "كلمتنا الحلوة".
حفل تكريم الفنانة التشكيلية بدور السديري
- ثقافة وفنون
- سيدتي - لميس سامي
- 17 ديسمبر 2014