تختلف طقوس الحداد التي تمارسها الأرملة المفجوعة بوفاة زوجها تبعاً للثقافات والديانات في العالم. منها الطبيعية، ومنها الغرائبية: كطقس "الساتي" الجنائزي المتَّبع من قبل معتنقي الديانة الهندوسية، حيث تقوم الأرملة بحرقِ نفسها طواعيةً كتضحية إنسانية للقوى العليا، حيث لامكانَ لها على هذه الأرض بعد وفاة زوجها! وهذا الطقس لايزال ممارَساً حتى اليوم، ولكن بشكل محدود.
أما عندنا، فلم تصل الأمور إلى هذا الحد، رغم أن هناك الكثير من العادات والمعتقدات الغريبة التي تمارسها الأرملة في فترة حدادها.
«سيِّدتي» التقت نساء تحدثن عن بعض العادات الغريبة التي تمارسها المرأة الأرملة خلال فترة عدتها أو بعد انتهائها منها، منهن من عاصرنها وأخريات سمعنها من الأمهات والجدات، فكان هذا التحقيق:
• الخروج من باب والدخول من آخر
حصة العقيل، معلمة إنجليزي في معهد الأمل للصم، تقول: «بعد أن تنتهي الأرملة من مدة العدة يلزمها أهلها بأن تخرج من باب وتدخل من باب آخر في المنزل»، مضيفة: «عندما توفي جدي كانت جدتي في الرياض، وأراد أفراد عائلتها إيصالها إلى منزل أسرتها في محافظة المجمعة، فقاموا بعصب عينيها؛ حتى لا ترى أي شخص، وخاصة الرجال».
• ممنوعة من رؤية المواليد
أما أريج مانع، مدرسة مرحلة ثانوية، فتقول: « هناك عادة غريبة عندنا هي منع الأرملة أثناء فترة عدتها من زيارة أي امرأة وضعت مولوداً جديداً؛ للاعتقاد بأنها إذا رأت المولود الجديد فإن المرأة المنجبة لن تنجب بعد ذلك».
• ممنوعة من المرآة ومشاهدة الرجال
وقالت آمنة إبراهيم «ربة بيت»: «للأسف هناك عادات اكتسبناها من الأهل ونمارسها رغم عدم اقتناعنا بها؛ مثل منع الأرملة خلال فترة عدتها من رؤية الرجال، ومنعها من مشاهدة نفسها في المرآة».
• لبس الأبيض وممنوع التحدث بالهاتف
أما حصة عبدالإله، موظفة في شركة خاصة، فتقول: «الأرملة لدينا في المنطقة الغربية في المملكة ترتدي اللون الأبيض بعد وفاة زوجها حتى انتهاء العدة، كما أنها تمنع من مشاهدة التلفاز والتحدث بالهاتف مع أشخاص غرباء».
• لا حفلات ولا زعفران في الطعام
بينما تقول الفنانة التشكيلية أحلام المشهدي: «أتذكر أن الأرملة كانت تمنع من حضور أي مناسبة أو حفل زواج لمدة عام تقريباً، وأيضاً تمنع من وضع الزعفران في طعامها أو شرابها؛ لأن تناول هذه المادة هو نوع من الرفاهية».
• عدم مشاهدة القمر والمشي بالدور الأرضي
أما خديجة حسن، سيدة لديها عدد من الأحفاد، فتقول: « قديماً، عندما يتوفى الزوج لا يسمح لأرملته بالمشي في الدور الأرضي ليلاً؛ فهي بذلك ستمشي على قبره، لذلك تبقى في الدور الثاني أثناء فترة الليل التي تمنع فيها من الخروج إلى فناء المنزل؛ حتى لا تشاهد القمر».
• الحناء تنتظرها بعد الانتهاء من العدة
وتقول الكاتبة والشاعرة والمذيعة ناهد الآغا: «هناك بعض العادات التي مازالت تمارس حتى اليوم، ومن ضمنها أن المرأة كانت حين تنتهي عدتها تقوم النسوة وقريباتها وأخواتها بإعداد الحناء ويحنِّينها ثم يحمِّمْنها».
• عدم الزواج مرة أخرى
المخرجة والفنانة المقيمة في المملكة لورين عيسى تقول: «من عاداتنا وتقاليدنا الكردية أن المرأة لا تتزوج إلا مرة واحدة فقط، فإن مات زوجها يصعب جداً الزواج من غيره، لكنها أثناء فترة العدة تخرج من المنزل إن كانت لديها التزامات وأطفال».
• طلب يدها بعد انتهاء العدة
وتعتقد الفنانة مريم الغامدي أن لكل منطقة عاداتها المتعلقة بالعدة، حيث تقول: «نحن في محافظة الباحة أثناء العدة تبقى الأرملة في منزلها. وبعد انتهائها من العدة مباشرة يتقدم الخطّاب للزواج منها».
• الرأي الاجتماعي
أما الباحثة والأخصاصية الاجتماعية الدكتورة هدی العشاوي، فتقول: «التقاليد المتبعة في حال توفي الزوج هي كثيرة، منها: إقامة الولائم من قبل الأهل والأصدقاء الذين يحضرون إلى منزل الأرملة وليمة واحدة أسبوعياً أثناء العدة، وتتم دعوتها للخروج بعد انتهاء عدتها لدى صاحبة الوليمة، لكن برفقة الأهل والأصدقاء، وهنا تبدأ الخطبة لمن يرغب في الزواج منها. وهناك بعض العادات دخيلة علينا، لكن تم توارثها، وأعتقد أن من يمارس مثل هذه الأمور يحتاج إلى توعية للابتعاد عنها».
• رأي الشرع
يرى الشيخ محمد الأحمدي أن بعض العادات الغريبة التي مرت معنا والتي تقوم بها بعض الأرامل هي عادات مبتدَعة، في حين أن عدة المرأة هي أربعة أشهر وعشرة أيام إن كانت غير حامل لقوله تعالى: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً»، أما إن كانت حاملاً فعدتها تنتهي بوضع حملها لما ثبت في سنن النسائي أن سبيعة الأسلمية ولدت بعد وفاة زوجها بنصف شهر، فقال لها النبي (ص): «حللت فانكحي من شئتِ»، كما يجب أن تجتنب الطيب والزينة والحلي ولبس الملون من الثياب والمزركش المبالغ فيه والاكتحال خلال فترة العدة فقط، وألا تخرج من بيتها إلا لضرورة أو حاجة لا تجد من يقوم لها بها.