كانت البداية مزحة بين صديقين، فقد انتشرت رسالة دعائيَّة عن جهازٍ للشواء مرفق برقم الشركة الموفرة له، فقام الصديق بمسح الرقم وأرفق رقم صديقه بديلاً من باب التندُّر والمزاح، لتنهال بعدها مئات الاتصالات على مدار اليوم ما بين مستفسر وراغب بشراء الجهاز، فالاتصالات لا تفتأ تتوقف لتتحول بعدها الصداقة إلى عداوة بسبب كمية الضرر الواقعة على صاحب الرقم.
تشويه سمعتي
تكثر القصص الواقعية وتتنوع حول قيام أفرادٍ بنشر أرقام غيرهم لأسباب مختلفة. وقد تفاعل إتجاه الموضوع القاضي والعضو بمجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث، حيث أشار لـ "سيدتي" أن هناك من قام بتلفيق إعلانٍ مخالف بغرض السخرية وتشويه سمعته وسمعة مركزه بإرفاق رقم هاتفه عليه، لتنهال عليه الإتصالات ما بين إزعاجٍ وسبٍ وشتم.
"هلكوني"
وعبر الأستاذ عادل عباس – رئيس مركز دنيا التشكيليين – عن إستيائه من مثل هذه التصرفات بعبارة "هلكوني" قائلاً: دائماً عند نزول الإعلانات عن معارض موسم رمضان يتم إرفاق رقمي بدون سابق إنذار، مما سبب لي الكثير من الضرر بسبب الإتصالات التي لا تتوقف مما اضطرني إلى تغيير رقم هاتفي.
توفير خادمات
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، يزداد بحث ربات البيوت في السعوديَّة عن الخادمات، كونه موسماً تكثر فيه العزائم والولائم والتزاور بين الأقارب. ورغم ارتفاع أجور الخادمات إلا أنَّ ذلك لا يمنع من إحضارهنَّ كون الضغط على سيدات المنزل يكون كبيراً، وعلى إثر ذلك تنتشر الرسائل التي تحمل أرقاماً لشركات وهميَّة أو أشخاص يقومون بتوفير الخادمات للمنازل بجنسياتٍ متنوِّعة.
وتداول أخيراً مستخدمو الـ«واتس أب» رسالةً تُفيد بفتح مكتب جديد في مدينة الرياض يقوم بتوفير عاملات منزليات ويكون التأجير بأسعار مناسبة وجنسيات مختلفة، ومن بين المميزات أنَّ لديهنَّ تأميناً صحياً عن طريق عقد شهري أو كل 4 أشهر يبلغ 200 ريال، ويتم توفير ذلك لجميع مناطق المملكة.
لمعرفة مدى مصداقية هذه الشركة، تتبعت «سيدتي» الأمر، ومن خلال الرسالة التي وضعها صاحب الرقم على الـ«واتس أب» كانت المفاجأة بما كُتب وهي كالتالي «هذا ليس رقم مكتب خدمي، وحسبي الله ونعم الوكيل».
حاولنا مراراً الاتصال بالرقم والإرسال sms و«واتس أب» عبر الرقم الذي تم نشره، لمعرفة حيثيات الموضوع، ومدى الضرر الواقع على صاحب/ ة الرقم، لكن لم نتلق أي تجاوبٍ يذكر.
القانون يجرّم
ولمحاكاتنا لواقع المجتمع، لاحظنا مدى انتشار هذا التصرف الذي يوقع بالمتضرر مشاكل جمّة، فتوجهنا للمحامي ثامر الشوا، عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً، لمعرفة الوضع القانوني إزاء هذا التصرف المنتشر في المجتمع، الذي يقوم فيه العديد من الأشخاص بنشر أرقام غيرهم بغيّة الضرر أو التندّر، والذي تترتب عليه متاعب وإحراجات جمَّة لصاحب الرقم بسبب وابل الاتصالات التي تنهمر عليه. فوضح الشوا أنَّ هذا الفعل مجرّمٌ قانونياً، ويعتبر من قبيل التشهير، ويعاقب فيه الفاعل وفق الفقرة الخامسة من المادَّة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتيَّة، وتتمثل فيه العقوبة بالسجن لمدَّة لا تزيد عن سنة، وغرامة ماليَّة لا تزيد عن 500 ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. مشيراً إلى أنَّه يجب على المتضرِّر أن يقوم بالتقدُّم بشكوى في حال تبيَّن الشخص المتسبب.
ووضَّح أنَّ المشكلة تكمن في صعوبة التوصل للمتسبب الرئيسي للضرر، وانتشارها وتناقلها بين الناس يحمي الفاعل الأصلي، وعدم القدرة للتوصل له. لذلك يجب إزاء هذا الفعل نشر التوعية بين الناس بإيقاف نشر مثل هذه الرسائل من دون التثبت وأخذ إذن صاحبها.