الهستيريا مرض نفسي عصبي تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة، إضافة إلى انفعالات وأعراض جسمية ليس لها أساس عضوي هروباً من الصراع النفسي أو نتيجة القلق من موقف، إنه مرض الهستيريا، والذي يصيب مناطق من الجسم يتحكم فيها الجهـاز العصبي، وتبدأ الهستيريا الجماعية غالباً من خلال فرد واحد يكون مصاباً بحالة من الهستيريا الفردية، ثم تنتقل تصرفاته وعاداته وأعراضه لتشمل الآخرين وتتصاعد على نحو سريع.
وقد تم رصد العديد من حالات الهستيريا الجماعية، والتي تعد من الأمراض النفسية التي تكون عبارة عن اضطرابات في الانفعالات لدى المريض مع وجود خلل في الإحساس والحركة وعدم القدرة على التحكم في الأفعال والانفعالات، وفي ما يلي نرصد أهم تلك الحالات التي رصدها التاريخ:
هستيريا الرقص (فرنسا 1518 م): في ستراسبورغ عام 1518م أصيب 400 شخص بنوع من أنواع جنون الرقص، وفيه يرقص الشخص لعدة أيام دون توقف حتى يموت من الإرهاق أو من أزمة قلبية، هذا الوباء الجماعي بدأ في الظهور في القرن الرابع عشر، واختفى في القرن السابع عشر، حيث ذهب الكثير من الناس إلى الشوارع، وبدأوا يرقصون دون راحة، وفي نهاية الأمر مات معظم هؤلاء الناس.
وباء حشرة يونيو: يعد وباء حشرة يونيو مثالاً كلاسيكياً للعدوى الهستيرية، ففي عام 1962 انتشر مرض غامض في قسم الخياطة في مصنع منسوجات أمريكي، وكانت الأعراض تشتمل على الشعور بالتخدير والغثيان والدوار والقيء، وقد انتشرت شائعة بوجود حشرة في المصنع تعض الضحايا وتسبب لهم هذه الأعراض بسرعة فائقة، ولكن استُنتج فيما بعد أن البيئة كانت مليئة بالضغوط، فقد تم افتتاح المصنع حديثاً، وكان العمل يجري فيه على قدم وساق، كما كان التنظيم سيئاً، بينما اعتقد الباحثون أن بعض العمال تعرضوا بالفعل للعض من قبل تلك الحشرة.
مومباي المياه الحلوة: زعم سكان مدينة مومباي في عام 2006 أن المياه المالحة للبحر على شاطئ تيثال قد تحولت إلى مياه حلوة عذبة، كما زعموا أيضاً أن مياه الصرف الصحي هي الأخرى تحولت لذلك، وسادت حالة غريبة بين سكان المدينة للتوافد على تعبئة المياه من الصرف الصحي والبحر، ولكن سرعان ما اكتشفوا في اليوم التالي أن المياه عادت مالحة مرة أخرى، ولا يعلم أحد مصدر تلك الشائعة على وجه التحديد.
لعنة الثعبان "نيبال": وجدت أفعى ميتة في إحدى قرى نيبال، الأمر الذي دعا سكان القرية للخوف نتيجة إيمانهم بأنها سوف تلقي لعنة عليهم، فأصابهم القلق والخوف، ثم بدأ سكان البلدة بأداء طقوس تعبدية لإرضاء الأفعى الميتة، ثم لوحظت على مجموعة من الطلاب حالة هستيرية غريبة، حيث أخذوا يتساقطون ويبكون بصوت عال ويركلون ويصرخون وعلامات الذعر والضيق ظاهرة عليهم، وتم تعليق الدراسة.
أرجع البعض أسباب الهستيريا الجماعية إلى أمور السحر والشعوذة وتلبس الجن، فيما اعتبر بعض المثقفين أن ذلك قد يعد نتيجة وباء أو مرض أو تلوث أحد مصادر الحياة، مثل: الهواء، والماء، أو نتيجة مرض لم يكتشف بعد، ولكن الحقيقة أن تلك الأعراض كانت تأتي فجأة وتذهب فجأة دون أدنى تفسير لمعظمها، لذلك أُطلق عليها هستيريا جماعية؛ نظراً لعدم تحديد ماهية الأمر بالنسبة لها.