جدتي حفيظة
«جدتي حفيظة»
مرحبًا، كيف حالكم، أنا اسمي أحمد، لقد كتبت قصتي هذه بسرعة كي لا تراها أمي وتقرأها، لأنها ستولول قائلة: هذه أسرار البيوت يا أحمد ولا يجوز نشرها كما الغسيل أمام عيون الناس، لكن لابأس فأنتم لستم غرباء.
منذ الصغر وجدتي تعيش معنا في منزل ابنها الذي هو أبي، كنت أحبها كثيرًا لأنها كانت ملاذي من أمي إن حاولت ضربي، ولهذا كانت أمي تشعر بالمهانة لأنها تتدخل في تربية أولادها.
كنت أحب تلك الحكايات التي تسردها جدتي على مسمعي أنا وأختي رغد، لكني مع الأيام أخذت أملها، إذا لا جديد، فكل يوم الحكايات نفسها، حتى أنني حفظتها غيبًا أكثر من دروسي.
أريد أن اعترف لكم بشيء، ربما ستضربني أمي لو سمعتني أتكلم بهذا الموضوع، أمي كانت تكره جدتي، لماذا!؟؟
لأن جدتي حفيظة حفظها الله لنا ولكم ما كانت تترك موضوعًا إلا وتتدخل به مهما كان نوعه أدبيًا سياسيًا أو اقتصاديًا. وبكل ثقة ولا يهم نوعية الكلام أو مستواه فهي تريد المشاركة في الحديث
فقط، حتى إنها لم تترك أمي تجلس ولو دقيقة واحدة مع جاراتها اللواتي كن يأتين لزيارتنا. فما إن تسمع صوت أحد ما حتى تخرج من غرفتها بعينين مفتوحتين متسائلة.
تدخل المطبخ بنظراتٍ متفحصة، فكما تعلمون أيها السادة جدتي تحب الحلوى حبًا شديدًا، إذ أنها أكلت مرة عشرين قطعة دفعة واحدة في الوقت الذي لم أستطع أنا إنهاء قطعة واحدة مع أني أحب الحلوى.
أتذكر أننا أحضرنا لها الطبيب، وما كنت أراها إلا خارجة من غرفتها بسرعة إلى الحمام، وعندما سألت أمي: ماذا بها جدتي؟؟ ابتسمت قائلة: إنها تستحم.
تستحم!!!!
أتذكر أنها كانت تستحم عدة مرات في الساعة الواحدة، وحتى لا تصاب جدتي بعقدة الاستحمام تلك، أخذت أمي تخفي عنها الحلوى فلا تضع إلا بعض القطع في صحنٍ صغير، ولكن أمي لم تسلم من لسان جدتي أمام جاراتها.
آه عفوًا نسيت أن أعلمكم أن أخبار الضيعة كلها في قاموس جدتي، من يحب من، من سيتزوج من،
تلك الفتاة إلى أين تذهب وسلسلة طويلة من الأحاديث الفارغة.
ويومًا بعد يوم أخذت جدتي تتمارض، هذه الكلمة سمعتها من الطبيب عندما زارنا اليوم، تصرخ دائمًا محاولة كسب اهتمامنا مما جعل والدي يلجأ إلى حيلةٍ جميلة مستغلًا ضعف نظرها، وضع لها عددًا من حبات العدس في علبة دواء وأعطاها هذه الحبوب على ثلاث دفعات والحمد الله تحسنت صحة جدتي
وعادت إلى إرهاق أمي في المطبخ، إذ أن جدتي أطال الله في عمرها كانت تصر على مساعدة أمي في المطبخ، ففي اليوم الذي تساعدها به يتحول مطبخنا إلى خليط من الألوان فالقشور تتراكم على شكل مجموعات، أما الغاز (فحدث ولا حرج) يتحول إلى مزيج من القهوة والشاي والمرقة.
كانت كما يقولون خمخومة، إذ كانت أمي تعثر على الخبز تحت وسادتها وعلى آثار الحلوى في جيب فستانها، هذا إضافة للفواكه التي كانت تخفيها عني وعن أختي فتنساها.
كنت أسمع أمي تتمتم بكلمات غير مفهومة بعد أن تخرج من نقاش حاد مع أبي الذي كان يضحك بملء فمه على تصرفات أمه.
منذ أيام ماتت جدتي لقد بكت أمي عليها، غريب كنت أعتقد أنها لا تحبها، لكن الواضح أنها لم تنس الخبز والملح، أما كيف ماتت، فقد كانت جدتي مصرة على صعود شجرة الزيتون لمساعدتنا وكانت ترد على أبي بابتسامة لا تخلو من الغضب عندما يطالبها بالنزول «سكوت ولك أنا فيني عزم أكتر منك ومن كل أولاد جيلك».
وسقط سوبرمان جدتي عن شجرة الزيتون كما يقول المثل «لا من تمه ولا من كمه». لكن حين نظفت أمي غرفة جدتي حفيظة بعد خلو بيتنا من المعزين، تفاجأت بوجود صحن مربى للعنب يغصُ بالنمل تحت سريرها مما جعلها تصرخ قائلة: «آه وبعدين راحت وتركتنا ها الثروة وراءها».
القصص الـ 10 المشاركة في تصويت الجمهو
المحكمة: رحاب الطائي- العراق
- تحت الأنقاض: صلاح طاهر الطوعري- اليمن
- جدتي حفيظة: وسام محمد دبليز- سوريا
- جرعة ثقة: يونس الشرق- المغرب
- سيدويه: أحمد مصطفى- مصر
- فقاعة: أسماء منصور المصري- اليمن
- في حضرة كاتب: سعيدة بوساحة- الجزائز
- كنت سأربح المليون: أحمد مصطفى العز- مصر
- متلازمة الصغر: حمادي أبوبكر - الجزائر
- مشكلة لكل حل: نور البخيت- الولايات المتحدة الأمريكية
الرجاء التصويت للقصة الفكاهية القصيرة التي تجدونها الأفضل: