فقاعة!
بعد أسبوعٍ من الزفاف.. خرج أُسامة في نزهته الأولى مع عروسه.
فتاة ريفية صغيرة، قطعتْ أمه أشواطًا طويلة بحثًا وتنقيبًا.. لتنتقيها حسب مواصفاته.. (أجمل فتيات القرية، وأدناهن تعليمًا).
ظلَّ يحدِّثها طوال الطريق عن نفسه.. عن جامعته العريقة، أساتذته وأصدقائه، إنجازاته العلمية والشخصية، هواياته المتعددة والأماكن الفخمة التي يرتادها بصحبة رفاقه من ذوي الأصول والنفوذ.
وصلا إلى السوق التجاري الكبير الذي افتِتح حديثًا.. أحضرها إليه متعمِّدًا متابعة مسلسل «إبهارها».. يسير أمامها مؤتزرًا ثقافته الواسعة، طافٍ في فقاعة خبرته العريضة بالأمور.
من محل إلى محل.. كان يريها الأشياء والبضائع الثمينة والعصرية دون أن ينسى زجرها بين الحين والآخر لتُسْدِل الغطاء جيدًا على وجهها وعينيها.. فيما يواصل استعراض مقدرته على المبايعة وإحراج البائع ببعض الأسئلة والعبارات... لتُشاهِد كم هو فَطِنٌ حَذِق!
طوال الوقت لم تنبِس ببنت شفة.. تسير بهدوءٍ تام.. تتبعه كأنها ظله.. حتى فاجأتهُ في أحد محلات العطور حين سألت البائع عن سعر قنينة العطر التي أمامها على طاولة العرض، تحوَّل البائع إليها، بدأ يعرض عليها مميزات هذا العطر النفيس، ويُشيد بحُسن اختيارها الذي ينمُّ عن رقيٍ وذوقٍ رفيع.. في حين تحوَّل زوجها إلى وحشٍ مُحمرِّ العينين، يزفر غيظًا، ويغادر المحل فورًا فتتبعه مُرتبكة:
ـ ألم آمركِ بعدم التحدُّث إلى الرجال؟!
همستْ بخوف:
ـ أردتُ أن أسأل عن قيمة العطر فقط!
ـ وأنا.. ماذا تظنينني بجوارك.. «قفص جوافة»!.. قولي لي ما تريدين وسأسأله بنفسي..
ـ أنا آسفة.
ـ لن أتهاون معكِ إن تكرَّر هذا الأمر.
تابعا السير وهو يواصل دوره الاستعراضي في أرجاء السوق.. طلب لها ما تأكله في أحد المطاعم، لأنها لا تعرف الأفضل.. ويخشى أن تسبب له الإحراج بغبائها كما يردِّد.
مرت ساعتان من التجوُّل، لم تستمتِع خلالها العروس للحظات.. وأمام أحد محلات الهواتف الذكية، توقَفتْ فجأة:
ـ ما بكِ!.. لِمَ لا تواصلي؟
ـ لا أستطيع..
ـ لماذا؟
ـ أريد الذهاب إلى الللــ ...
ـ ماذا؟.. الآن.. «تلفَّتَ حوله» هنا.. أنتِ تتعمدين إحراجي لا محالة.
ـ مطلقًا.. سأذهب وأسأل عن دورة المياه الأقرب وأعود بسرعة.
ـ مرةً أخرى!.. أتنوين تكرار ما حدث؟
ـ فماذا أفعل إذًا؟
ـ اصبري قليلاً ريثما نعود إلى البيت، سنغادر الآن.
مُمسكةً على بطنها:
ـ لا أستطيع!
كاد يفقد صوابه لكنه ابتلع ثورة غضبه، وتصنَّع ابتسامةً باهتة:
ـ ابقِ هنا حتى أسأل وأعود حالاً!
سأل أحد رجال الأمن عن مكان دورة المياه، فأشار له الشرطي إلى الممر الأيسر عند الزاوية.. عاد إليها هامسًا مُتلفِّتًا:
ـ هناك.. أسرعي.. ودون أن يلاحظكِ أحد!
أسرعت العروس نحو الاتجاه الذي أشار إليه..
صوب دورة المياه الخاصة بـ«الرِجَال».
القصص الـ 10 المشاركة في تصويت الجمهو
- المحكمة: رحاب الطائي- العراق
- تحت الأنقاض: صلاح طاهر الطوعري- اليمن
- جدتي حفيظة: وسام محمد دبليز- سوريا
- جرعة ثقة: يونس الشرق- المغرب
- سيدويه: أحمد مصطفى- مصر
- فقاعة: أسماء منصور المصري- اليمن
- في حضرة كاتب: سعيدة بوساحة- الجزائز
- كنت سأربح المليون: أحمد مصطفى العز- مصر
- متلازمة الصغر: حمادي أبوبكر - الجزائر
- مشكلة لكل حل: نور البخيت- الولايات المتحدة الأمريكية
الرجاء التصويت للقصة الفكاهية القصيرة التي تجدونها الأفضل: