أصبحت الأغنيات السينغل ملاذًا لكل النجوم في العالم العربي، ورغم أنّ كثيرًا من المطربين كانوا يحرصون من وقت لآخر على طرح ألبومات، إلّا أنّ الغالبية العظمى تصر على عدم اللجوء نهائيًّا إلى الألبومات، لأسباب كثيرة نكشفها في هذا التحقيق.
في البداية يقول الفنان علي الحجار: الأغنيات السينغل أصبحت البديل المناسب لحضور المطرب على الساحة الغنائية، لأن المهنة تواجه صعوبات كثيرة ومتعددة، أولها أنّ سوق الغناء تراجع بشكل كبير جدًّا، ولم يعد المنتجون متحمسين للإنتاج، بسبب عمليات القرصنة التي تتم للألبوم قبل طرحه في الأسواق، وأنا شخصيًّا أُنتج أعمالي الفنية جميعها، سواء كانت ألبومات أو أغنيات سينغل، وأرى أنّ لجوء المطربين لهذه الطريقة لكي يكونوا حاضرين بالشكل الذي يقدّم لهم مزيدًا من الحلول، كما أنّ معظم الذين يطرحون أغنيات سينغل، يقومون أيضًا بتصويرها بطريقة الفيديو كليب، ثم بعد ذلك طرحها في الأسواق من خلال موزعين .
ولا أقول إنني تخليت عن تقديم ألبومات، لكنّ الألبومات أصبحت بالنسبة لأي مطرب يريد أن يحضر بها مثل الماضي صعبة، وحلت محلها الأغنيات السينغل.. وأرى أنّ إنتاج الألبومات من الممكن أن يعود مرة أخرى، لكن في حالة واحدة وبشكل مكثف، أن يتم القضاء على القرصنة تمامًا، ويتم عمل قوانين تجرّم ذلك.
طريقة جديدة
أما المطربة أنغام التي اعتادت طرح أغنيات سينغل، آخرها "قول حاضر" الخليجية، تؤكد: أغنيات السينغل بالفعل سهلة وتمثل طريقة جديدة لحضور الفنان ، فمثلًا عندما أجد أغنية جيدة لمناسبة، من الممكن أن أدخل لتسجيلها وتصويرها فورًا، على عكس الفترة الماضية، كنت أنتظر حتى أُكمل الألبوم بالكامل، كما أنها أتاحت فرصًا أخرى لكي نقوم بعمل ميني ألبوم، مكون من أربع أو خمس أغنيات، فالألبومات مكلفة ومرهقة في هذه الفترة، بخاصة أنّ معظم المنتجين يعتمدون فقط على التوزيع وليس الإنتاج، ولكن أصبح هناك أمر واقع للجميع، أنّ التكنولوجيا والحقبة التي نعيشها لها متطلّبات كثيرة في الإنتاج والتسويق، ويجب على المطربين التعامل معها إذا أرادوا أن يستمروا.
ولكن سواء الفنان قدّم ألبومًا أو أغنية سينغل، يجب عليه أن يركز جيّدًا في ما يقدمه، لأنه يجب أن يقدّم اغنيات ذات قيمة، وفي النهاية، العبرة ليست في الكمّ بألبوم غنائي يضم 20 أغنية، ولكن بالكيف في كل ما نفعله .. وللأسف في هذه الفترة أصبح الاستسهال في الكلمات والألحان، هو السمة الغالبة لبعض المنتسبين للساحة الغنائية، ورغم أنّ بعضهم يحقق نجاحًا، إلا أنه نجاح وقتي.
على وضعك
حكيم تحدّث عن سبب تركيزه في طرح أغنية سينغل كل 3 شهور، وآخرها أغنية "على وضعك" التي طرحها قبل أسبوعين، وهل هذه خطة يسير عليها أم إنها صدفة قال:
الأغنيات السينغل الطريق الأنسب للحضور على الساحة، ولم يعد الألبوم يحقق أي نجاح على عكس الماضي، لأننا في زمن الشباب، لا يمكن أن يقوموا بسماع 12 أغنية دفعة واحدة، ولكن يتفاعلون مع أغنية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وأنا أتعامل بشكل فيه جزء كبير من المنطق في ما أطرحه فنيًّا، بحيث أحضر بأغنية كل فترة، واقوم بتصويرها بشكل عالمي وبتقنيات حديثة، وأُنفق عليها ثم أقوم بطرحها في الأسواق من خلال القنوات، وبذلك أحقق انتشارًا كبيرًا أرضى عنه، وليس معنى ذلك أنني لا أنتقي الألحان أو الكلمات، على العكس تمامًا أحرص على سماع أغنيات لمختلف الشعراء، وأقوم بالتعاقد عليها، لكن أفضّل طرح أغنية فردية كل فترة، لأن الالبومات غير مجدية على الإطلاق، وضد منطق السوق ،لأنّ الألبوم الواحد عند طرحه، كان يبيع بآلاف النُسخ في اليوم الواحد، لكن حاليًّا يتم سرقته قبل طرحه في الأسواق من خلال القرصنة.
أحمد سعد اتفق مع حكيم في الكثير من النقاط قائلًا : الأغنية السينغل تمثّل الحل النموذجي للفنان، لكي يكون حاضرًا في ظل عدم انتظام السوق الغنائي، وتراجع معدلات الإنتاج بشكل غير مسبوق، وبالنسبة للمطرب الشعبي أيضًا تكون ملحّة له وضرورية، لكي يستطيع أن يحضر في الحفلات والأفراح .. وأرى أنّ الأغنية السينغل حل بسيط وسلس للكل، ولو نظرت مثلًا لأغنية "بحبك يا صاحبي" قدّمتها تيتر لمسلسل "ولد فضة"، وحققت الأغنية صدًى كبيرًا جدًّا في السوق، وأرى أنّ نجاحها فاق كل أعمالي.
ويضيف، عندي تصور عن الأغنيات بأنها تحقق نجاحات بقدر الاهتمام بها، الأغنية التي تنجح لفنان، من الممكن أن تصنع منه نجمًا كبيرًا، فمثلًا ما زلنا نتذكر أغنية "لولاكي" عندما تم عرض الألبوم لم يلتفت أحد لأي أغنية فيه، ولكن هذه الأغنية أثّرت في كل المصريين والشعب العربي من أقصاه إلى أدناه، وكان يسمعها بكثافة، ولكن لا يمكن أن نتجاهل أنّ الألبوم أيضًا، يمثّل حالة مزاجية عندما يتعرض لها الجمهور، تساعده على منح المطرب ثقة أكبر في نفسه.
نيكول : أُنتج لنفسي
أما نيكول سابا التي طرحت أغنيات سينغل فقالت: أُنتج لنفسي مثل كل النجوم، وهذا ليس استسهالًا منّا بل رغبة في الحضور بأقل الخسائر، لأنّ تكلفة ألبوم يضم على الأقل 10 أغنيات، وبعدها يتم تصوير أكثر من أغنيتين، ليست بسيطة على الاطلاق ،وبالتالي كل المطربين يبحثون عن التواصل مع جمهورهم بأغنيات سينغل، وإذا أتيحت فرصة الألبوم من الممكن أن يقدّموه، لكنّ الوضع سوف يستمر على الأغنية السينغل لأنها الحل النموذجي للفنان .. وهذه ليست ظاهرة عربية، بل موجودة في كل دول العالم، ومع الوقت أعتقد أنها ستكون البديل المناسب للألبومات، في ظل التطور السريع الذي يمر به العالم خلال الفترة الحالية، والذي أثّر بدوره على الحياة، وأصبحت سريعة جدًّا.
طريقة خادعة
الناقد والموسيقار منير الوسيمي نقيب الموسيقيين الأسبق، يرى أنّ الأغنيات السينغل انتشرت وساعدت على وجود مطربين كثر في الساحة الغنائية، لكنها خادعة، لأنها من الممكن أن تساهم في صناعة نجم فجأة، وهو ما نسمّيه أنّ الأغنية "ضربت معاه"، لكن الفيصل في الحكم على المطرب ومدى تطوره في الموسيقى والغناء بألبوم كامل.
ولو نظرنا إلى القامات الغنائية الكبيرة في الساحة الغنائية، لرأينا انهم لا يتخلون على الإطلاق بأي صورة، عن البوم يعملون عليه لمدة عام أو اكثر، وخلال هذه الفترة قد يقدّمون أغنية سينغل، لكن المطرب الحقيقي لا يمكن أن يتنازل عن الألبوم، لأنه الحالة الغنائية المتكاملة.
ويضيف منير الوسيمي قائلًا : ما نعيشه الآن يمثّل فوضى غنائية ساهمت أغنيات السينغل في انتشارها مثل المهرجانات، والمدّعون بأنهم مطربون والذين يقدّمون كلمات في منتهى السوء، لا يتقبّلها الشعب العربي كله، ولكنّ المطربين في النهاية لا يجدون اي وسيلة حاليًّا، في ظل امتناع المنتجين عن الإنتاج، سوى التنفس الغنائي من خلال هذه النوعية، وأنا لست ضدها، لكنّ اعتماد المطرب عليها فقط من دون الألبومات، سوف تقلّص شعبيته لدى جمهوره الذي اعتاد دائمًا أن يستمع إليه في أغنيات عدة مختلفة.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي