خصوصية الحزن

مها الأحمد 

 

عزيزي منتهك خصوصية الحزن تحت مسمى الاهتمام والتعاطف..

أليس بمقدورك أن تقف بجانبي كمشاهد صامت من دون أي تحليل لحالتي أو لشخصي؟!

 وإن حدث يوماً ودعوتك إلى فنجان قهوة أو للحديث معك اكتفيت بدعوتي وبالأحاديث التي أفتحها من دون أن تطرح علي أسئلة تضعني أجوبتها تحت مجهرك التحليلي؟! 

قل لي ماذا استفدت من انتهاك خصوصيتي وماهي مكاسبك الحقيقية وراء سلبي إياها؟! وهل أنت أساساً تؤمن بحقي في أن يكون لي حياتي الخاصة التي لا شأن لك بها، والتي لن تطيلها تحليلاتك الفريدة والدقيقة؟

 فمثلاً حينما وجدتني ذات مرة حزينة ومنطفئة خطفت مني العتمة وكأنك أصبحت حزيناً فجأة تتألم وتعاني وتزايد علي!! وحينما فشلت ولم تستطع إثبات هذا صَغَرت في عيني الألم، وحرصت على التقليل من حجم ما أشعر به وكأنك تستكثره علي!!

أنت لا تتوقف عند هذا الحد لا بل تلاحقني في مراحلي وتتابع حالتي النفسية أكثر مني، فإن أنا اعتزلت وقررت العيش مع الألم على انفراد وابتعدت لبعض الوقت مختصرة كل الأحاديث المؤلمة، واتخذت الصمت موقفاً لي وعنواناً لشعوري، خرجت بتحليل جديد ووصفتني بالمبالغة. وإن قررت المضي في حياتي قذفت علي بتهمة اللامبالاة. وإن أنا طاوعتك ومشيت على إثبات العكس وتحدثت مفرغة حقائب حزني من حِملِها الثقيل؛ ردَدْت على مسامعي قائمة النعم التي منّ الله بها علي وجحدتها وكأنك تشكك بإيماني!!

 ما هو الحل برأيك؟!

كيف لي التخلص منك ومن تحليلاتك؟!

لماذا لا تحاول أن تمنحني مساحة للعيش مع خصوصيتي بأمان؟!

قل لي متى تحترم الحزن وتخجل منه؟!

كم ساعة في اليوم تملك لتجد لنفسك وقتاً للشعور بك وبغيرك وأنت تتبعني كظلي، وكأن حياتي مباحة لك أو ملكك!! 

  صدقني يا عزيزي لا أحد منا يحترم دورك في هذه الحياة ويقدره، وإن نكرنا تعاطفك يوماً فهذا لأنك لا تتقن التعاطف بالقدر الذي لا تعرف به معنى الخصوصية، لذا خذ فترة راحة أو حتى قدم استقالة عن دورك في هذه الحياة واكتفِ بأن تكون إنساناً بلا تحليل لأننا سنحتاجك  أكثر.