مما لا شك فيه أن المسلسلات التركية أصبحت الشغل الشاغل للمشاهدين في كافة الدول العربية ولكن هل تعرفون أنها أيضاً إجتاحت معظم البلدان الآسيوية وشمال أفريقيا وبعض البلدان الأوروبية كاليونان على سبيل المثال؟ فالملايين يتسمّرون يومياً أمام الشاشة الصغيرة لمشاهدة المسلسلات التركية ولا سيما الأكثر شعبية منها وأعني بذلك "نور" و "فاطمة" و"حريم السلطان" وغيرها.
لم يكتف هؤلاء المشاهدون بمتابعة المسلسلات بل إنعكس ذلك على رغبتهم في زيارة الأماكن السياحية التي شاهدوها فيها واختاروا أيضاً أسماء أبطالها لأولادهم المولودين حديثاً. منهم من وجد القصص ملهمة ومحفزة وهنا يطرح سؤال واحد: هل أصبحت هذه المسلسلات أشبه بصك "سلطة سياسية ناعمة" تعكس رغبة تركيا في لعب دور بالغ الأهمية في المنطقة؟!
هذا النجاح دفع المخرجة اليونانية "نينا ماريا بسكاليدو" الى تصوير فيلم وثائقي أطلقت عليه عنوان Kismet وترجمته الى العربية "القسمة"، تناقش من خلاله هذه الظاهرة مع ناس عاديين وبعض المحافظين من المسلمين والمسيحيين. ولهذا الغرض، قامت "نينا ماريا" بزيارة الى أبو ظبي والقاهرة وأثينا وموستار وصوفيا وإسطنبول، حيث سجّلت مقابلات مع نجوم ومخرجين وكتّاب سيناريو ومتخصصين بعلم الاجتماع وبعض المعجبين بهذه المسلسلات وطبعاً معظمهم من النساء.
في القاهرة، يظهر الفيلم تأثير المسلسلات التركية بتحفيز النساء في محاولة لتغيير حياتهن، خاصة بعد فشل الربيع العربي في إحداث تغييرات حقيقية لصالح حقوق المرأة. وتقول الناشطة المصرية سميرة التي عانت من الاعتداء الجنسي على أيدي مسؤولين في الجيش خلال الثورة: " نحن (أي النساء) بحاجة الى المسلسلات التركية مثل "فاطمة" التي تلقي الضوء بصراحة على حقوق المرأة، وتكسر المحرمات وتحث النساء على الكلام"، وتتابع حديثها قائلة: " في هذا المسلسل، تتعرض امرأة الى الإغتصاب لكنها تجد الشجاعة في نقل ما مرت به إلى القضاء". وبالفعل رفعت سميرة دعوى قضائية ضد الجيش للاعتداء الجنسي وفازت في قضيتها، وأنهت بالنصر اختبارات العذرية في مصر.
اما في أبو ظبي، فيسلّط الفيلم الضوء على قدرة المسلسلات التركية في جذب المشاهدين الإناث هناك، لأنها بكل بساطة تظهر طريقة النساء التركيات في التعامل مع التحديات الحديثة والقيم التقليدية. فهذه المسلسلات تتطرق الى ممارسات موجودة في الشرق الأوسط وفي دول الخليج بما في ذلك الزواج التقليدي، والعنف ضد المرأة و جرائم الشرف. فعلى سبيل المثال المسلسل التركي '"نور" نال شعبية ورواج فوري في العالم العربي حيث تمر البطلة في معاناة قبل اكتشاف الحب والرومانسية الحقيقية، ملهمة بذلك امرأة إماراتية على رفض زواج غير مرغوب فيه. وتقول كاتبة سيناريو فيلم Kismet: " ليس من السهل على المرأة في الشرق الأوسط أن تمتلك هذا النوع من العلاقة الرومانسية مع زوجها، لذلك نال المسلسل رواجاً.
وفي أثينا، تفوقت المسلسلات التركية على المحلية، فهناك ساعدت هذه المسلسلات على كسر الصورة النمطية السلبية للرجال والنساء المسلمين. كما شجعت النساء على التواصل مع القيم الأسرية التقليدية التي فقدتها مجتمعاتهن بانخراط اليونان في المجتمع الأوروبي.
يعرض الفيلم الوثائقي Kismet على محطة "الجزيرة" التي شاركت في إنتاجه في عرض أول نهار الأربعاء 27 نوفمبر الساعة 20:00GMT
تابعوا أيضاً:
بالفيديو: المشاهد الأولى لفيلم النبي نوح "Noah"