أدعي بأنني باحث وممارس في فهم أغوار النفس البشرية، ولديّ أبحاثي وتجاربي في مختبر التجربة اليومية، في الحياة والناس والسياسة والديوقراطية، وأرصد تحولات الناس في قبول ورفض الآخر!
وتشغلني كثيراً مسألة الأفكار المسبقة عند الناس في أي قضية تطرح للنقاش
لأن الناس في الأصل قضاة على مايحكمون دون أفكار مسبقة
وأذكر عندما فرغ الفنان الجميل الراحل أحمد زكي، من إنتاج فيلمه أيام السادات وراح يعد العدة لعرض الافتتاح الخاص للفنانين والنقاد أرسل دعوة الافتتاح على الطريقة التالية
«أرجو عدم اصطحاب الأطفال..والكاميرات والأفكار المسبقة».
أحمد زكي عندما فعل ذلك يمر بمرحلة متقدمة من الوعي، فهو في هذه التجربة، أصبح أكثر نضجاً فنياً وسياسياً، وكان أكثر وعياً بأن الناس تحب وتكره على طريقة الأهلي والزمالك.. فالأهلاوية لا يرون من كل الألوان سوى اللون الأحمر.. والزملكاوية لديهم عمى ألوان.. فلا يوجد أي لون في العالم سوى لونهم.. لذلك أراد أن يقول للناس إن عبدالناصر ليس على طول الخط هو كل الألوان وما عداه هو العدم.. فالآخرون ليسوا دائماً هم الجحيم.. ومن هؤلاء الآخرين أنور السادات.
وهو كان يدرك أنه بهذا الكلام كما لو أنه يقف في صفوف جماهير الأهلي على المدرجات ويقول إن الزمالك حديد.. فهو في أفضل الأحوال «سيضرب بالجزم» على طريقة اللي يحب الأهلي «يضرب» وكل جماهير الأهلي تحب الأهلي لذلك «ستضرب» لتثبت ولاءها وحبها للأهلي.
في هذا العمل كانت جماهير الأهلي هي جماهير عبدالناصر، وأحمد زكي كمان يشجع اللعبة الحلوة بعيداً عن أهواء الأهلاوية وتشنيج الزملكاوية.
دعوة أحمد زكي هذه بعدم اصطحاب الأفكار المسبقة توازي الدعوة لعدم اصطحاب الأطفال في مكان لا يستحب فيه وجود أطفال وربما أكثر أهمية.. لأن أطفال الأفكار المسبقة أكثر عبثاً من عبث الأطفال، ومع كل ذلك في كل دعوة نجد أن الناس تصطحب أطفالها وأفكارها المسبقة!
الفرق أن نظرة الناس للناس التي تصطحب أطفالها أنهم غير متحضرين.. أو غير متعلمين.
أما الذين يصطحبون أفكارهم المسبقة فهم متحضرون ومتعلمون جداً!!
شعلانيات:
*رؤية الناس للحياة هي كتاب من تأليفهم
البعض كان كاتباً ومؤلفاً عظيماً ارتقى فوق السطور
وبعضهم عاش بين السطور!!
*الإنسان الواعي هو من يحترم الفكره حتى لو لم يؤمن بها!
* هناك طريقتان ليكون لديك أعلى مبنى وأجمل معنى:
إما أن تدمر كل المباني من حولك، أو أن تبني أعلى من غيرك..
اختر دائماً أن تبني أعلى من غيرك!