أنصت إلى صوت التصفيق لك..

مها الأحمد 

 

نصاب بعد أن نتذوق حلاوة النجاح الذي لطالما سعينا للوصول إليه بهاجس يظهر بشكل مفاجئ وينتشر سريعاً عابراً أدق تفاصيلنا وأفكارنا وإيماننا بأنفسنا حتى يصبح حالة مُثبَته

 لا يمكننا إنكارها أو التغاضي عنها، تدعى بـ "هوس الاستمرار".

هذا الهوس الذي يتشبث بنا ويطاردنا حتى وإن تُوجنا على أعالي قمم النجاح وأصبحنا قدوة يحتذى بها لكل ناجح مُستجد، بل إن هذا الهوس يتعاظم مع كل نجاح يولد وانجاز يُحقق، فعلاقته التي تربطه بالنجاح هي علاقة طردية وطيدة "يزيد هوسنا بالاستمرار كلما زاد نجاحنا أكثر".

من أعراض هذا الهوس أننا نصاب بنوبات من الهلع تُتَرجم مخاوفنا المتزاحمة في حيز اللاوعي. كخوفنا من أن تتضاءل أفكارنا، وأن تنقطع سلسلة الإبداع وتصبح غير قادرة على تلبية كافة متطلبات النجاح الجديدة وقوانينه الصارمة، وأن تنعدم رؤيا خطواتنا القادمة فتضِل الطريق. وأن نُهجر من أماكننا ونعود إلى حيث بدأنا وكأن هذا النجاح لم يكن.

ومن علاماته أيضاً أنه يخطف منا عفوية السعادة، فبقدر ما ننتشي من وهج النجاح الذي حققناه والضجيج الذي أحدثناه من فرط حماستنا به، بقدر ما ننطفئ ونتراجع سريعاً بسبب

 إحدى نوبات الخوف الخبيثة التي قد تشعلها أبسط الأشياء المهددة لاستمرارنا.

دوماً هناك صوت يُردد على مسامعنا تساؤلات عن متى سنتوقف؟ وإلى متى سنصمد؟ وإلى أين سنصل؟ وهل يمكننا نسيان طعم النجاح! هل هناك من يترقب خسارتنا ونخاف انتصار شماتته؟!

هل يا ترى نحن حقاً ناجحون أو قادرين على الاستمرار فيما حققناه؟ كيف ولمَ وعلى ماذا نحافظ؟

كومة من الأسئلة التي لا جواب يخمدها ولا حتى السكوت والتجاهل كفيل وقادر على إيقافها ونهرها عن إخافتنا، تصرخ في وجوهنا من دون كللٍ أو يأس، مهما جاهدنا للفرار منها ستستمر في المثول أمامنا.

علاجنا الوحيد هو أن نثق بنجاحنا وصلابته، فهو ليس هشاً ليهزم بهذه السذاجة ولا من شيمه أن يغلق أبوابه في وجوهنا لمنعنا من المضي بعد أن فُتحت لنا أول مرة..

 

لنطمئن ونترك هوسنا يهدأ ويستمع معنا إلى صوت التصفيق.