نخاف من الحب ونتحفظ في الإفصاح عنه والتعبير عن سعادتنا المصاحبة له، ونحافظ على ثبات ملامحنا حتى لا يُفتضح أمرنا!
لماذا لا نعترف به! ونخاف من ذكره إن زار يوماً مجالسنا أو عانق أحاديثنا!
لماذا ننكر ضعفنا أمامه، وحاجتنا الملحة له، نتبرأ من حجمه إذا أوشك على المبالغة في الازدياد! وتُرعبنا فكرة التعود والتعلق بأحد!
نخاف نظرات الناس الناقدة، أقوالهم المندفعة، آراءهم الخاطئة، انتقادهم لنا، وحتى أننا نخاف من سقف توقعاتهم إذا زاد ارتفاعاً أن يصعب علينا الوصول إليه، أو أن نقع يوماً منه إن حصل ووصلنا.
نخاف أن نتعثر ونخطئ في الحديث فنصمت، ومن الصمت أن يميل إلى اتجاه العزلة فينفر منا الأشخاص الذين تملؤهم الحياة وتعشقهم الدهشة.
نخاف أكثر من تلك الكلمات التي تستقر بين الصمت والحديث، ولا يعلم بوجودها أحد غيرنا.
نخاف من أن نرسل الرسائل فلا تصل، وإن وصلت ألا تُفهم كما كُتبت، ونخاف إن تركناها لوقت أطول أن تبني بيننا وبين الغير جداراً من الفراق المحتوم، والمشاعر المنتحرة.
نخاف من القرار الذي بعده يتغير كل شيء، ومن اختيار الوقت المناسب الذي نختبئ خلفه كمبرر لمواعيدنا المتأخرة مع النجاح الذي استاء من انتظارنا كل هذه السنوات ولم نلتق به بعد.
نخاف من الوداع المبكر، فنبتعد قبل التوقيت المحدد، نخاف من الرفض ونقبل ما لا نريد، فتضيع منا أنفسنا.
نخاف الدخول في الحرب فنُهزم باستسلامنا وخضوعنا، نخاف من العمر فتشيخ نفوسنا أسرع من سنين العمر.
نخاف من حقيقة أننا بحاجة إلى جلسات نفسية وتدخل طبي يرمم هشاشة نفوسنا وإرهاقها، فنغوص أكثر ونتسبب في أن يمرض مجتمعنا بسببنا فنتحول من ضحايا إلى مجرمين.
نخاف من التغير فنصاب بملل الرتابة، ونخاف من الغد فنعلق في أكثر الأيام السابقة قتامة.
نخاف من كل شيء، ومن أي شيء، ونخاف من الخوف أن يتملك منا.
الخوف هو العنوان العريض للفصول المظلمة في دفتر حياتنا، وهو المسبب الرئيس لترددنا وتوقفنا وتأخرنا عمن هم حولنا، غيّر العنوان أو اختر بداية فصل جديد من دون خوف ولا مخاوف.