عزيزتي المرة الأولى

مها الأحمد 

نسأل عن أحوالك دوماً، ونسترجع تفاصيلك بالحذافير بكل هدوء، دون أي خطأ أو تردد، نميزك ولا نستطيع أن نكون عادلين مع المرات الأخرى التي تليك، فالقلب يفضلك عنهم، ويجبرنا على اليقين والإيمان بأن ذكراك باقية، حتى وإن انتهت، أو إن هم رحلوا دون إذن منك..

نحتفل في كل سنة باليوم الذي معه كانت ذكراك، ليصبح جزءاً من تاريخنا، نستحضر مشاعرنا بك كاملة، دون أي نقصان، نكتب العديد من الرسائل والتهنئة لك، ولنا، ونعود بالزمن وكأنه يحدث الآن، نجد أننا لم ننس ماذا كنا نرتدي، نعرف التوقيت بالدقيقة والثواني، تفاصيل المكان، لون الجدران، ملمس الأرض التي نقف عليها، شكل اليوم وهيئته، درجة حرارة الطقس في الصيف، وكمية الأمطار التي كانت تهطل إذا كان الفصل شتاءً، الإضاءة وقوتها، صوت الأشخاص وأسماءهم، نوع الموسيقى، وكلمات الأغاني التي كانت تدور حولنا،  كلها أمور نحتفظ بها ونحفظها، حتى وإن قررنا نسيانها بقصد ونية  نخفق في ذلك.

تكونين الأجمل وتبقين كذلك، كأول لقاء بمن نحب، أول نظرة بعد العودة والغياب الطويل، أول كلمة جميلة قيلت، أول جملة تكونت، أول نجاح انتشينا بتحقيقه، أول مرة نرتدي بها الملابس ذات اللون الأبيض، التي لا يمكن أن تعود كما كانت مبتهجة بعد ثاني ارتداء، أول هدية قدمت لنا في عيدنا، أول نقود حصلنا عليها من عملنا الأول، أول قضية انتصرنا بها.

كثيرة هي المرات الأولى التي نعيشها، وكثيرة هي التواريخ التي تبقيها كذكرى لا ترحل ولا تنتهي مهما مر الزمن عليها، فهي لا تموت إلا بعد رحيلنا نحن.

صحيح أن البعض يتمنى لو أن باستطاعته محوك، وصحيح أنك الأكثر ألماً إذا لم يبق خلفك جيش من المرات يكمل الطريق، ولكن مع كل هذا، فأنت السبب بما نحن عليه، فكل ما فيك شكلنا وحدد شخصياتنا، وما نحن عليه الآن..

فشكراً لك..