لديه دوماً يقين بأن الاشياء من حولنا تتحدث وأنها تخفي عنا حقيقتها كل هذه السنين وتوهمنا على مر الأزمنة أنها جماد لا ينطق ولكنها في الواقع ليست كذلك!
ومن كم الثقة الهائلة التي يحملها لهذه الخرافة بدأ يجعلني أخمّن أحاديث وهمية وشبه منطقية للأشياء..
فمثلاً حديث أطباق الضيوف التي تشتكي للرفوف من أنها وحيدة ومنبوذة عن بقية الأطباق التي تذهب وتتنزه ثلاث مرات على الأقل في اليوم الواحد أما هي فلديها زيارات محددة كأيام الأعياد لنا.
شنطة السفر تشكو ألما نفسياً وتصرخ معترضة على رحلاتنا لمناطق هي لا تحبها ولا تريد العودة إليها، لديها فيها ذكريات سيئة فقد كسرت رجل صديقتها الحقيبة الصغيرة صاحبة الحظ العاثر، وتسبب ذلك الحادث للتخلي عنها ورميها بعد أن أفرغ كل ما في جوفها..
ملابسنا تشتكي من برد الشتاء حينما تُغسل وتترك على حبل الغسيل تحت تيار من الهواء القاسي ليجففها من دون أن يشفق على حالها..
مصابيحنا التي تخاف الظلام، وتود أن نتركها ولو لمرة واحدة وندخل للنوم لتنير لنفسها المكان.
المناديل البيضاء تتذمر من ملوحة الدموع التي تحرقها وتفتتها من دون رحمة إرضاءً لأحزاننا.
المدن التي زرناها تفتقدنا وتطلب منا العودة بالرغبة نفسها وتفاصيل المشاعر التي شعرنا بها حينما كنا معها..
هواتفنا تخبر الجميع بصوت مسموع وتنقل ما سمعته منا بحضور من تحدثنا عنهم ومعهم عبرها.
حساسة هي الأشياء ورقيقة كما نحن؛ بل نحن أكثر حساسية منها لكننا لا نحكي كل التفاصيل نخبئ منها الجزء الأكبر ولا نفضل البوح به حتى أمام أنفسنا مع أننا نمتلك الحق والامكانية لذلك، بعكس الأشياء المسكينة التي حتى لم تعترض على تخميناتي لأحاديثها البسيطة..