في واحدة من الأمسيات التي تعتبر من ذكريات الفن في التسعينات، أطلق الفنان عبدالله الرويشد أعمالاً من الماضي، وأطرب جماهير الدمام عندما تغنى لهم بكل إحساس ومشاعر. وبعد جولته الغنائية في السعودية، التي تمثلت في الرياض وجدة، جاءت بوابة الدمام ليكون لها نصيب من مسيرته الفنية، ليكتمل عقد حفلاته ضمن حفلات السعودية، فيما تم استئناف هذه الحفلات في نوفمبر الماضي ضمن الروزنامة الشتوية، التي أعدتها الهيئة العامة للترفيه، ونظمتها "روتانا للصوتيات والمرئيات".
بدأ الرويشد وصلته الغنائية بأغنية "لا تلومونه"، التي كتبها ولحنها الفنان علي بن محمد، ثم تبعها بأغنية "أبيك"، وهي من ألحانه، وكانت أغنية "تعال وما بقى لي يوم" الأكثر ترديداً من قبل الجماهير في لحظة مفعمة بالشوق والحنين، وبعد أن أدى ثلاثة أعمال رائعة، أشعل الحفل الجماهيري بأغنية "أنا مو ولهان"، وعندما أخذت الجماهير بترديدها، قال للجماهير الحاضرة: "أود أن أغني بينكم"، وخرج الرويشد عن المألوف، إذ يعتبر أول فنان يغني في حفلات السعودية، ويكسر الروتين، لينزل بين الحضور، ويردد: "أنا دنيا من التعب راحتها إيديك"، ولم تتمالك الجماهير نفسها، فبدأت بالتصوير معه، والتقاط "السيلفي" وسط ذهول الحاضرين، الذين بادلوه التحية وغنوا معه، لتكون ابتسامة سالم الهندي حاضرة في هذا الموقف، الذي تكلل بالنجاح، ويعكس مدى حب الرويشد لجماهير الدمام، والذي تحدث في بداية الحفل، ذاكراً أنه سعيد؛ لأنه يغني بين أهله وناسه.
وبعد ذلك، تغنى بعمل واحد من أعماله الجديدة، وهي أغنية "تبي تعرف"، التي صورها بطريقة الفيديو كليب، وكانت هي الأغنية الجديدة الوحيدة المغناة، ليعود بعد ذلك، ويردد بعض أعماله الخالدة، وتغنى بأغنية "أنا بتبع قلبي"، "تصور"، "ما في أحد مرتاح"، ليختم سهرته الفنية بواحدة من أجمل ما تغنى به في نهاية التسعينات "الي نساك".
وحول سؤال "سيدتي"، الذي طرح على الرويشد حول نشاطه الواضح في 2018، بداية من حفل الدمام، ويعقبه مباشرة حفل في الشارقة، ثم الاتجاه لحفلات فبراير الكويت، أكد أنه متفائل هذا العام، ويتمنى أن تكون سنة جميلة ومتميزة، ويتمنى الاستمرار في حفلات السعودية، مضيفاً: أحضر لألبوم جديد، يشاركني فيه الشاعر عبداللطيف البناي ومجموعة من الشعراء والملحنين".
وعلى السياق الفني، أطل الفنان عبادي الجوهر، الذي ناصف الرويشد بالحفل، وعند لحظة صعوده على خشبة المسرح، أكد للحاضرين اعتزازه وسعادته بالوقوف أمامهم بعد غياب طويل منذ الثمانينات، حيث كانت آخر وقفاته في المنطقة.
استهل الجوهر أول أعماله بأغنية "خلاص أرجع"، التي طرحت في ألبومه الجديد، وصدر في أول أيام عيد الفطر الماضي، وحققت النجاح والانتشار من خلال تأديتها في معظم حفلاته الأخيرة، وتزامناً مع شهر يناير، وفي بداية السنة الجديدة، قدم أغنية "العام الجديد"، الذي يتمنى فيه محبوه أن يكون عاماً مكللاً بالنجاح لعبادي، واستوقف الجوهر الجماهير قائلاً لهم: "اسمحوا لي بهذه المناسبة أن أغني عملاً جمعني مع الراحل الملحن صالح الشهري". وقدمت الجماهير التحية لعبادي، وقدم لها أغنية "كل ليلة أتذكرك" في إنارة شمعته الراحلة، ومازالت متعلقة بالأذهان.
ولأنها ليلة استثنائية تميزت بأعمال الماضي، التي حظي الجمهور بسماعها، أعاد بهم الذاكرة لأغنية "أختفت" من كلمات محمد بن خالد وألحانه، كان قد صدح بها في أواخر الثمانينات، ليربط بها الماضي بالحاضر. وتلبية لطلب الحاضرين بتأديته أعمالاً "بالعود"، تغنى بأغنية "أن حكت"، وذلك بعد الطلب المتزايد ممزوجة ببعض التقاسيم التي اشتهر بها، واختارت الجماهير أغنية "ما عاد هو بجاي" لتأديتها بالعود أيضاً، وسط انسجام وتفاعل مشوق، وتألق في سماء الساحل الشرقي، ليعود بأذهانه "بسكة طويلة" إحدى أشهر أغانيه، وتعتبر من الأعمال الملهمة.
"ما تخون الملامح"، "ودي"، "وش فرق"، "كذاب"، جميعها أعمال تغنى بها الجوهر وسط حضور 3000 شخص، ليختم بأغنية "قالوا ترى"، وألقى التحية على المايسترو أمير عبدالمجيد، الذي تمكن بنجاح من قيادة الفرقة الموسيقية للحفل، الذي استمر لما يقارب الثلاث ساعات، وقدم الحفل الإعلامي في "روتانا" فهد بن شليل.
وفي طرح لسؤال "سيدتي" عن جولته الفنية، التي قدمها، وكانت بين جدة والرياض، واليوم جماهيره في الدمام متعطشة لطلة عبادي، كيف كان يرى ذلك؟ أكد أنه منذ الثمانينات لم يغن في المنطقة، وأنها فرصة أكثر من سعيدة أن يغني لجمهوره الكريم، ولأنها أيضاً منطقة عزيزة عليه.
وعن أعماله الجديدة في الساحة الفنية، أكد أن هناك "ميني ألبوم" جديد سيطرحه خلال شهر، وسيكون مكملاً لألبومه الأخير.
لماذا كان الحفل استثنائياً؟
المتابع لجميع حيثيات الحفلات التي أقيمت في السعودية يعلم جيداً مدى التطور الكبير للصناعة الترفيهية والسياحة، وتمثل أيضاً بإقامة الحفلات الغنائية، ولكن كان حفل النجمين الجوهر والرويشد الأكثر تميزاً، بداية من هذا العام الجديد؛ نظراً لما شهده من مقتطفات جديدة، واحتضن بذلك مركز معارض الظهران في الدمام الحفل لأول مرة بعد أن اعتادت الجماهير بالشكل المسرحي المتمثل بالمدرجات، فكانت المقاعد المخصصة للحفل متساوية مع الجميع على شكل مقاعد متسلسلة.
والمفاجأة أيضاً نزول الرويشد عن المسرح وغنائه بجانب جماهيره بعد أن ردد الحضور معه إحدى أغانيه، قابلهم بذلك في التعبير عن شعوره تجاههم، كما أن الحفل خصص لتقديم أعمال خالدة منذ زمن التسعينات.
الرويشد إلى الشارقة والجوهر إلى جدة
بعد انتهاء الحفل، غادر الفنان عبادي الجوهر إلى جدة لإحياء حفل سيجمعه مع الفنان رابح صقر ضمن حفلات السعودية، بينما غادر الرويشد إلى إمارة الشارقة لإحياء حفل سيجمعه مع الفنانة بلقيس على مسرح المجاز.