الأمل والحلم هما لا ينفكان عن مداعبة خيال المرأة حين تتزوج، فزوجها في نظرها لن يكون صورة مكررة للزوج الذي استهلكته الأفلام العربية القديمة، حين يعود في المساء متأبطاً البطيخة «إياها» ومحتضناً الجريدة أيضاً؛ ليقبع في البيت بعد انتهاء الدوام في انتظار الغد القادم برتابته ومحدوديته، ما الذي تغير؟ الزمن ومتطلبات الحياة لتصرخ معظم الزوجات: زوجي بلا طموح وأنا محبطة.. وتضيف أيضاً: الحياة متطلباتها كثيرة وآمالي وأحلامي كانت واسعة، فهل تستسلم الزوجة للزوج غير الطموح؟
دب كسول
عندما كان خطيبي لا يحبه والداي، والسبب أنه بلا طموح كما يريان، ولكني علقت على الأمر بأني سوف أجعله يتغير بعد الزواج، فقد كان طموحه أمام أبي أن نتزوج، ونأكل، ونشرب، ونعيش كباقي خلق الله، ومعنى ذلك أنه لن يستطيع أن يوفر لي ما كنت أمتلكه من حياة عند أبي، وقد تم زواجنا بناء على إصراري، وعلى ثقتي العمياء، والتي كانت عمياء حقاً أنه سوف يتغير. مر أكثر من عام على زواجنا أنجبت خلاله ابني الوحيد، ولم يتغير شيء في نمط حياتنا، فزوجي لديه وظيفة بسيطة وشهادة متوسطة، ولم يفكر أن يبحث عن وظيفة أفضل، أو أن يكمل دراسته الجامعية ليترقى.. أخذت الظروف الاقتصادية تتقاذفنا من شهر لآخر، ولولا مساعدة أهلي لنا لأصبحنا من طبقة الفقراء المعدمين، وتحولت لزوجة محبطة، ولكم أن تتخيلوا أن بيتنا لم يكن ساحة للشجار والعراك.
في النهاية تقول «ميادة»: لا أخفي على نفسي رغبتي الملحة في الانفصال عن رجل يتحول كل مساء لدب كسول ببيجامته المخططة، وهو لديه الشباب والمستقبل يفتح له ذراعيه؛ لكي يطور من نفسه، ولكي يصبح شيئاً أكبر بمحاولات بسيطة لا يطيق أن يفكر بها.
أصبح متسمراً أمام الفيسبوك
تقول رولا، وهي زوجة عشرينية: يعود زوجي من الدوام لينام ساعة، ثم يصحو ليجلس أمام الحاسوب، مطالعاً عالم الفيس بوك حتى منتصف الليل لينام ويصحو ثانية، لا يفكر بأي مشروع صغير بعد الظهر مثلاً، نزيد به دخلنا، فنحن نعيش في شقة صغيرة وبالإيجار، ولا يوجد عندنا أثاث جيد، وأطفالنا سيلتحقون بالمدرسة قريباً، وهو لا يشغل باله أي شيء، ودائماً يردد في وجهي: المهم الستر والصحة، تعبت من كسله وانعدام طموحه.
دوام ثان ولكن عند «أمه»
إيمان، وهي سيدة أربعينية ليست أفضل حالاً من رولا، فهي كما تقول: «تعبت وفقدت الأمل في كل شيء حولي بسبب زوجي عديم الطموح، فنحن عائلة من خمسة أبناء، ولدي اثنان منهم في الجامعة، ونعيش في شقة بالإيجار تفتقر لأدنى مستويات الحياة الكريمة، وهو يعود من الدوام، لينام ساعة، ثم يذهب لبيت أمه، ويبقى عندها حتى ساعة متأخرة من الليل، ليعود كي ينام، ويذهب للدوام في الصباح التالي، تعبت من الحديث معه وأصبحت حياتنا كلها شجارات».
طموح يتحقق
بعض الأزواج والزوجات يحبون الطموح، فخالد سليم، وهو صحافي في صحيفة الحياة الفلسطينية يقول: إنه يرى نفسه زوجاً طموحاً، ويعول ذلك كثيراً على زوجته حيث يقول: «الحمد لله، فقد ساندتني زوجتي كثيراً، وخففت عني أعباء ثقيلة، لولاها لم أكن لأتمكن من تحقيق أي تطور مهني».
الأمر نفسه حدث مع حاتم أبو شمالة، الذي قرر هو وزوجته للبحث عن طموحهما خارج فلسطين، وتحديداً في النرويج، كان ذلك قبل 5 سنوات، يقول حاتم: «سافرنا للنرويج، حيث بدأت العمل في أكثر من مكان، وأكملت زوجتي «سهاد» دراستها للحصول على دبلوم تربية نرويجي، وتعلمت النرويجية، وبدأت تعد للماجستير، زوجتي طموحة وأنا مثلها، والطموح ليس له حدود».
يحيى بركات وهو مخرج فلسطيني يقول: «الطموح هو الحياة، ولا حياة بلا طموح، وقد تزوجت زوجتي؛ لأنها كانت تؤمن بعملي كمخرج؛ ولأنها كانت تدعمني ولا زالت، فهي تفرح كثيراً حين أنهي عملاً فنياً، وتناقش معي مشاريعي المستقبلية، وبالمقابل أشجعها أنا في عملها كصاحبة شركة للسياحة والسفر».
أما البعض الآخر، فيعدّ الأمر جموحاً كما في رأي عبير أصرف التي تقول: «دمرت حياتي بسبب طموح زوجي، فهو ينتقل من دراسة لدراسة ومن شهادة لأخرى ومن مشروع لمشروع؛ حتى أصبحت لا أراه ولا يتفرغ للبيت، والأبناء أصبحوا كالأيتام، هذا الطموح دمر حياتنا».
من هو الرجل الطموح؟
بدوره الأخصائي النفسي الدكتور محمد صادق يعرف الرجل الطموح، بأنه: «رجل يحمل صفة شخصية تدور حول الانشغال بالنجاح والتميز، والولع بالتفوق، وتستطيع أن تكتشف الزوجة إذا كان زوجها يمتلك هذا الطموح أم لا، فهي تراه متوقداً، ومتحفزاً، ومتحديا طوال الوقت، بعكس الرجل غير الطموح الذي تظهر عليه علامات الخمول واللامبالاة.
وينعكس سلوك الرجل على المرأة، وهي الزوجة فتصاب بالإحباط، فتقلل مثلاً من العناية بمظهرها، خصوصاً حين تقارنه بالرجال الآخرين، الذين لا يتوقفون على البحث عن تحسين دخلهم، ويعكسون ذلك التحسن على بيوتهم وزوجاتهم. عدم الطموح لدى الرجل يجعلها تشعر بالركود، وتمسك بزمام المبادرة في البيت؛ مما يؤدي إلى تبدل جذري في موقع الزوجة، ويجعل الزواج على وشك الانهيار».