هل الملل يؤدي إلى الاكتئاب؟ الإجابة من وجهة نظر علم النفس

الملل قد يؤدي إلى الاكتئاب
الملل قد يؤدي إلى الاكتئاب

يتغيّر نهجكِ تجاه وقت الفراغ على مرّ السنين. ومع التكنولوجيا الحديثة، اعتدتِ على وجود شيء يسليكِ طوال ساعات النهار والليل. ومع ذلك، قد تكون هناك أوقات لا يوجد فيها أيّ شيء يشتت انتباهكِ، أو تشعرين فيها بأنه ليس لديكِ مصدر للتحفيز. تشعرين بالقلق من قلة الاهتمام، أو الميل إلى البحث عن العزلة؟ قد يكون علامة على حالة صحية عقلية مثل الاكتئاب. فاكتشفي العلاقة بين الملل والاكتئاب، وطرق مواجهة هذه التحديات بطريقة هادفة، مع المعالجة النفسية نورما الحلو بيطار، في حديثها لـ«سيدتي».

نورما الحلو بيطار

الملل بعد سن البلوغ

بدايةً، تعرّف بيطار الملل الذي برأيها يؤدي إلى الاكتئاب بأنه: "حالة مزعجة تؤدي إلى الشعور بعدم الكفاءة، والافتقاد إلى النشاط بسبب غياب الاستثارة الداخلية أو الخارجية".

وتضيف: "إن الجميع معرّض لمواجهة هذه الحالة، ولكنها تحدث بشكل كبير بعد سن البلوغ؛ مروراً بسن المراهقة؛ وصولاً إلى المرحلة الجامعية؛ حيث تُعتبر هذه المراحل صعبة؛ لأنها انتقالية وتتضمن ضغوطات ومسؤوليات تستدعي الشعور بالقلق".
قد يعجبكِ أيضاً علامات تدل على تدهور حالتك النفسية. ونصائح اختصاصية نفسية

تداعيات الملل وعلاجه

وحول تداعيات الملل، تذكر بيطار أنها تؤدي إلى: نقصٍ في الطاقة، غياب التشويق والحماس وجودة الحياة؛ إضافة إلى أن المواقف النفسية تصبح سلبية. وترى أن الناس يتعرفون على الملل ويختبرونه بشكل مختلف. وفي بعض الحالات، قد يحدث الملل بسبب الآتي:

  • نقص الراحة أو التغذية.
  • مستويات منخفضة من التحفيز العقلي.
  • قلة الأنشطة اليومية.
  • عدم وجود اهتمامات ترفيهية متنوعة.
  • سوء إدراك الوقت.

وبرأي بيطار: "يمكن أن يكون الملل المزمن أيضاً علامة على بعض حالات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب".

إذاً، هل الشعور بالنضج يجعلكِ تشعرين بالملل؟ تجيب بيطار قائلة: "واجهنا مواقف عديدة في الحياة، وخضنا تجارب شتّى حتى أصبحنا غير راضين عمّا وصلنا إليه؛ مما يدفعنا إلى الشعور بالاكتئاب".

أسباب الاكتئاب وكيفية علاجه

تشير بيطار إلى وجود أسباب عديدة للاكتئاب، وتعرّفه بأنه: "حالة داخلية قد تصل إلى الاضطراب. وفي حال لم يتم علاجها بعد الشعور بالملل أو اللامبالاة والمرور بحالة انطوائية زائدة، وبالتالي الشعور بالضعف؛ فإنه سيتحول إلى اكتئاب مزمن. ولعل هذا ما يؤكد أيضاً على وجود صلة بين الملل والاكتئاب".

وتضيف إن: "الاكتئاب يبدأ حين تشعرين بإنتاجية تختلف عن السابق؛ فتحتاجين حينها إلى الخروج من هذه الحالة والتخلّص منها، والتأقلم مع المواقف بِغض النظر عما إذا كانت سلبية أو إيجابية".

وللتخلص من الاكتئاب، تشدّد بيطار على: "ضرورة الاعتماد على المرونة والصلابة النفسية الموجودة في الداخل نتيجة النضج والتوازن النفسي؛ لأننا قادرون على التأقلم مع المواقف كافة".

وتتوقف عند موضوع "شفقة الذات"، ويعني أنّ: "تعاطفنا أكثر مع الذات يعطينا حافزاً لتخطي حالة الاكتئاب".

أما حول علاج الاكتئاب، تلفت بيطار إلى أنه يتمّ من خلال:

  • العلاج النفسي وتناول الأدوية في حال الشعور بالاكتئاب الشديد.
  • الاكتفاء بجلسات مع اختصاصي/ة في علم النفس، في حال كنتِ قادرة على التحكم بالاكتئاب.
الاكتئاب لا يجب أن يُستهان به

انقطاع الطمث والاكتئاب

ومن بين أهم الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بالاكتئاب عند المرأة هو انقطاع الطمث، بحسب بيطار. وتتابع: "تدخل النساء في نفق الملل والمشاكل النفسية التي تكون ناتجة عن اضطرابات الهرمونات. يلاحظن تغيّراً في أجسادهنّ ويشعرن بفقدان الشباب والأنوثة بسبب الاقتراب من سن الشيخوخة. فقد أصبحن في سن لم يعدن فيه قادرات على الإنجاب والعمل؛ مما قد يؤثر على علاقتهن مع الشريك. كما أن مغادرة الأولاد المنزل العائلي بسبب الدراسة أو الزواج، يَزيد الشعور بالإحباط عند الأمهات فيشعرن بالاكتئاب".

هنا، تنصح الاختصاصية النفسية بيطار، المرأة بمحاولة الابتعاد عن الملل عبْر اغتنام الفرصة للاهتمام بنفسها من جديد، بعد أن فرغت من مسؤولياتها، كأن تقوم بالاهتمام بصحتها وجمالها، وممارسة التمارين الرياضية، ومحاولة تعزيز العلاقات الاجتماعية (مثل إعادة الاتصال بالأصدقاء القدامى والأقارب)، وبناء علاقات جديدة (مثل الأصدقاء الجدد) تُشعرها بالسعادة. كما الاستفادة من تقضية الوقت مع الأحفاد لاستعادة الشعور بالأمومة، والتوجه إلى الأعمال التطوعية لمساعدة المحتاجين؛ للشعور بأهمية عملها والسعادة التي تتركها عند الآخرين، وذلك لملء الفراغ في حياتها.


* ملاحظة من «سيدتي »: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليكِ استشارة طبيب مختص.


اقرأي أيضاً بين السعادة والإدمان: تأثير القهوة على الصحة النفسية مع اختصاصية علم نفس