الاعتكاف سنة، وهو لزوم المسجد لطاعة الله والتفرغ للعبادة، في الليل أو النهار، ساعة أو يوماً، أو ليلة أو أياماً أو ليالي، سنة كما قال الله جل وعلا: "وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ" (حسب ابن باز)، وقد فعلها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وفعلها أزواجه من بعده، وحافظ عليها بعض صحابته الكرام، وفي هذه الأيام المباركة يستعيد المسلم طاقته الروحية والإيمانية من جديد، وليس هناك وقت أفضل من شهر رمضان المبارك، حيث النفحات والبركات، وليس هناك أفضل من الأيام العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم.
يجب اغتنام واستثمار هذه الفرصة في الشهر الفضيل
يقول الشيخ رمضان محمود من علماء الأزهر الشريف لسيدتي: إن الاعتكاف هو لزوم المسجد بنية مخصوصة لطاعة الله تعالى خلال عشر الليالي الأخيرة من شهر رمضان المبارك أو في الأيام الأخرى؛ بهدف طاعة الله والتفرغ لعبادته عز وجل، فالسنة اعتكاف العشر الأواخر من رمضان؛ تأسياً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأول من رمضان ثم العشر الأواسط، يلتمس ليلة القدر، ثم تبيّن له أنها في العشر الأواخر، فداوم على اعتكافها، ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ"، والاعتكاف يكون في المسجد، لقوله تعالى: "وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ"، ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يعتكف إلا في المسجد، وينبغي على كل مسلم أن يغتنم، ويستثمر هذه الأيام المباركة حتى يخرج من هذا الشهر الفضيل، وقد كتبه الله سبحانه وتعالى من عتقائه من النار.
ويمكنك بالسياق التالي التعرف إلى: الأعمال المستحبة في العشر الأواخر من شهر رمضان
كيفية اعتكاف رسول الله في رمضان
يقول الشيخ رمضان عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيى ليله وأيقظ أهله وشد مئـزره"، وكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، فعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَعْتَكِفُ العشر الأواخر مِن رَمَضَانَ"، والسبب في ذلك التماس ليلة القدر، كما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ، وكان إذا نوى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعتكاف يَجعَل له قُبَّـة يعتكف فيها، والقُبَّـة هي عبارة عن خيمة من صوف أو وَبر، يُوجد بِداخلها سريره وفِراشه وحاجياته التي يحتاجها، وفي الليلة التي يُريد الاعتكاف فيها صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يُصَلي الفجر ويدخل قبته وحده، لِيَتَسنّى له الاختلاء لعبادة الله تعالى والصلاة والذكر، ولا يَخرج من اعتكافه إلا لحاجة الإنسان، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يُخرِج رأسه من المسجد إلى بيت أم المؤمنين السيدة عائشة رَضِيَ الله عنها، فتقوم بِغسله وهُوَ في المسجد وَهِيَ حائض، ولم يَأتِ زوجاته ولم يُباشرهن وهو معتكف ولا حتى بِقُبلة، وكان من هدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان معتكفاً ألا يعود مريضاً ولا يشهد جنازة، ولا يخرج من المسجد إلا لحاجة ضرورية.
متى يبدأ الاعتكاف؟
ويبدأ الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان في رأي بعض الفقهاء ليلة 21 من رمضان مع غروب شمس يوم 20 رمضان، فمن اعتزم الاعتكاف في العشر الأواخر، عليه أن يدخل المسجد مع غروب شمس ليلة الحادي والعشرين من رمضان.
كيفيَّة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان
- اعتزام النية للاعتكاف والتوجه إلى المسجد مع بداية اليوم الذي ترغب في بداية الاعتكاف فيه.
- ينبغي تحديد المدة التي تعتزم اعتكافها مع النية.
- عند الذهاب إلى المسجد اصطحب معك مصحفك وبعض الطعام والشراب وغطاء النوم.
- اختر مكاناً والتزمه طوال مكثك.
- صلِّ جميع الفروض في جماعة وأكثر من قراءة القرآن والنوافل.
- أكثر من الدعاء والذكر طوال فترات فراغك.
- لا تتسبب في تدنيس المسجد ببقايا طعامك وشرابك.
- يمكنك مغادرة المسجد للاغتسال في منزلك، أو جلب دواء وما شابه مع ضرورة التعجل بالعودة.
فوائد الاعتكاف
- إحياء ليلة القدر على الوجه الأكمل؛ إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إنِّي اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوَّلَ، أَلْتَمِسُ هذِه اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتَكَفْتُ العَشْرَ الأوْسَطَ، ثُمَّ أُتِيتُ، فقِيلَ لِي: إنَّهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ، فمَن أَحَبَّ مِنكُم أَنْ يَعْتَكِفَ فَلْيَعْتَكِفْ فَاعْتَكَفَ النَّاسُ معهُ".
- تطهير النفس من متاعب الحياة النفسية.
- ترويض النفس للبعد عن الشهوات والتفرغ للعبادة.
- اكتساب قدر كبير من الحسنات بالقيام والذكر وقراءة القرآن.
- إقرار الوحدانية لله تعالى.
شروط الاعتكاف
- من شروط الاعتكاف أن يكون في المسجد.
- أن يدخل المسلم المسجد بنية الاعتكاف.
- ألا ينشغل عن العبادة بأي من أمور الدنيا.
- لا يخرج من المسجد إلا لحاجة ضرورية كالرغبة في الاغتسال، أما الخروج للعمل فهو مبطل للاعتكاف.
- الطهارة التامة من الحدث الأكبر فإن احتلم يغتسل ويستكمل الاعتكاف.
- منع الجماع تماماً.
- تحديد فترة الاعتكاف؛ إذ قد يصل في أقل مدته إلى 10 دقائق.
وإذا تابعت السياق التالي فستتمكنين من التعرف إلى: 189 مسجداً حددتها الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية للاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان
