يعتبر الأدب النسائي عربياً ظاهرة حديثة، ويطلق عليه أيضاً أدب الأنثى، أو أدب المرأة، ويشكّل هذا الأدب منبراً للنساء، واليوم دخلت النساء مجال اللغة والأدب من بابهما العريض، كما لم نعهد من قبل، للتعبير عن قضاياهن ومشاركة تجاربهن ورؤاهن حول مجموعة متنوعة من المواضيع، وعلى الرغم من التحديات والمعوقات التي مرّ بها الأدب النسائي في العالم العربي، فإنه استطاع ترسيخ مكانته كتيار أدبي مهم.
المرأة العربية تواجه مشاكل كثيرة وتحديات عظيمة
تقول الكاتبة مريم عبد الله، عضو اتحاد الكتاب، لـ"سيدتي": "لا شكّ أن المرأة العربية لعبت دوراً مهماً في إثراء الأدب العربي، خاصة في فن القصص والرواية، ويثبت بالتاريخ أن المرأة قد واجهت مشاكل كثيرة وتحديات عظيمة في دخول مسيرة الأدب مثل الرجل، فيعتبر الأدب النسائي هو الأدب الذي تكتبه المرأة، وهو مفهوم حديث نسبياً يعود إلى منتصف القرن العشرين تقريباً، عندما أُفسح المجال لها لتكتب وتعبّر أدبياً عن جانب من مشاعرها ورؤاها، وهناك أسباب أخرى قد تفسّر لنا خلفيّة تسمية بعض الأدب بالنسائي، يمكن القول إنها تاريخية في جوهرها، تعود إلى ما عرفته المجتمعات الغربية من تحوّلات أثناء القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مع بروز كتابات نسائية؛ كانت تسعى إلى تعزيز حضور المرأة في الساحة الأدبية؛ نظراً إلى تهميشها الممنهج والواضح آنذاك، وعدم الاعتراف بها كمبدعة؛ اعتقاداً من الرجال والمجتمع عموماً بأن دورها الأساسي كان يجب أن يبقى مقصوراً على الاعتناء بأسرتها".
مراحل تطور الأدب النسائي في الوطن العربي
تقول الكاتبة مريم عبدالله: "لعبت المرأة دوراً مهما ومكاناً بالغاً مرموقاً ومشهوداً لها في الأدب العربي، منذ بزوغ فجر تاريخ الأمة العربيّة، وهذا الدور سطّرته صفحات التاريخ البيضاء شعراً ونثراً، فالمرأة وقفت بجانب الرجل، مشاركة إياه بكل فعالية في بناء الحضارة العربيّة العريقة، وقد شهد لها الكثير من الباحثين والمؤلفين والكتّاب بتفوقها في الأدب النسائي؛ هذا المجال الحيوي الذي أثرى الثقافة العربية وأضاف إليها الكثير، حيث يعود تاريخ الأدب النسائي إلى فترات مختلفة في التاريخ العربي، وقد شهد تطوراً مهماً على مرّ العصور".
البداية الأولى
يمكن تتبع جذور الأدب النسائي في العالم العربي إلى فترة ما قبل الإسلام، حيث كتبت بعض النساء الشاعرات والكاتبات قصائد ونصوصاً تعبّر عن تجاربهن الشخصية والاجتماعية، ومن أمثلة هذه الشاعرات هي الخنساء، ولقد وقفت في سوق عكاظ في مكة المكرمة، وقرأت شعرها وعرضت آراءها، ولقد ظهرت ثقافة النقد الأدبي بين النساء العربيات في عصر الدولة الأموية، ولقد أنشأت سكينة بنت الحسين أول مجلس أدبي في منزلها، ولقد كانت في ذاك الوقت النساء الرائدات في المجالس الأدبية من عائلات ثرية في بلاد الشام ومصر، اللواتي تأثرن بالنساء الأوربيات خلال فترة دراستهن بالخارج.
النهضة الأدبية
مع بداية القرن العشرين والنهضة الأدبية في العالم العربي، ازداد تركيز الأدب النسائي على مساهمة النساء في الحياة الثقافية والسياسية، وبرزت منذ السبعينات أقلام نساء عربيات تميزت في مجالات الشعر والقصة والرواية، ويمكن القول إن استعمال مصطلح "الأدب النسائي" يعود في العالم العربي إلى مرحلة النهضة، التي أدرك فيها المتنورون أهمية دور المرأة في نهضة المجتمع، وهو ما استدعى تعليمها وإفساح مكان لها، من ثم إمكان المشاركة في النشاطات الاجتماعية والثقافية والإنتاج الأدبي، وفي هذه المرحلة، مرحلة النهضة، عرفت اللغة العربية مجموعة من المفردات تخص نشاطات المرأة، وتشير إلى ما يبذل من أجلها: تعليم النساء (سنة 1881 أسست السيدتان إملي سرسق ولبيبة جهشان أول معهد علم للفتيات) ، والجمعيات النسائية (لقد أنشأت سيدات بيروت سنة 1880 جمعية "زهرة الإحسان"، وسنة 1914 جمعية "يقظة الفتاة العربية")، أما المجلات النسائية فقد أصدرت هند نوفل مجلة "الفتاة" سنة 1892 في الإسكندرية، ومديحة الصابوني مجلة "المرأة" سنة 1893 في حلب، ولبيبة هاشم مجلة "فتاة الشرق" سنة 1906، وعفيفة كرم مجلة "المرأة السورية" سنة 1911، وأيضاً الصالونات الأدبية النسائية (صالون مريانا مراش في حلب، وصالونات زينب فواز وماري عجمي في دمشق، وصالون الأميرة نازلي فاضل، وصالون مي زيادة في القاهرة).
العصر الحديث والواقع الحالي
في العصر الحديث، يعكس الأدب النسائي التحولات الاجتماعية والثقافية في المجتمعات العربية، وتطور هذا الأدب إلى فن الروایة، كل هذا ساعدها على الإفصاح عن ذاتها، ومن بین اللواتي أبدعن في هذا الأدب "خنانة بن نونة"،"غادة السمان"، "لیلى عسران" وغیرهن، وبعدهن جاءت "أحلام مستغانمي"،"هیفاء بیطار"، وكل هذه الأعمال أثبتت من خلالها المرأة اختراقها لعالم المجهول وخروجها إلى المألوف، وقدرتها على فعل الكتابة أنها إمرأة تملك عقلٌ مبدعٌ، وأصبح الأدب النسائي صوتاً قوياً يعبّر عن تجارب النساء، ويشجع على التغيير والتفكير النقدي.
وإذا أردتِ التعرف إلى كاتبة عربية مميزة، تابعي الرابط: الكاتبة بشائر محمد: الرواية فن اجتماعي بامتياز!
مساهمات الكاتبات والشاعرات في تطور الأدب العربي
رضوى عاشور
هي كاتبة مصرية معروفة بأعمالها الأدبية المتميزة، والتي تشكّل إسهاماً كبيراً في الأدب العربي، وهي واحدة من أبرز الكاتبات المصريات في العقود الأخيرة في الرواية والنقد، كتبت روايات ومقالات تتناول موضوعات متنوعة، منها قضايا المرأة والثقافة، ومن أشهر أعمالها "غرناطة" وهي ثلاثية؛ عادت فيها إلى فترة التعايش العربي الإسباني في الأندلس، وتمت ترجمة العديد من أعمالها الإبداعية إلى الإنجليزية والإسبانية والإيطالية، والإندونيسية.
غادة السمان
هي كاتبة وأديبة وشاعرة سورية معاصرة، ولدت في دمشق لأسرة شامية، واشتهرت بقصائدها الجميلة التي تتناول موضوعات الهوية والثقافة والحرية، وتعبّر قصائدها عن تجربة المرأة والانتماء الثقافي، ولقد أصدرت مجموعتها القصصية الأولى "عيناك قدري" في العام 1962، واعتبرت واحدة من الكاتبات النسويات اللواتي ظهرن في تلك الفترة، التي استطاعت أن تقدم أدباً مختلفاً ومتميزاً.
مي زيادة
وهي رائدة من رائدات الأدب النسائي العربي، وصاحبة واحد من أشهر الصالونات الثقافية في مطلع القرن الماضي، واستطاعت خلال مسيرتها أن تقدّم للمرأة صورة جديدة تتقاطع مع عنوان أحد أشهر كتبها وهو "بين الجزر والمد"، ولقد أبدعت مي في مجال الصحافة، وكانت تنشر مقالاتها في الصحافة المصرية، وكان لها دور في الدفاع عن حقوق المرأة، والمطالبة بالمساواة، كما أنها استحقت أن تكون رائدة من رائدات النهضة النسائية العربية الحديثة.
هدى بركات
هي روائية لبنانية معروفة بكتاباتها التي تتعامل مع موضوعات مثل الحرية والهوية، كما تسعى كتاباتها لتوثيق الثقافة اللبنانية والعربية.
أحلام مستغانمي
كاتبة وروائية جزائرية، من مواليد عام 1953، تعد واحدة من أشهر أديبات الأدب النسائي العربي وأكثرهن جماهيرية بين مختلف الفئات العمرية، ولقد صنفت روايتها "ذاكرة الجسد"، الصادرة عام 1993، ضمن أفضل مائة رواية عربية، كما فازت بجائزة نجيب محفوظ للأدب عام 1998، وميدالية الرواد اللبنانيين؛ تكريماً لها على مجمل أعمالها، وميدالية الشرف التي قلدها إياها الرئيس الجزائري بوتفليقة عام 2006، بالإضافة إلى ذلك، منحها مركز دراسات المرأة العربية في باريس ودبي لقب أكثر النساء العرب تميزاً لعام 2006.
الشاعرة العراقية نازك الملائكة
نالت نازك الملائكة شهرة عالمية في تاريخ الأدب، وربما لا يعلم أحد أن السبب وراء تفردها هو أن والدتها، السيدة سلمى عبدالرزاق، كانت تكتب الشعر وتنشر قصائدها في المجلات والصحف العراقية باسم أدبى هو "أم نزار الملائكة"، وتعد نازك الملائكة أول من كتبت الشعر الحر في عام 1947، ويعتبر البعض قصيدتها المسماة "الكوليرا" من أوائل الشعر الحر في الأدب العربي.
نحو المزيد، يمكنك التعرف إلى: أشهر الكاتبات العربيات