الأركان الخمسة للتوازن والتصالح مع الذات (5)

أحمد العرفج
د. أحمد  العرفج
د. أحمد  العرفج

تكلمنا في المقالات السابقة عن أركان التوازن النفسية الخمسة وكان أولها: برمجة العقل على ثقافة الحمد والشكر والامتنان، وثانيها: الإخلاص في العمل، وثالثها: التعلم المستمر، ورابعها: المرونة، واليوم نتكلم عن الركن الخامس والأخير وهو:
خامساً: التفكير الإيجابي
وهذا الركن استقيته من حديث نبوي يقول: "إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، وإِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، ومَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ".
إنني أعدُّ هذا الحديث منهجاً تربوياً متكاملاً في التنمية البشرية، ولي معه عدة وقفات منها:
أولاً: إن العلم والحلم يمكن أن يكتسبها أي إنسان حريص عليهما، ويأتي ذلك من خلال التدريب والتمرن.
ثانياً: إن الإنسان إذا كان يتوقع الخير ويتحراه فهو سيحصل عليه، وهذا ما يسمى في كتب التنمية البشرية "قانون التوقع"، وفي حديث آخر يكمل هذا، وهو حديث قدسي يقول: "أنا عند ظنِّ عبدي بي فليظُنَّ بي ما شاء".
من هنا يمكن القول إن الإنسان إذا أحسن الظن بالله وتحرى الخير، سيحصل عليهما، وهناك أثر مشهور يقول: "تفاءلوا خيراً تجدوه".
إنني أؤكد على أهمية الاحتفاظ بالتفكير الإيجابي طول الوقت، حتى في أثناء حدوث المصائب والخيبات، وقد جاء الحديث النبوي لتطمين المؤمن، بأن كل أمره خير، حيث يقول المصطفى ﷺ: "عجباً لأمرِ المؤمنِ إنَّ أمرَه كلَّهُ له خيرٌ وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ إن أصابتْهُ سرَّاءُ شكر وكان خيراً لهُ وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صبرَ فكان خيراً له".
إن مزايا الاحتفاظ بالتفكير الإيجابي كثيرة، من أهمها حماية الإنسان من فايروس اليأس والإحباط، كما أن من مزاياه أيضاً أن التفكير الإيجابي لا يعترف بالفشل، بل يرى أن كل تجربة سيئة يمر بها الإنسان هي خبرة إيجابية تضاف إلى رصيده العملي، وبالتالي يمكن أن نقول: "إن الفشل هو فرصة للتعلم، والنضج وضبط النفس، وفي ذلك يقول هنري فورد: "ما الفشل إلا فرصة لبداية جديدة أكثر ذكاء".
إن الاحتفاظ بالتفكير الإيجابي يعطي الإنسان قوة ودافعاً للنجاح، خاصة وأننا جربنا الاحتفاظ بالتفكير السلبي ولم نجد فيه أية فائدة، ولكن حين جربنا الإيجابية، وجدناها تجلب الخير والبركة والرزق والصحة، وفي ذلك يقول ونستون تشرشل: "أنا متفائل دائماً، فلم أجد فائدة تعود علي من كوني متشائماً".
إن أنجح الطرق للاحتفاظ بالتفكير الإيجابي طوال الوقت، هو أن تتذكر نعمة الله عليك، وتذكر نجاحاتك الماضية، وتستعرض الأهداف التي كتبتها وحققت شيئاً منها، لأن مثل هذه الخطوات تشحنك بالطاقة والإيجابية الفعالة، وقد قال "إبراهام لنكون": يحقق أغلب الناس سعادتهم بالقدر الذي يوهمون به عقولهم أنهم سعداء"، ويقول آخر: "إنك أنت من يضفي المعنى على كل ما تراه".

في النهاية أقول:
العقل البشري كما يقال لا يمكن أن يحتفظ بفكرتين متناقضتين، بل هو يحتفظ بفكرة واحدة، إما الإيجابية وإما السلبية، لذلك إذا دربت عقلك على الاحتفاظ بالتفكير الإيجابي، لن تجد الأفكار السلبية طريقها إليك، وستولي الأدبار وتذهب إلى غيرك.