الشخصية المؤثرة هي الشخصيَّة التي تكون حاضرة في أذهان الآخرين، وتستطيع التأثير فيهم إيجابيًّا، وعاطفيًّا، وثقافيًّا. وفي الوقت الذي يحلم فيه العديد من الناس بأن يكونوا أصحاب شخصيات قوية مؤثّرة، ويمتلكون الصفات الاجتماعية والفكرية والعقلية والنفسية التي تميّزهم عن الغير؛ نجدهم يبحثون عن صفات المؤثرين اجتماعياً، ويسعون للتحلي بها، فمن تلك الشخصية المؤثرة، وكيف يمكن أن يكون الشخص مؤثّراً بحسب آراء الشباب والشابات؟
تستطيع أن تكون مؤثّراً
سارة حكيم: الشخص المؤثر هو من يلامس حديثه القلوب والعقول ولديه ملكة الإقناع
تؤمن سارة الحكيم، مدير الإعلام والاتصالات بمؤسسة هيفولوشن الخيرية، بأن الشخصية المؤثرة هي التي تعرف كيف تضرب على الوتر الحساس، فتلامس في حديثها العواطف، تقول: «الشخص المؤثر هو من يلامس حديثه القلوب والعقول، ولديه ملكة الإقناع، ومهارة الإبهار، فهو يسأل الأسئلة الصحيحة، ويتحدث بما يدور في الأذهان بلطف ويسر وسلاسة، ويتمتع بكاريزما عالية، وحس فكاهي، وبأسلوب خاصّ يميزه عن غيره». تتابع: «من خلال تجاربي الشخصية وخبرتي، فإنّ أي شخص يستطيع أن يكون مؤثراً ويتحلى بالقوة، فهناك عوامل عدة تسهم في ذلك، أذكر منها: اللغة، وهي أقوى أدوات التأثير؛ والثقافة، ويتم تغذيتها بالاطلاع على الأخبار وقراءة المواضيع التي تهم المجتمع؛ والتخصص، فالمواضيع التي تلامس الشخص على مستوى شخصي سيكون حديثه عنها أقرب للقلب؛ والصدق والأصالة؛ والتجربة الشخصية، فهي ذات قيمة، وحتماً، ستحدث فرقاً؛ والثقة بالنفس؛ والنية الصادقة؛ والمظهر العام، فهو أمر في غاية الأهمية، وسيسهم في رسم الصورة الإيجابية في أذهان المتلقين، ويزيد من القبول؛ واختيار الوقت المناسب للحديث مع الآخرين؛ والسمعة الطيبة».
كسب ثقة الناس
مي العمرو: اسع لكسب ثقة الناس بصفات كرّمك الله بها عن غيرك
«الفرد المؤثر هو الذي كسب ثقة الناس بطريقة غير مباشرة، وأسهم في نشر معلومات معينة، أو عبّر عن اهتمامات قد تلفت انتباه فئة معينة وربطها بمجموعات من الجماهير المتأثرة، ولا يوجد أي صفة خارقة لـكسب التأثير على الطرف المتلقي كالثقة، فهي بنظري السبب الرئيس في التأثير على الناس»، كما تقول مي العمرو، استشارية في إدارة التحول التنظيمي والتغيير، تتابع: «بحثت سابقاً عن هذا الموضوع، ووجدت مقالاتٍ كثيرةً تتحدث عن مؤثرين افتراضيين، في مجال الذكاء الاصطناعي، مثل (Shudu Gram) «الرجل الكمبيوتر»، الذي حقق نجاحاتٍ باهرةً في مجال التأثير والقوة الشرائية في الأعمال، فمعرفتنا بذلك قد يجعل التأثير أبسط مما نتوقع؛ لأن الإنسان كرّمه الله بذكاء عاطفي واجتماعي، وغالباً أذكى بكثير من الحاسوب؛ لذلك أقول لكل شخص: اسْعَ لكسب ثقة الناس بصفات كرّمك الله بها عن غيرك، وبكل صدق كن مؤثراً في مجالك».
تابعي المزيد: بعد انحسار الجائحة احتفالات عيد الفطر المبارك في عيون الشباب
كن منتجاً بعيداً عن الضوضاء
طارق العوهلي: كن شخصاً منتجاً بعيداً عن الضوضاء
بالنسبة إلى طارق العوهلي، مهندس مشروع، يقول إنّ عادل الجبير، وزير الدولة للشؤون الخارجية، هو مثال للشخصية المؤثرة؛ لما يتمتع به من كاريزما وحضور دائم للمعلومة، إضافة إلى حسن استماعه وسرعة بداهته، فهو تلميذ مدرسة المغفور له بإذن الله الأمير سعود الفيصل، يتابع: «حتى تكون صاحب شخصية قوية ومؤثرة؛ لا بد أن تحسن الاستماع، والتحضير الجيّد، وانتقاء الكلمات، ووضعها في مكانها الصحيح، والاطلاع، كذلك لا بد من تحديد الأهداف، والعمل على تحقيقها، ووضع الخطط، والعمل بها، والاعتراف بالخطأ، والتركيز على النفس وعدم مقارنتها بالآخرين، ومن الضروري كذلك الحفاظ على المبادئ وعدم التنازل عنها. وأولاً وأخيراً، لا بد من الإيمان بالله، ثم الإيمان بالذات، فذلك أساس القوة». ويستطرد: «بالنسبة إليّ شخصياً، هناك رسالة مهمة مررها م. عامر السواحة، وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، الذي تشرفت بالعمل معه؛ حيث قال: «ابتعد عن الضوضاء، وركّز على الرسائل»، وكانت هذه النصيحة التي عملت بها خلال دراستي الجامعية؛ حيث كان هدفي وتركيزي أن أكون شخصاً منتجاً بعيداً عن الضوضاء».
التأثير نسبي
فاطمة القحطاني: التأثير شيء نسبي فمن تراه هي مؤثراً قد لا يؤثر في غيرها
في السياق ذاته، تجد فاطمة مُبارك القحطاني، خبيرة تسويق وعلاقات المُستثمرين، أنّ التأثير شيءٌ نسبيٌ، فمن تراه هي مؤثراً قد لا يؤثر في غيرها؛ لذلك فالأهم، من وجهة نظرها، أن يعرف الشخص على من يريد التأثير، ومن جمهوره، وما هدفه من التأثير، وكيف يمكن أن يكون مؤثراً فعالاً، تقول: «الشخصية القوية المؤثرة هي التي يمكن الاعتماد عليها والثقة فيها؛ لأنها تجمع بين الثبات عند الأزمات، وتحمل مسؤولية الخطأ إن ورد، والهدوء والتواضع في التعامل مع مختلف المواقف والشخصيات، كما أن هذه الشخصية لديها القدرة على إظهار الجانب الإنساني، كالاعتراف بالضعف أو الخطأ؛ الأمر الذي يعكس قيماً، مثل الصدق والتواضع والأمانة، كذلك من المهارات التي تتميز بها مهارة رواية القصة أو الـ (story telling)؛ إذ إن تأثير القصة يضمن إيصال الرسالة بشكل ممتع وبسيط، وفي نفس الوقت يَسهُل نقلها وتذكرها لتتوسع دائرة التأثير. وأخيراً، تدرك الشخصية المؤثرة أهمية تكامل الأدوار لإحداث التغيير، فلا تتوانى عن أخذ المشورة، وتمكين الجميع من المشاركة ووضع بصمتهم، وإحداث أثر ملموس، فساحة التأثير تسع الجميع، والإشراك يعزز شعورنا بأهمية دورنا والقيمة التي نضيفها، وهو رسالة لطيفة تقول «أنت تستطيع أن تكون مؤثراً مثلي».
تابعي المزيد: التدريب الذهني.. هل يحتاجه الشباب لتحقيق النجاح؟
أعظم شخصية مؤثرة
عاصم الأحمدي: حتى تكون مؤثراً لا بد أن تمد الآخرين بالطاقة الإيجابية وأن تكون طيب الذكر وتتمتع بالذكاء العاطفي
يقول عاصم محمد الأحمدي، مراجع داخلي: «حتى تكون مؤثّراً؛ لا بدّ أن تمدّ الآخرين بالطاقة الإيجابية، وأن تكون طيب الذكر، وتتمتع بالذكاء العاطفي، وتكون ذا نية حسنة تحب الخير والنجاح للناس، وتشاركهم تجاربك الحسنة والسيئة منها، وكيف استطعت تجاوزها، وخير مثال لنا في ذلك رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - والذي ظل أثره ما يفوق 1400 عام، وعلى ما يقارب ملياري شخص، وحتى يومنا هذا، وعلى الرغم من أنه كان يتيم الأب، وأُمّياً، ولم يكن غنياً، ولكنه علّمنا حُسن الخلق، وتجاوز المِحن، والصبر وإخلاص النية لله، والإيمان بالله سبحانه تعالى». ويتابع: «بالنسبة إلي، أنا أؤمن بأنّ الحياة مليئة بالأشخاص ذوي الصفات الحسنة وهناك آخرون قد يتصفون بصفات سيئة لا تناسبنا؛ لذلك علينا أن نأخذ تلك الصفات الجميلة، ونطورها بما يتناسب معنا».
بدر الناصر: الشخصية المؤثرة هي التي تستطيع التأثير والتحكم في الأشخاص الذين ليسوا تحت سلطتها أو إدارتها
واتفق معه بدر ناصر الناصر، قائد استقطاب المواهب؛ حيث بدأ قوله بعبارة عرّف فيها الشخصية المؤثرة بأنها هي التي تستطيع التأثير والتحكم في الأشخاص الذين ليسوا تحت سلطتها أو إدارتها، يتابع: «من خلال عملي في جهات عدة في القطاعَيْن الحكومي والخاص، واجهت العديد من الشخصيات المؤثرة، لعل أبرزهم زميل سابق لم يكتفِ بالتأثير في إدارته التنفيذية، بل أثرّ في المنظمة ككل؛ ذلك بسبب فهمه لحاجات المنظمة والموظفين وفريق عمله، ولأنه عمل على تطوير مهاراته في التواصل مع الآخرين، إضافة إلى ذكائه العاطفي». وختم قوله بدعوة ألاّ نغفل عن ذكر أعظم شخصية مؤثرة عرفها التاريخ، وهي شخصية رسولنا الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - في كيفية تأثيره في المجتمعات المختلفة.
من الذي يستحق أن يكون مؤثراً
هدى فلاتة: حتى أكون مؤثرة عليّ أن أتحلى بالبساطة والواقعية والظهور بمظهر طبيعي قريب للآخرين
ترى هدى فلاتة، ممارسة في المجال الصحي ومؤسسة مشروع (Helper robotics)، أن من يساهم في صنع وتغيير وحل البعض من القضايا والمشكلات التي يعاني منها البشر هو من يستحق أن نطلق عليه شخصية مؤثرة، ونحتذي به؛ لما له من قبول وثقة ونظرة صائبة إلى الأمور، وخير نموذج على ذلك الأمير محمد بن سلمان، والأميرة ريما بنت بندر آل سعود، والمؤثر أحمد شقيري حفظهم الله جميعاً. تتابع: «أنا دائمة الحرص على الاهتمام بالآخرين، وتقوية الجزأين العاطفي والاجتماعي عند التعامل معهم وعدم ازدرائهم، وحتى أكون مؤثرةً؛ عليّ أن أتحلى بالبساطة والواقعية والظهور بمظهر طبيعي قريب للآخرين، ثم الاهتمام بالثقافة والعلم، والتحلي بالإيجابية، مع الاستمرار في الإنجاز والعمل». وتضيف: «جزء من مسيرتي في الحياة هو العمل على مشاريع ريادية تحقق أثراً مستداماً في مجتمعنا، كان من ضمنها مشروع لمساعدة المكفوفين، ومشروع آخر لتعليم الروبوتات وصناعتها (Helper Robotics)، كذلك ما أسهمت به في القطاعَيْن الصحي والتقني، وما زلت أطمح بأن أكون نموذجاً ملهماً ودافعاً للمرأة والشباب السعودي والعالم العربي، فنحن شعوب تستطيع الإنجاز والتميز على المستويين المحلي والعالمي، وتستطيع كذلك النهوض باقتصادنا، فلدينا عقول وشخصيات لا يستهان بها، وكل ذلك بإرادتنا بعد إرادة الله عز وجل».
تابعي المزيد: الدراسة في المقاهي بين إقبال الطلاب وتحفظات الأهالي