لا تخلو الحياة التي نعيشها من الدروس والعبر التي غالباً ما نتعلّمها بالطريقة الصعبة، ولعلّ أصعب جزء من مسيرة التعلّم هذه هو أن الكثيرين يفهمون العبرة بعد فوات الأوان، الأمر الذي يجعلهم يندمون في نهاية المطاف على عدم استغلال الفرص التي كانت متاحة أمامهم في الوقت المناسب. لذا، لابد من التعرّف على بعض الدروس التي تعلّمها الآخرون قبلنا، ومحاولة الاستفادة منها باكراً قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً على التغيّر والمحاولة من جديد. يقول الدكتور تامر شلبي خبير التنمية البشرية لسيدتي: لا يرغب أحد في التعلم بعد فوات الأوان في الحياة، كما لا نرغب في الشعور بالأسف عن إحجامنا عن اتخاذ الخطوات اللازمة؛ لذا نتمنى لو تعلَّمنا الدروس الحياتية مسبقاً مع تكرُّر المواقف تلو الأخرى، وأيضاً نتمنى جميعاً أن نعود بالعمر للوراء لنطبِّق جميع معرفتنا وخبراتنا الحالية لتفادي الوقوع في الأخطاء.
دروس حياتية هامة
-إن كنت ترغب في فعل ما تحبّ عليك إذن بذل جهد مضاعف:
معظم الناس ينفقون حياتهم ليس في فعل ما يحبّونه وإنّما في القيام بما يُفترض بهم أن يفعلوه، أو ما قيل لهم أنّهم يجب أن يفعلوه من قبل أصدقائهم وعائلاتهم. وأمّا الفئة الأسوأ، فهم أولئك الذين يقضون حياتهم في العدم، فلا يسعون إلى شيء ولا يحاولون تحقيق أيّ شيء على الإطلاق. تذكّر دوماً أنّ القيام بما تحبّه حقاً ويروي شغفك، هو امتياز وشرف لا يعرف عنه الكثيرون، وإذا كنت ترغب حقاً في المضي وراء أحلامك، فعليك إذن البدء بالعمل الآن وبذل كامل جهدك بل وضعف ما يبذله الآخرون لتصل إلى مبتغاك. لكن احرص دوماً على الاستمتاع برحلتك نحو الحلم، وإلاّ فاعلم أنّك لست على الدرب الصحيح.-عاداتك اليومية تشكّل مستقبلك، لا تستهن على الإطلاق بما تفعله اليوم مهما كان بسيطاً:
فكلّ ما تقوم به اليوم يشكّل ما ستكون عليه في الغد. عندما تواظب على القيام بفعل ما لمدّة أسبوع، سيبدأ عقلك بالإعداد للتغير. عندما تواظب على القيام بهذا الأمر لمدّة شهر ستبدأ بملاحظة التغيّر في شخصيّتك. أمّا إذا استمررت على هذا المنوال والتزمت بهذه العادة لمدّة سنة أو أكثر، فأنت لن تعرف نفسك بعدها! ستكون بعد مرور سنة شخصاً آخر مختلفاً تماماً. لا تقلّل أبداً من أهمية العادات البسيطة التي تلتزم بها، إذ إنها بغضّ النظر عن طبيعتها (إيجابية كانت أو سلبية) ستشكّل شخصيتك في المستقبل.-مواجهة مخاوفك:
تُعَدُّ مهارة مواجهة المخاوف أكثر أهميةً ووضوحاً في آنٍ واحد؛ فلن يختلف الأمر سواء كنت أمهر رياضي، أم مليونيراً، أم شخصية مشهورة؛ لأنَّنا جميعاً نملك جانباً من الخوف في شخصيتنا، الذي يشعرنا بعدم الراحة عندما تحتدم الظروف، لسنا مثاليين بالطبع، ونرتكب جميعاً الأخطاء، لكن مع كل خطأ، وكل فشل، فنحن نصل ببطء إلى الحكمة، التي تخدمنا لاكتشاف كيفية إنجاز العمل على نحو أفضل، ومعرفة أنَّ مواجهة الإخفاقات تشكِّل شخصيتنا الحالية.-عدم جعل الحياة تتمحور حولك:
اعلم أنَّ الناس لا يفكرون فيك بقدر ما تعتقد؛ إذ لكلٍّ منَّا أفكاره ومشكلاته الخاصة ليفكر فيها، فكلٌّ منَّا بطل قصته، وإن فكروا فيك، فبسبب ارتباطك بأحداث حياتهم.حتى إن شعرت بقلة أهميتك جرَّاء التفكير بهذه الطريقة، فهذا سيفتح بصيرتك لتدرك أنَّ كل مخاوفك ممَّا سيقوله الناس، ما هي إلا خواطر من نسج خيالك، وقد لمستُ ثقةً متزايدة بالنفس في حياتي اليومية بعد أن تناقص قلقي المتعلق بآراء الآخرين ونظرتهم إليَّ.
-مشاعرك قابلة للتدريب :
عندما نتحدّث عن التدريب والتمرين، فغالباً ما يخطر ببالنا تدريب المهارات وتطويرها، ولكن هل فكّرت أن مشاعرك قابلة للتمرين أيضاً؟ نعم، تماماً كما تتمرّن على العزف أو لعب كرة القدم أو الخطابة أو غيرها من المهارات، فأنت قادر أن تمرّن نفسك على التسامح أو الغضب، تستطيع تمرين نفسك على خفّة الدم، كما تستطيع تدريب نفسك على السلبية والإحباط. إنّ تكوينك العاطفي اليومي ما هو إلاّ نتيجة لما تمرّنت عليه عن وعي أو في اللاوعي، فأنت لم تولد غاضباً ولكنّك عوّدت نفسك على الشعور بالغضب حتى ما عدت تتذكّر كيف تكون هادئ الأعصاب، والأمر ينطبق على مختلف المشاعر الأخرى التي نعيشها في حياتنا.-متعة الرحلة لن يضاهيها تحقيق الهدف :
كثيرون من يؤجلون الشعور بالفرح والسعادة إلى أن يحققوا أهدافهم. أن تضع نصب عينيك هدفاً سامياً وتعمل لتحقيقه أمر مميّز ونبيل للغاية، ولكن أن تضحي بسعادتك وسعادة من حولك في سبيل تحقيق هذا الهدف هو أمر خاطئ تماماً. مهما كان هدفك عظيماً فهو لا يستحق على الإطلاق أن تضحي بصحتك أو سعادتك من أجله، وكن على يقين من أنّك إذا لم تستمتع قدر الإمكان خلال رحلتك لتحقيق طموحك، فلن تجد في نهاية الطريق سوى الخيبة.-العمل الجادّ والضحك أمران متناغمان :
تعتمد هذه النقطة على سابقتها، فهناك الكثير ممّن يؤمنون بأنّ الضحك يعني أنّك لا تأخذ الأمور على محمل الجدّ. وأنّ السعادة لا يجب أن تتواجد أثناء العمل والسعي، كما لو أنّ فطرة الإنسان قد جبلت على التعب والحزن والمعاناة! هذا التفكير خاطئ تماماً وبعيد كلّ البعد عن الفطرة البشرية، فالأفكار الرائعة تظهر في حالات الاسترخاء، والإبداعية تتفجّر في أوقات الفرح والسعادة. والعلاقات الإنسانية تبدأ بضحكة أو ابتسامة، لذا فالضحك والفرح أثناء العمل أو خلال حلّ المشكلات سيفتح أمامك إمكانيات جديدة وطاقات كامنة لم تكن لتخطر لك وأنت في حالة الاكتئاب. ابدأ الآن بتغيير أفكارك ومعتقداتك ولا تدع القناعات الجامدة التي تحيط بك تسيطر عليك، فيمضي الوقت وتكتشف بعد فوات الأوان أنّ الحياة أبسط وأسهل ممّا تمّ تصويرها لك.