يفاجأ الكثير من الآباء والأمهات عند زيارتهم المدرسية للسؤال عن صغارهم في الصفوف الأولى، بتوجيه اللوم من قبل المعلمين ونقدهم حول تصرفاتهم وسلوكياتهم، التي يعتبرونها خاصةً جداً، مما يوقعهم أحياناً في الحرج، وأحياناً أخرى في مشادات مع المعلمين أنفسهم.
ما الذي يجعل الأطفال يثرثرون داخل المدارس؟ وما ردة فعل معلميهم على ذلك؟ وهل يتقبل أولياء الأمور هذه الثرثرة البريئة؟ وما رأي خبراء علم النفس التربوي والاجتماع في ذلك؟...هذا ما تسعى«سيدتي نت» للإجابة عنه في التحقيق الآتي
اندهشت «أم مايد – ربة منزل من الشارقة» أثناء إحدى زياراتها إلى مدرسة ابنها البكر «مايد»، وهو في الصف الثاني الابتدائي، حيث تنصحه المعلمة بترك الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة وتقول، وهي تضحك: قالت لي المعلمة: ألا تخافين أن تفسدي أخلاق ابنك الصغير، الذي يراك وزوجك تستمعان إلى الأغاني؟ أم مايد، حيث قالت لها: «عفواً، كيف عرفت ذلك؟ وما شأنك بحياتنا الخاصة؟».
وتتابع: أجابتني المعلمة، وهي تدرك أنها قد تجاوزت خطاً أحمر؛ بتدخلها فيما لا يعنيها: «لقد تحدث ابنك عن ذلك من دون قصد أثناء الدرس»..
بحجم النملة
الكثير من الأطفال داخل المدرسة يرغبون بالثرثرة، سواء مع زملائهم أو معلميهم، كما توضح «سامية الفقي»، معلمة، التي تتابع قائلة: «عادة ما نولي اهتماماً أكبر بالأطفال الذين يثرثرون بمناسبة أو بغير مناسبة، وإذا وجدنا أن الأمر يستدعي التدخل؛ نوجه الاختصاصية النفسية لدراسة حالة الطفل الثرثار، والذي غالباً ما يعاني مشكلات في المنزل»!
وحينما بدأ «كريم»، الطفل ذو السنوات الخمس، يشاكس زميلته في الحضانة ويقول لها أمام المعلمة: «أحبك كثيراً بحجم النملة»، وأحياناً يخبرها بأنه يحبها بعدد حبات المطر، سألته المعلمة «إيمان بدوي»: ممن تعلمت ذلك؟ أجابها بأن والده دائماً يقول لأمه: أحبك كثيراً بحجم النملة، وعندما يتحدث مع امرأة أخرى على الهاتف، يسمعه يقول لها: أحبك بعدد حبات المطر؛ فسألته المعلمة: وهل يتحدث والدك مع امرأة أخرى غير أمك؟ فأجابها بنعم، وعلّق: أبي يحب الأخرى كثيراً مثل أمي.
توقعت المعلمة في البداية أن والده خائن، إلا أنها اكتشفت حينما حضرت والدته إلى المدرسة تتفقد أحواله، أن والدته هي الزوجة الثانية، وأن هناك زوجة أولى، هي من كان «كريم» يتحدث عنها.
استدراج
أحاديث الأطفال جاءت مؤكدة على ألسنتهم ببراءة، أنهم يثرثرون داخل المدرسة مع زملائهم ومعلميهم عما يدور داخل منازلهم في كل شيء بلا استثناء. لذلك تفترض «صفاء الخميري»- موظفة- أن المعلم هو الذي يحرض الطفل على ذلك باستدراجه، ما يسبب مشكلات بين المدرسة وأولياء الأمور.
وتبتسم الطالبة «نورا عبدالله» 12 سنة، وتعترف بأنها تتحدث عن كل ما يدور في المنزل، وبخاصة إلى معلمتها المسؤولة عنها في الصف؛ فهي، حسب قولها، ترتاح أيضاً عندما تتحدث لزملائها، وبالأخص ابنة خالها، حيث إنها الأقرب لي، وأشعر بفرحة كبيرة حين أقوم بذلك.
توبيخ
باعتراف بعض الطلاب، أن المعلمين يغرونهم بقدرتهم على الاستماع؛ حيث يتحدث «عبود جاسم»، 9 سنوات إلى المعلمة عما يدور داخل المنزل من مشكلات، تصل لحد الضرب بين أمه وأبيه، ويطلب منها كتمان ذلك؛ تضيف المعلمة نورا: «هو يخبرني أن أباه دائماً يتشاجر مع أمه، وأنه حزين لذلك ويبكي، وأعتقد أنني أهتم لأمره أكثر من أمه».
كذلك مهرة سلطان «11 سنة»، تحكي دوماً لمعلمتها ما يحدث لها من مشكلات مع والدتها، تتابع مهرة: «أمي لا هم لها سوى الخروج مع صديقاتها للتسوق، وإن بقيت في البيت؛ فهي لا تتوقف عن الحديث معهن على الهاتف، وفي إحدى المرات استدعتها إدارة المدرسة، وأخبرتها معلمة الصف أن تهتم بي مثل اهتمامها بصديقاتها؛ فوبختني وافتعلت مع المعلمة مشكلة كبيرة».
مهارة الاستماع
ثلاثة أنواع من البيوت، تكثر فيها مثل هذه المشكلات، وهي البيوت التي تعاني من الطلاق، كما يرى الدكتور سالم السالم، مستشار الموارد البشرية، أما النوع الثالث فيكون فيه الأبوان؛ بسبب التفريق بين الأبناء في التعامل، أو كأن تكون الأم من دولة شرق آسيوية؛ مما يشعر الطفل بالخجل بين زملائه.
المزيد: