هل شعرت يومًا أنك أضعت فرصة كان من الممكن أن تغير حياتك؟ هل شعرت بالندم أنك لم تخبر هذا الشخص المميز بما تشعر به حقًا؟ هل شعرت بالندم لأنك تصرفت بطريقة لا تليق مع شخص عزيز لديك ففقدته؟
لا شك أن الندم شعور قوي يمكن أن يكون له تأثير واسع على حياتنا وطريقة تفكيرنا ومعالجتنا لكثير من الأمور، فالندم شعور غامر من الممكن أن يطاردنا لسنوات قادمة، ولا يمكننا التحرر من أغلال هذا الشعور، ولا تتوقف هذه المطاردة مهما طال الزمن، فتشقى حياتك وتتذوق مرارة الهزيمة والإنكسار، ولكن توقف.. قد يكون الشعور بالندم دافعًا للحياة وحافزًا لتطوير الذات.. كيف ذلك؟ تابع السياق التالي.
ما هو الندم؟
لكي نتعرف على كيفية إدارة عقارب الساعة وتحويل الندم من طاقة سلبية هادمة لطاقة إيجابية محفزة، لابد من التعرف على معنى الندم والذي تُعرفّه بثينة نجاتي، خبير التنمية البشرية والدعم الذاتي لسيدتي بأنه: نوع من العواطف الذاتية ينشأ عندما نشعر أننا اتخذنا قرارًا سيئًا أو خاطئًا أو أضعنا فرصة غالية، وغالبًا ما يرتبط بمشاعر سلبية مثل الحزن وخيبة الأمل والإحباط، وقد يؤدي إذا تفاقم إلى نوع من الاكتئاب المرضي وصولًا لعواقب أكثر سوءًا.
أسباب الندم
يمكن أن ينجم الندم عن مجموعة واسعة من الأسباب منها:
- عدم تحقق حلم طالما راودنا
- عقب علاقة فاشلة كنا نحن أحد أسباب فشلها.
- اختيار المسار الوظيفي الخطأ.
- التسبب في حدوث مشكلة لشخص ما..
وتؤكد نجاتي أن الندم مشاعر عادية وطبيعية يشعر بها الجميع، ولكن قد يكون من الصعب التعامل معها.
كيف يؤثر الندم على حياتنا؟
تقول: يمكن أن يكون للندم أثر كبير في حياتنا، فكما قلنا قد يؤثر على صحتنا العقلية والعاطفية وطريقة صنعنا للقرار، حيث نتخذ القرارات السريعة والمفاجئة، والتي غالبًا ما تكون ردة فعل خاطئة، كذلك فإن الندم قد يكرس لدينا الشعور بأننا عالقون في الماضي، وغير قادرين على النهوض للتغلب على أخطائنا، وبالتالي قد يكون له تداعيات فتتفاقم مشاعر الحزن والاكتئاب والقلق، يمكن كذلك أن يؤثر الندم على عملية صنع القرار في المستقبل، مما يجعلنا نكون حذرين بشكل مفرط أو مترددين في المخاطرة، على أنه قد يكون حافزًا قويًا في بعض الأحيان يدفعنا إلى إجراء تغييرات في حياتنا، ولكنه يمكن أيضًا أن يعيقنا، وهكذا فإشكالية الندم بحياتنا فد تكون معضلة صعبة إلا أننا يمكننا أن نتماهى معها، ونتغلب عليها بالنهاية.
تؤكد نجاتي: أن الندم ليس شعورًا سلبيًا في المطلق فالكثيرون يعتقدون أن الندم جزء ضروري من الحياة، ويستخدمونه كأداة لتحفيز أنفسهم وتطوير ذواتهم، لأنه يساعد على التعلم من الأخطاء واتخاذ قرارات أفضل بالمستقبل، في حين يرى آخرون أن الندم ما هو إلا شعور سلبي يجب تجنبه بأي ثمن وقمعه، معتقدين أن الخوض في الماضي لا طائل منه.
يمكنك التعرف من هذا السياق على كيفية تجنب الندم إذا ولجت إلى الرابط كيف نعيش من دون ندم؟
كيفية التعامل مع الندم
تقول بثينة نجاتي: قد يكون التعامل مع الندم أمرًا صعبًا، ولكن هناك عدد من الاستراتيجيات الذكية التي يمكن تساعدك بهذا الأمر وهي:
- الاعتراف بالندم وقبوله.
- الاعتراف بأن الندم شعور طبيعي ويحدث للكثيرين.
- مارس التعاطف مع الذات
- تحديد الأخطاء التي تسببت بحدوث الندم.
- قم بالتعويض إن أمكن
- التعلم من التجربة التي أدت إلى الندم.
- تحديد كيفية تجنب ارتكاب نفس الخطأ في المستقبل.
استراتيجيات ذكية لتحويل الندم إلى دافع لتطوير ذاتك
-
الاعتراف بالندم وقبوله.
تقول بثينة: إحدى الخطوات الأولى للتعامل مع الندم الشخصي هي الاعتراف بمشاعرك، من المهم أن تتعرف على المشاعر التي تمر بها وتتقبلها، سواء كانت الشعور بالذنب أو الحزن. يمكن أن يؤدي تجاهل هذه المشاعر أو قمعها إلى مزيد من الاضطراب العاطفي ويمكن أن يزيد من صعوبة المضي قدمًا. بدلًا من ذلك، حاول مواجهة مشاعرك بشكل مباشر ومعالجتها بطريقة صحية.
الاعتراف بأن الندم شعور طبيعي ويحدث للكثيرين.
إن التفكير في التجربة التي تسببت في ندمك يمكن أن يساعدك على اكتساب فهم أعمق لما حدث من خطأ، فالندم شعور طبيعي ويحدث للكثيرين، يمكن أن يساعدك هذا التفكير في تحديد أي أنماط أو سلوكيات قد تساهم في شعورك بالندم. خذ وقتًا للتفكير فيما كان يمكنك فعله بشكل مختلف، وما يمكنك تعلمه من الموقف، وهذا سيساعدك ولا شك على اتخاذ قرارات أفضل في المستقبل وتجنب تجارب الندم المماثلة.
-
ممارسة التعاطف مع الذات
من السهل أن نكون قاسيين على أنفسنا عندما نرتكب أخطاء أو نشعر بالندم. ومع ذلك، فإن ممارسة التعاطف مع الذات يمكن أن تساعدنا على أن نكون أكثر تسامحًا ولطفًا مع أنفسنا. حاول أن تعامل نفسك بنفس اللطف والتفهم الذي قد تقدمه لصديق يمر بتجربة مماثلة. يمكن أن يساعدك هذا على الشعور بمزيد من السلام مع الموقف والمضي قدمًا.
-
تحديد الأخطاء التي تسببت بحدوث الندم.
عندما تقوم بتحليل الموقف ومعرفة الأسباب التي دفعتك لهذا التصرف وبدقة ستتمكن من معرفة أخطائك، وستدرك الأبعاد التي أوصلتك للإقدام على هذا الأمر الذي سبب لك الندم، ومن ثمّ فلن تقدم على الإتيان بمثل هذه التصرفات بالمستقبل، وستكون أكثر حرصًا وحذرًا.
-
قم بالتعويض إن أمكن
إذا أدت تجربتك غير السارة إلى التأثير على شخص آخر، فقد يكون من المفيد التعويض إن أمكن، قد يتضمن ذلك الاعتذار وتحمل المسئولية والتبعات التي ترتبت على أفعالك وبذل جهد لإصلاح أي ضرر يحدث. على الرغم من أنه قد لا يكون من الممكن دائمًا تصحيح الأمور، إلا أن اتخاذ خطوات للتصحيح يمكن أن يحرك المياه الراكدة ويكسبك الشعور بأنك شخص إيجابي، والذي سيساعدك بالتأكيد على المضي قدمًا.
-
التعلم من التجربة التي أدت إلى الندم.
في حين أن التجارب التي نندم عليها يمكن أن تكون مؤلمة، إلا أنها يمكن أن توفر أيضًا فرصًا تعليمية قيمة. استخدم هذه الخبرة للتفكير في ما تقدره وما هو مهم بالنسبة لك. يمكن أن يساعدك هذا على اتخاذ قرارات أفضل تجنبك الوقوع في نفس الخطأ، ويمكن كذلك أن تساعدك على النمو كشخص. تذكر أن الأخطاء جزء طبيعي من الحياة، وأنها يمكن أن تساعدنا على التعلم والنمو، وتكون حافزًا لنا إذا تعاملنا معها بعقل واعٍ ورغبة في التعلم والتطور والازدهار.
يمكن أن تكون تجارب الندم الشخصية صعبة، ولكنها يمكن أن توفر أيضًا دروسًا ورؤى قيمة. من خلال الاعتراف بمشاعرك، والتفكير في التجربة، وممارسة التعاطف مع الذات، وإجراء التعديلات إن أمكن، واستخدام التجربة كفرصة للتعلم، يمكنك المضي قدمًا والنمو من هذه التجربة.
-
تحديد كيفية تجنب ارتكاب نفس الخطأ في المستقبل.
لا بد أن تتحلى بنظرة للمستقبل، وتكون فيه أكثر حرصًا في التعامل مع مجريات الأمور التي تسبب لك الندم، فإذا كان الغضب هو الدافع لارتكاب أخطاء تؤدي للندم، فلا بد من ترشيد الغضب
- إذا كان الاندفاع هو الدافع لارتكاب أخطاء تؤدي للندم، فلا بد من تجنب الاندفاع.
- إذا كان الكبرياء والأنفة هو الدافع لارتكاب أخطاء تؤدي للندم، فلا بد من تجنب هذا الكبرياء الزائف.
- إذا كان ضيق الأفق هو الدافع لارتكاب أخطاء تؤدي للندم، فلابد من أن يتسع صدرك للآخرين.
وهكذا عند رصدك المسبب الرئيسي للندم لا بد من تجنبه، أو على الأقل ترشيده؛ ليتحول الندم من مجرد لحظات ألم إلى طاقة محفزة نحو تطوير الذات، وإذا أردت التعرف على طرق اكتشاف أسرار تطوير الذات لحياة أكثر تميزاً