مثل كل عام احتفل مسلمو لندن بعيد الفطر المبارك مع بقية الدول الإسلامية, وذهبوا إلى الجوامع وصلّوا صلاة العيد بحماية الشرطة البريطانية, وقد كان منظراً مهيباً يتمثل بالجموع الغفيرة التي كانت تأخذ في الغالب هيئة عائلاتٍ وأقارب وأصدقاء بعضهم بازيائهم القومية وآخرون بثيابٍ دينية وهم يسيرون في الشوارع المؤدية إلى الجوامع وحولهم رجال الشرطة البريطانية وهم راجلين أو ممتطين خيولهم كي ينظموا لهم الطريق ويبعدوا عنهم أية مشكلة قد تؤثر على انسيابية حركتهم في عاصمة متعددة الثقافات والأديان يعيش أهلها في تسامح ٍ وتآلفٍ وقبولٍ للآخر.
واليوم يعود مسلمو لندن للاحتفال بالعيد مرة أخرى ولكن بطريقةٍ مغايرة ٍ هذه المرة, بعد ان حولوا ساحة ترافالغر سكوير ( ساحة الطرف الأغر) إلى منصة ٍكبيرة لمهرجانهم الذي يحمل عنوان (مهرجان العيد ) في تقليدٍ سنوي بدأ في عام 2006 ويدخل اليوم عامه العاشر وسط إقبال كبير من الجالية المسلمة وحشود الزوار من كل الأديان والذين تجاوز عددهم أكثر من 25 ألف وهذا ما يضع المهرجان في قائمة الفعاليات السنوية الكبرى التي تشهدها العاصمة لندن والتي تقام باشراف عمدة لندن "بوريس جونسون" الذي يؤكد دائماً على أصول أجداده الأتراك المسلمين.
"عيد مبارك" ..العبارة الأكثر تداولاً
بدأ المهرجان عند منتصف النهار واختتم فعالياته في الساعة السادسة مساءً، وقد اجتمعت له كل عوامل النجاح في هذا العام، فالجو كان مشمساًً ودرجة الحرارة في أفضل معدلاتها والسياح يملؤون شوارع لندن ويتجولون في معالمها لذا فقد كان صوت الموسيقى ورائحة الطعام والبخور كافيين لأن تأخذان أقدامهم من محطة "المترو" إلى حيث يقيم المسلمون فعالياتهم البهيجة التي توزعت على العروض الموسيقية والمسرحية والرياضية مع وصلات غنائية وعروض أزياء وكتابة الأسماء والعبارات الجميلة بالخط العربي والرسم على وجوه الأطفال والنقش بالحناء والأهم هي أكشاك الطعام التي تنوعت وتعددت وكان ثمة حضور للمطبخ الماليزي والاندنوسي والهندي واللبناني والمصري والمغربي والتركي، ورغم اختلاف الثياب والسحنات والملامح واللغات والثقافات إلا انهم اجتمعوا على عبارة (عيد مبارك) التي كان يقولهما أحدهم للآخر وأيضا الابتسامات التي كانت مرسومة على كل الوجوه، فالعيد هو الفرح وهذه هي رسالة المهرجان.
عندما تسافر بعيداً وأنت في مكانك
وفي تجوالنا بين الناس وسؤالنا عن انطباعهم عن هذا المهرجان كانت الأجوبة في الغالب تؤكد على رسالة السلام التي تبعثها مثل هذه المهرجانات وعلى ان الإسلام دين محبة وتسامح وان المسلمين يحبون الحياة ويحتفون بها, فيما رأى آخرون أن الهدف هو تأكيد الهوية وتعريف المسلمين بثقافات بعضهم البعض وتمتين الأواصر بين أبناء الجالية المسلمة في بريطانيا وبينهم وبين الآخرين، فيما قال الزوار من غير المسلمين: "إذا كنت مسلماً أم لم تكنْ فانك ستجد في هذا المهرجان ما يشدّك ويثير فضولك، وكأنك تسافر إلى أماكن بعيدة وأنت في مكانك". فيما قال أحد باعة الطعام: "إنه يوم رائع فأنا لم أتوقفْ عن خدمة الزبائن لحظة واحدة والطلب على طعامنا لا يعرف الحدود".