عقد المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر ندوة عن الطلاق المبكر، وذلك لإعلان نتائج البحث الذي أجراه المركز حول أسباب الطلاق المبكر في المجتمع وكيفية مواجهة تلك الظاهرة، ومن ضمن نتائج الدراسة كان تأثير الإنترنت على ذلك، حيث أكدت أن الإنترنت لا يزال يلعب دوراً أساسياً في العلاقة بين الزوجين، وقد تسبب في العديد من المشكلات الزوجية، كما أدى إلى فتح باب للخيانة الزوجية.
في هذا الإطار حاول البحث التركيز على هذا المتغير كأحد أسباب الطلاق، وتبين من خلال نتائج الحالات الميدانية أن الإنترنت لعب دوره في التأثير على الحوار الأسري، حيث أشارت إلى ذلك 27 في المائة من حالات الدراسة الميدانية وأن هناك 15 في المائة من الحالات أشارت إلى حدوث خيانة زوجية من خلال الإنترنت، 12 في المائة منها متعلقة بالأزواج و3 في المائة بالزوجات، وأن هناك 27 في المائة من الحالات الميدانية أشارت إلى أن الإنترنت لعب دوره في الانفصال العاطفي بين الزوجين.
«سيدتي» ناقشت هذه الدراسة مع خبراء الاجتماع والنفس والشرع ونماذج من الأزواج.
أسباب انفصال الزوجين
ياسمين امرأة انفصلت بسبب الخيانة الإلكترونية، إذ علمت بعد عام من الزواج أن زوجها له العديد من العلاقات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول: "لقد واجهته فأنكر، وحدثت العديد من المشاكل لأني شاهدت بنفسي المحادثات، وبعدها أكد أن الأمر لن يتكرر، ولكن بعد فترة اكتشفت أنه ما زال مستمراً، ودائم الاهتمام بالإنترنت أكثر من الحياة بيننا أو المنزل، ولم أستطع تحمل ذلك، ولذلك قررت فوراً الانفصال، فلا أستطيع أن أعيش هذه الحياة والخيانة".
أما أحمد علي فقد قرر الانفصال منذ الخطوبة... ويوضح ذلك: "كانت خطيبتي مدمنة مواقع تواصل اجتماعي، والكتابة على الجروبات، لدرجة أني عندما كنت أحدثها في الهاتف كانت تطلب مني أن نتحدث عبر الشات، حاولت أن أوضح لها أن هذه المواقع تسرق وقتها وأنها تبعدها عن الحياة الواقعية، ولكني لم أستطع تغييرها، ولذلك كان لا بد أن أبتعد عن الحياة الافتراضية وانفصلنا".
تضخم معدلات الطلاق
تقول د. سعاد عبد الرحيم، مديرة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: "المجتمع المصري يشهد حالة من الاختلال، وإن تضخُّم معدلات الطلاق المبكر ظاهرة تفرض واقعاً مؤلماً لجيل لم يتم تأهيله نفسياً واجتماعياً، حيث وصل عدد المطلقات في مصر ما يقارب 4. 5 مليون مطلقة، وأشارت النتائج إلى أن العدد الأكبر من الحالات أكد على أهمية المحددات الأخلاقية في الاختيار، فقد أكد 80 في المائة من الحالات على ذلك، وكشف البحث أن 19 في المائة من حالات الدراسة أشارت إلى أن أهم محددات الاختيار تتمثل في العائلة والنسب، وأعطت 13 حالة من الحالات الميدانية اعتباراً للحب والرومانسية على اعتبار أنهما من محددات الزواج، بينما أكدت 12 في المائة من الحالات على أهمية المظهر كأحد محددات الاختيار الزواجي، وأعطت تسع حالات اعتباراً مهماً للمحددات المادية، وأشارت 7 في المائة من الحالات إلى أنها لم تكن لديها معايير للاختيار ومنهم من أجبر على الزواج". وأضافت: "كما أن الإنترنت لعب دوراً كبيراً في أزمة الطلاق المبكر، حيث غاب الحوار بين الطرفين، والبعض أصبح يبحث عن طرف آخر من خلال الإنترنت فظهرت الخيانة الإلكترونية، وبالتالي يصبح هناك انفصال عاطفي بين الطرفين، ويكون الانفصال هو النتيجة الحتمية، وكل ذلك يؤثر بالطبع على الأسرة والمجتمع".
الانترنت باب للتعارف والخيانة
يقول د. وليد رشاد، أستاذ علم الاجتماع بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية والمشرف على الدراسة: "ظهور الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي فتح باب التعارف والخيانة الزوجية، ولعب دوراً كبيراً في ارتفاع معدلات الطلاق، وكان له أثر كبير في تفشى تلك الظاهرة، وما نتج عنه من الانفصال العاطفي بين الزوجين، فأصبح كل طرف ينشغل بالإنترنت عن الطرف الآخر، وعلى المستوى الأسرى نجده قد خلق نوعاً من التباعد بينهم والفرقة، وأدى إلى العديد من المشاكل، وبالطبع منها مشكلة الطلاق المبكر، ولذلك فهناك ضرورة للتوعية بتلك المشكلة، وأن تكون هناك مساحة مشتركة بين الزوجين، واهتمام واحتواء للآخر".
معالجة الخلل الزوجي
من جانبها تقول د. سميحة نصر، أستاذة علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: "الخيانة الإلكترونية أصبحت كابوساً يهدد الأسرة، والإنترنت في حالة استخدامه الخاطئ يتحول إلى خراب للبيوت، حيث إن مواقع التواصل الاجتماعي أثرت بشكل كبير علي المجتمع، حيث أدت إلى المزيد من العزلة وعدم تبادل الحوارات كما كان يحدث في الماضي، وكل من الزوجين أصبح يعيش في عالمه الافتراضي، ونجد من يبحث من خلال الإنترنت عن فتاة لا تعرفه ولا يعرف طبيعتها، فهو يبحث عن الرومانسية فقط، ويحاول إشباع حاجة يفتقدها، ويجد متعة هي في الحقيقة وقتية، وتبدأ المشاكل بين الزوجين، وينتهي الأمر بالانفصال، فيجب أن نعالج هذا الخلل الذي انتشر في المنازل، ويصبح هناك نقاش وحياة حقيقية بين الزوجين وليست حياة افتراضية".
نصائح للزوجين
أما د. شيماء إسماعيل، استشاري العلاقات الزوجية والأسرية، فتقول: "للأسف نسبة كبيرة من الطلاق تكون بسبب مواقع التواصل الاجتماعي، ويجب أن تكون هناك أسس يسير عليها الزوجان حتى لا يحدث الطلاق المبكر، فأي شيء يثير استياء أحد أطراف العلاقة الزوجية من الممكن معالجته من خلال الحوار والمصارحة والتفاهم، وذلك بدلاً من كثرة طلب الطلاق التي أصبحت على لسان الكثير من النساء، وارتفاع نسبة الطلاق بسبب كل ذلك، وبسبب غياب الحوار بين الزوجين وعدم محاولة تقريب المسافات، فأبرز أسباب الطلاق بين الزوجين هو عدم وجود فرصة للتفاهم والحوار بينهما، خصوصاً لو كان زواجهما في بدايته، فيتم الطلاق بينهما بعد فترة قصيرة لعدم وجود تفاهم، وعلى الطرفين أن يصارحا بعضهما بكل ما يثير استياءهما، وأن يستمعا لبعضهما".
الإنترنت ونشر الفساد
الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف، شرح موقف الشرع من الظاهرة فقال: «إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا»، والله سبحانه وتعالى يدعونا إلى مكارم الأخلاق، ومن مكارم الأخلاق التعامل بين البشر وحسن التعامل بينهم، وليس التعامل مع أشخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو الخيانة الإلكترونية، فهذه الأشياء مفاسد للأخلاق والهدف منها نشر الفساد بين الشباب، وهناك من لديه هوس بمثل تلك الأشياء، ولكنه هوس شاذ لا يأتي منه خير أبداً، وحتى العلاقات العاطفية عن طريق الإنترنت لا تجوز، فكلها مفاسد جاءت من الغرب للإضرار بشبابنا وتفسده، وعليهم الابتعاد عن كل ذلك.