تعرفي كيف ألهمت الموسيقى مصممي الأزياء على مدى العصور

 ألهمت الموسيقى مصممي الأزياء على مدى العصور
تعرفي كيف ألهمت الموسيقى مصممي الأزياء على مدى العصور

من المعروف أن للموسيقى تأثيراً بالغاً على الفن بكافة أشكاله وصنوفه وأجناسه، فنغمات الموسيقى الساحرة الصاخبة، والهادئة الوادعة، والألحان العذبة المؤثرة تكاد تكون إحدى أيقونات الإلهام المدهشة المحفزة للطاقات المثيرة للإبداعات المكرسة للانفرادات؛ والمؤججة للتجليات؛ والمحفزة لملكات الفكر والخيال لدى الفنانين والمبدعين في كل عصر.

على أن صناعة الموضة والأزياء كأحد أشكال الفنون والإبداع لم يتوقف تأثير الموسيقى عليها كمصدر لإلهام مبدعيها فقط، بل تخطى الأمر ليصل للموسيقيين أنفسهم والذين حولوا صرعات الموضة واتجاهاتها لصرعات موسيقية تتسق مع عصورهم وفتراتهم الزمنية.

بالسياق التالي؛ ومع استمرار أسبوع دبي للموضة بفعالياته المدهشة، حيث يلتقي مصممون من كل أنحاء العالم يعرضون أحدث اتجاهاتهم في عالم الأزياء والموضة،"سيدتي" تعود بك للوراء لتحدثك عن تأثير الموسيقى على الموضة وصناعها، وكيف أثرت وتأثرت بها، وكيف ألهمت الموسيقى مصممي الأزياء على مدى العصور.

الموسيقى مصدر إلهام وحافز للإبداع بالصفوف الخلفية

كان الحاضرون يرتدون ملابسهم الفخمة معقدة التصميم متعددة التفاصيل


عُرفت الحفلات الموسيقية منذ بداياتها الأولى بالعصور الوسطى بكونها ملتقى الأثرياء والأمراء والمثقفين من الطبقة المخملية بالمجتمع الأوروبي، فقد أُقيم أول حفل موسيقي معروف عام 1749 في مدينة بولونيا بإيطاليا، وحضره الطبقة الحاكمة وعلية القوم بذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الحفلات الموسيقية عنصراً أساسياً في سياقات الترفيه الاجتماعية لعلية القوم، وقد لعبت الموضة في ذلك الوقت دوراً رئيسياً في تشكيل المشهد البصري للموسيقى، حيث كان الحاضرون يرتدون ملابسهم الفخمة معقدة التصميم متعددة التفاصيل التي تتسق مع  النغمات الأوبرالية والألحان والمقطوعات الموسيقية الكلاسيكية الفخمة.
عندما سنحت الفرصة لعامة الشعب للمشاركة وحضور مثل هذه الحفلات كان لزاماً عليهم أن يرتدوا أفضل التصاميم، حتى يظهروا بمظهر حسن لائق لا يقل أناقة ولا شياكة عما ترتديه الطبقات العليا من المجتمع الراقي، فكانت السيدات تتبارين في ارتداء أجمل الفساتين ويخترن أرقى التصميمات ويضعن أفخم الإكسسوارات ويصففن شعرهن وفق أحدث صرعات العصر.
ظلت الحالة بذات السياق حيث الموسيقى أحد سياقات الإلهام التي تقف على الصفوف الخلفية كحافز دافع لإبداع المصممين والحياكين وصانعي الموضة بذلك العصر، وما تبعه من عصور موسيقية كعصر الباروك والعصر الرومانسي وغيره وصولاً للعصر الحديث، وعصر ما بعد الحداثة والتكنولوجيا.
وفي سياق مشابه يمكنك التعرف على الثقافة السعودية و"سناب شات" تأخذان "أسبوع الأزياء في الرياض" إلى المسرح العالمي عبر دمجه بالمعالم الأثرية العالمية

صناعة الأزياء تواكب تحولات الموسيقى

تطور مشهد الحفلات الموسيقية الحية بشكل ملحوظ عندما خرجت الموسيقي من فضاءات الأماكن الكلاسيكية المخصصة للاستماع مثل الأوبرا والمسرح وصارت أكثر انتشاراً والتصاقاً بمختلف فئات الشعب وطبقاته، وذهبت الحفلات للعامة بالأسواق والمسارح الشعبية والمقاهي، وقد واكبت صناعة الأزياء هذه التحولات، وصارت تصاميم الملابس أكثر بساطة وعملية، وتخلصت من الكثير من فخامتها وتعقيدات تفاصيلها، كما بدأ بالظهور نسق موسيقى غير اعتيادي أكثر بساطة وأكثر تعبيراً عن المجتمع وحالاته.
وعبر كل المدارس والاتجاهات الفكرية والثقافية والتي حملت ألوية التغيير ظهر تأثير الحركات الموسيقية العالمية على صناعة الأزياء وتصميمها، ومن ثم فقد اختلفت سياقات التأثير والتأثر ما بين صناعة الموسيقى وصناعة الأزياء.

الموسيقى عنصر أساسي في صناعة الأزياء

صورة حيث يتم عرض ملابس مايكل جاكسون خلال يوم المعاينة الصحفية لإعادة افتتاح متحف جرامي في متحف جرامي في 12 مايو 2021
(مصدر الصورة :Frazer Harrison/Getty Images/AFP / Getty Images via AFP / GETTY IMAGES NORTH AMERICA / Frazer Harrison)
   
 

بعد أن كانت الموسيقى مجرد ملهم تقليدي يخلق الأجواء السحرية المحفزة لعقل وخيال مصممي الأزياء، صار الأمر أكثر تعقيداً، فوفقاً لموقع universityoffashion.com عُدت الموسيقى عنصراً أساسياً في صناعة الأزياء، ومع ظهور فعاليات الموضة وعروض الأزياء استخدم المصممون الموسيقى لخلق حالة مزاجية وأجواء للمساعدة في عرض تصاميمهم على الجمهور.
لم تتوقف الموسيقى عند إلهام المصممين فقط بل أصبحت جزءاً أساسياً من عروض الأزياء، كما استخدم الموسيقيون صرعات الموضة في ملابسهم وأسلوبهم لإنشاء هوية بصرية مميزة تساعد في تحديد صورتهم وشخصيتهم لدى الجمهور، فظهر تعاون الموسيقيين جلياً مع المصممين خلال العصر الحديث وما بعد الحديث لإنشاء خطوط ملابس تعكس أسلوبهم الشخصي، كما أصبحت أزياء الشارع أيضاً عنصراً أساسياً في تسويق الموسيقى، وغالباً ما يطلق المصممون خطوط أزياء محدودة الإصدار لتتزامن مع إصدار الألبومات أو الجولات الموسيقية.

الأزياء تتماهى مع سياقات العصر

فمنذ الستينيات ظهر للموسيقى تأثير كبير على صناعة الموضة وكان الموسيقيون في طليعة اتجاهات الموضة، وقد تم تقليد أسلوبهم من قبل المعجبين في جميع أنحاء العالم، فقد اشتهرت فرقة البيتلز بتسريحات شعرها الممسحة المميزة وبدلاتها الحادة، وتحولت لصرعة شبابية بذلك الوقت.
ومع انتشار موسيقى الهيب هوب بأسلوبها الذي واكب العصر ليتحول لثقافة عبرت عنها الموضة وصناعة الأزياء، وبالمثل، في الثمانينيات، اشتهرت مادونا باختياراتها المدهشة للأزياء، والتي شملت جوارب شبكية، وقفازات من الدانتيل، كما كرس ملك البوب مايكل جاكسون لصرعة الملابس البراقة والسترات الذهبية المتوهجة وإكسسوارت السلاسل الفضية والأزرار اللامعة.
ومع ظهور المصممين الجدد الذين كرسوا لموسيقى الراب التي اجتاحت العالم والتي رجوت لثقافة الشارع بشكل لافت وكان على رأسهم فنانون مثل Tupac Shakur والذين نشروا صرعة القمصان والسراويل الفضفاضة والسترات كبيرة الحجم، وصولاً للموسيقى التي كرست باتجاه الموضة التي كانت تدور حول قمصان الفانيلا، والجينز الممزق، والأحذية القتالية.
مع بداية الألفينات بدأت أزياء الهيب هوب في التماهي بطريقة أكثر ملاءمة مع العصر كما عمد مغنيو الراب مثل جاي زي، وكاني ويست، وفاريل ويليامز لارتداء ملابس ضيقة، بما في ذلك الجينز الضيق، والبدلات المصممة خصيصاً، والأحذية الرياضية المصممة وفقاً لذائقتهم الخاصة وسرعان ما تبنى عشاق الهيب هوب هذا الاتجاه وأصبح رمزاً جديداً للثقافة.

تداخل الموسيقى والأزياء لتتماهى مع عصر التكنولوجيا

تداخل الموسيقى والأزياء لتتماهى مع عصر التكنولوجيا


خلال عصر الحداثة وما بعدها استطاع عدد من الفنانين والموسيقيين خلق شخصية بصرية شديدة التميز عكست أيديولوجياتهم الفكرية وتوجهاتهم الثقافية، ففنانون مثل ليدي غاغا عمدوا لأزياء ومصممون خلقوا لهم أسلوباً فنياً شديد الخصوصية، كذلك بيونسيه جعلت من أزيائها وإطلالاتها أسلوباً تنقل من خلاله رسائل التمكين والثقة بالنفس، مما خلق لها لغة بصرية لا تقل أهمية عن كلمات أغانيها المؤثرة.
اليوم في خضم توغل التكنولوجيا في مختلف مناحي الحياة من الأقمشة الذكية إلى التكنولوجيا القابلة للارتداء، جنح المصممون لدمج التكنولوجيا بشكل متزايد في تصميماتهم وكرسوها لتتسق مع طبيعة العصر وهو ذات السياق الذي استخدمه الموسيقيون الذين أنشأوا أشكالاً جديدة من الموسيقى والفنون البصرية، حيث استخدم فنانون مثل بيورك، بإطلالته المدهشة، الواقع الافتراضي لإنشاء تجارب موسيقية غامرة.
بالنهاية نجد أن تداخل سياقات الموسيقى وصرعات الموضة إشكالية لا تنتهي لتظل مرآة عاكسة لتجليات العصر وسياقاته.
ويمكنك التعرف في هذا السياق على السعودية تشهد حركةً شبابية مبدعة في مجال الأزياء تنافس العالمية