ما أن يبدأ العشر الأواخر من رمضان إلا ويبدأ الإعداد لميزانية العيد، وما تقتضيه من احتفال وبهجة بدءا من إعداد خامات كعك العيد وحلوياته وحتى ملابس االعيد وحلوى الاطفال والعيدية، ولا ينسى رب الأسرة تضمين الميزانية طقوس الوقفة وبيجامتها المنزلية الزاهية..
بيجامة الوقفة طقس مقدس
تعد بيجامة الوقفة طقس مقدس لدى كثير من الأسر، فهى أحد المباهج الاستباقية للعيد ، حيث تبدأ الأمهات رحلة البحث عن أحدث أنواع البيجامات الزاهية المناسبة لإسعاد الصغار، وفى بعض الأحياء الشعبية تخرج بيجاما الوقفة عن طور كونها رداء منزلى، فيسمح للصغار بالخروج للعب أمام المنزل ببيجاما الوقفة الجديدة، أو الذهاب لشراء بعض متطلبات العيد من المحال القريبة، او حتى إيصال "صاجات" الكعك والبسكويت (صوانى ضخمة من الألومينوم) للفرن لكى يتم خبزها.
متى بدأ طقس بيجاما الوقفة
لا يعلم الكثيرون متى بدأ تحديدا طقس بيجاما الوقفة ولا كيف انتشر بين الأسر العربية، إلا أن الجميع لا يختلف أن هذا الطقس الاستباقى للعيد بدأ فى مصر فى فترة الثلاثينيات من القرن الماضى حسب د. زاهية النبراوى (دكتوراة بعلم الأزياء من كلية الفنون الجميلة، شعبة فنون تعبيرية) حيث تؤكد أن الأسر البسيطة قديما، كانت تشترى، أوتقوم بتفصيل، البيجامات المخططة (المقلمة) او الجلباب المخطط، وهو رداء كان شائعا لأصحاب المهن فى ذلك الوقت، كرداء للعيد للصغار من الاولاد ، والبنات كن يرتدين فستان قطن كرانيش مطعم بالدانتيل، وبمرور الزمن تحولت البيجاما لاحد طقوس الوقفة، حيث تم ازاحتها لتسبق العيد بيوم، وأصبحت الأسر تشترى بيجاما للوقفة مع ملابس خروج للعيد بشكلها التقليدى وهى فستان للفتايات زاهى الالوان وبدلة ضابط شرطة أو ضابط جيش للأولاد..
متى صنعت البيجاما لأول مرة؟
تقول د. زاهية النبراوى القصة بدأت من الشرق فكلمة بيجاما او بيجامة كلمة فارسية تعنى "رداء الساق" اوالسروال الحريمى، والبيجاما الأصلية هي سراويل فضفاضة وخفيفة الوزن مزودة بأربطة خصر كان المسلمون يرتدونها في الهند ونقلها الأوروبيون أثناء فترة استعمارالهند الشرقية.
في أوائل تسعينيات القرن التاسع عشر، كان الرجال هم فقط من يرتدون البيجامات القطنية، والبيجامات الحريرية في المنزل، حتى استطاعت كوكو شانيل Coco Chanel إقناع النساء بأن البيجامة أكثر أناقة بالنسبة لملابس النوم التقليدية فى أحد عروض الأزياء التى عرضتها بمطلع عشرينات القرن الماضي.
وعن تصاميم وخامات البيجاما تقول د. زاهية النبراوى كانت بسيطة سادة ومقلمة ومخططة ومصنوعة من قماش الكستور القطنى وتحولت لزى منزلى موحد للمصريين بين فترة الخمسينيات والثمانينات للقرن الماضي حيث كان يوزع الكستور على الفقراء مع مساعدات الدولة التموينية، وكان يرتدى البيجاما بهذا التصميم كافة أطياف الشعب المصرى بدءا من الفقراء حتى الموظفين وكبار الدولة، ووصولاً للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الذي كان يرتدي بيجامته المقلمة في بيته.
وعن الخامات الاخرى التى استخدمت لصناعة البيجاما، استخدموا البفتة، وتيل نادية، والكستور، وفى تلك الفترة تأكد طقس بيجاما الوقفة كطقس احتفالى استباقى للعيد..
تحكى د. زاهية رواية طريفة أن الرئيس السادات عقب انتصار 1973 أمر أن يستبدل الأسرى الإسرائيليين ملابسهم العسكرية ببيجامات مصرية من الكستور المقلم ليعودوا بها لإسرائيل سخرية منهم، وقد تناولت العديد من وسائل الإعلام العالمية هذا الموضوع.
تقول د. زاهية استمرت البيجاما بشكلها التقليدي عشرات السنوات حتى ظهرت التصاميم المطبوعة والمبهجة الألوان، واستخدمت خامات من مشتقات البترول صناعية مثل البولى استر والفيسكوز وخامات طبيعية مثل الحرير والقطن، وتم الاحتفاء بالبيجاما من مختلف المصممين ودور الأزياء العالمية، إلا أنها تغيرت كثيرا فتحولت لتى شيرت وبنطلون كاروه، ورداء شبيه بالتريننج الرياضى.. وما بين التصاميم المختلفة والألوان الكرنفالية ظهرت ابتكارات وصيحات وموضات للبيجاما..
كورونا تحول ملابس العيد لبيجاما الوقفة
فى ظل انتشار فيروس كورونا وتماشيا مع الاجراءات الاحترازية التى تقضى بتقييد الخروجات ولقاءات العائلات، عمدت كثير من الأسر لاستبدال ملابس العيد ببيجامات زاهية الالوان، ،فلن يكون من المجدى شراء ملابس للعيد، وكأن فيروس كورونا استطاع أن يعيد المجد للبيجاما كرداء تقليدي للعيد.