كان الفرنسية من قرية هادئة للصيد لمدينة أثرياء العالم

سائحة شابة تلتقط صوراً لمدينة كان الساحرة
مدينة كان الفرنسية تتحول لوجهة سياحية عالمية
تدهشنا تقلبات الزمن وتغيراته وتبدلات أحواله ومآلاته، فما كان بالأمس البعيد صامتاً ضئيلاً مهملاً لا يذكر يتحول لمدينة الأنوار البراقة والألوان الخلابة الآسرة المتأججة، ويكتسي حلة مخملية من الفخامة والأناقة والترف، فمن يصدق أن مدينة كان الفرنسية ذات الألق والسحر بمهرجانها الشهير المبهر وقصورها الفخمة وصخبها المثير وشواطئها الساحرة لم تكن مطلع هذا القرن إلا مجرد قرية بدائية بسيطة هادئة للصيد، لا يكاد يعرفها أحد... كيف ذلك؟ تابع السياق التالي.

قرية بدائية يعيش سكانها على حرفة الصيد والتجارة


بحسب موقع svowebmaster.free.fr الفرنسي، بدأ الظهور الأول للمدينة الفرنسية خلال القرن الثاني قبل الميلاد عندما استوطن مجموعة من الغالية (مجموعات عرقية من سلتيك يتحدثون ما يعرف باسم اللغة الغالية)، لتظهر قرية بسيطة بدائية يعيش سكانها على حرفة الصيد والتجارة، وما بين شاطئ البحر وأشجار النخيل على الشاطئ صارت الحياة تمضي ببساطتها وهدوئها في تناغم جميل، هذا بزرقته ولطف الماء وصفائه، والنخل بالعطاء الذي يفيض به لتنضم المدينة الوادعة بعد ذلك للإمبراطورية الرومانية، وقد سكنها خلال ذلك الوقت بشكل رئيسي الرهبان الذين وجدوا في هدوء المكان وسكينته مكاناً مثالياً للتأمل والتعبد فبنوا وحصنوا الأديرة، على رأسها دير ليرين، على كل من الأرض الرئيسية للمدينة وعلى الجزر الواقعة قبالة ساحل مدينة كان، كما قاموا بتعزيز تحصيناتهم بشكل أكبر من خلال بناء برج مراقبة في منطقة لو سوكيه، وهكذا ولد اسم مدينة كان؛ حيث يُعتقد أنه مشتق من كلمة تعني القمة.
خلال القرن الثاني عشر، سادت فترة من انعدام الأمن الشديد في المدينة وسواحلها بسبب تعرضها لموجات من القرصنة، والتي كانت سائدة في أوروبا في العصور الظلامية خلال العصور الوسطى (من القرن التاسع إلى القرن الخامس عشر الميلادي)
في عام 1520 اندلعت الحرب بين الملك الفرنسي فرانسيس الأول والإمبراطور الروماني المقدس تشارلز الخامس، وأصبحت مدينة كان بسواحلها وشواطئها مسرحاً للعمليات وممراً لسير الجيوش.
عاشت مدينة كان بعد ذلك الأسوأ مع الطاعون الكبير والذي ضربها عام 1579، فقضى على معظم سكان المدينة.
وصلت القوات الإسبانية عام 1635 واحتلت البلدة لمدة عامين تقريباً، ثم عادت عام 1707 خلال حرب الخلافة الإسبانية.
أصبحت القلعة الواقعة في جزر لرينس (أكبر جزيرة في جزيرة رين، على بعد نحو نصف ميل من الشاطئ من مدينة كان على الريفييرا الفرنسية وهي تابعة لمدينة كان) سجناً حكومياً، وكان أحد أشهر نزلائها الرجل ذا القناع الحديدي، الذي مكث هناك لمدة أحد عشر عاماً بدءاً من عام 1687 فصاعداً، كان هناك الكثير من التكهنات حول هوية هذا السجين الغامض (يعتقد البعض أنه توأم الملك لويس الرابع عشر)، ولكن حتى يومنا هذا لا أحد يعرف.
قد ترغبين في التعرف إلى: حل لغز قرية إسبانية مهجورة بعد مئات السنين.

المدينة الفرنسية الهادئة تفتن لورداً بريطانياً!

مدينة كان الفرنسية تتحول لمدينة للأثرياء والأرستقراطيين

عقب كل ما شهدته مدينة كان من أحداث وصراعات وتقلبات لقرون طويلة عاد إليها الهدوء من جديد في القرن الثامن عشر، لتزدهر بالقرن التاسع عشر، ولتشهد عصراً من الاستقرار والرخاء بدأ بعد أن مهد اللورد هنري بروجهام إي فو، المستشار الأعظم لإنجلترا، الطريق للأرستقراطية من خلال بناء عدد من الفيلات الفخمة المطلة على شاطئ البحر الساحر لتجذب عائلات الطبقة المخملية من كبار الموظفين والنبلاء، وذلك بعد أن فتنته المدينة الفرنسية الصغيرة بسحرها وغموضها وبساطتها.
وكان اللورد هنري بروجهام إي فو قد زار المدينة عام 1834 وقرر أن يستقر بها هو عائلته، واجتذب جميع الأرستقراطيين الإنجليز ومن كل أنحاء أوروبا؛ حيث بدأت العائلات العريقة في التوافد وبدأ تدفق المواطنين الأثرياء من أوروبا، بعد أن قام البريطانيون ببناء مساكن فخمة، وسرعان ما أصبحت مدينة كان مدينة تجارية هامة وأحد أكثر المناطق العصرية والأكثر ثراءً في كوت دازو، وتوجهت إليها الكثير من الشخصيات المرموقة بالعالم، لقضاء فصل الشتاء، حيث عُدت أكبر منتجعات "ريفيرا"، وشهدت المدينة تطوراً ملحوظاً آنذاك.
(اللورد هنري بروجهام إي فو رجل دولة بريطاني شهير كان مدافعاً عن القضايا الليبرالية بما في ذلك إلغاء تجارة الرقيق، والتجارة الحرة والإصلاح البرلماني).

مهرجان كان السينمائي يحول المدينة لنقطة جذب عالمية

في محاولة لبسط نفوذ الدولة الفرنسية الثقافي وتدعيم مكانتها الفنية، مطلع القرن الماضي، وقع الاختيار على مدينة كان بجنوب فرنسا لتكون معقلاً فنياً لأحد أرفع المهرجانات العالمية المتخصصة بالسينما، ففي ثلاثينات القرن الماضي رفضت فرنسا تسييس الفن على إثر ما حدث في مهرجان "البندقية" فينيسيا السينمائي الدولي بالعام 1937، حيث أُجبر المسئولون عن المهرجان على اختيار الأفلام الفائزة وفق توجهات سياسية بعيداً عن المعايير الفنية والإبداعية، فما كان من مدير رابطة العمل الفني الفرنسي فيليب إيرلانجر والناقد السينمائي إميل فويليرموز، وجان رينيه (ثلاثة أعضاء من لجنة تحكيم مهرجان فينيسا بذلك الوقت وكانوا ينحدرون من مدينة كان الفرنسية) إلا تقديم فكرة إلى وزير التعليم والفنون الجميلة الفرنسي آنذاك، بإقامة مهرجان سينمائي خاص بفرنسا مستقل سياسياً، وتقدمت العديد من المدن الفرنسية لاستضافة المهرجان، ولكن وقع الاختيار على مدينة كان، لتُضخ دماء الحياة في النسخة الأولى من مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1939 في قاعة بكازينو بلدية مدينة "كان" بالجهود الذاتية لفيليب إيرلانجر ووزارة الخارجية الفرنسية والتعليم والفنون الجميلة، وقد مر المهرجان بالعديد من التقلبات من إلغاء لتأجيل إلا أنه رسخ مكانته وثبت دعائمه ليصبح مركزاً رئيسياً لصناعة السينما الأوروبية بحسب الموقع الرسمي للمهرجان festival-cannes.com.
وما زالت المدينة بمناظرها الخلابة وجهة شديدة الجذب للسياح والمشاهير وعلية القوم من جميع أنحاء العالم، للاستمتاع بزخم الفن وثرائه ورياضة اليخوت الفاخرة على شواطئ الريفييرا الساحرة، بالإضافة للقاء المشاهير بالمهرجان العالمي الشهير والذي أصبح علامة أيقونية على المدينة وسعفته الذهبية رمزاً لها.
وبعد كل هذه السنوات من كان يتوقع أن مدينة كان معقل الأثرياء والمشاهير وكبار العائلات الأرستقراطية لم تكن إلا مجرد قرية بسيطة مهملة على شاطئ البحر يعمل سكانها بحرفة الصيد.
وإذا كان هذا مهرجان كان وما أحدثه بالمدينة الفرنسية، فما رأيك بالتعرف إلى: مهرجان برشلونة الدولي للجاز أطول الأحداث الموسيقية العالمية
أصل اسم مدينة كان الفرنسية اختلف من عصر لعصر (حسب موقع bastidedeloliveraie-fr.)
  • اسم مدينة (كان) كان اسمها سابقاً بورتو كانو، ثم كانوا، وكان يأتي اسم المدينة من كلمة Ligurian Canoa التي تعني "الارتفاع" أو "البيتون"، أي الموطن الجاثم، وقد سميت ذلك بسبب قلعتها ذات برج المراقبة العالي.
  • في عام 990 تطور اسم المدينة حسب السكان المحليين إلى Canoas وCanua وCanois .
  • في عام 1030 تم ذكر المدينة في صك التبرع بالأرض لدير Lérins تحت اسم Portu Canue.
  • تحول الاسم بعد ذلك للاتينية ليكون Canna باللاتينية.
  • بالنهاية تم إنشاء البلدية عام 1793 تحت اسمها الحالي.
ويمكنك متابعة السياق التالي للتعرف إلى نوع آخر من المهرجانات يتعلق بالأداءات الفنية مهرجان Exponential الأمريكي للأداءات التجريبية يحول فعالياته إلى الوسائط الرقمية