تبذل السعودية جهودا كبيرة في مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بأنواعها ، من خلال شن حملات أمنية مكثفة وسن عقوباتٍ رادعةٍ، ونشر الوعي بخطورة المخدرات وآثارها السلبية المدمرة على الفرد والمجتمع، مما كان له أكبر الأثر في مراجعة كثير من المدمنين لحساباتهم وما ارتكبوه من خطأ، والبدء في رحلة التعافي من إدمان المخدرات ، من خلال البرامج التأهلية التي تم إعدادها بمعايير عالمية ، لضمان العودة إلى الحياة الطبيعية من جديد.
هذا ما أكدته لـ "سيدتي" الدكتورة فضيلة العوامي، استشاري الطب النفسي، والحاصلة على الزمالة الأمريكية في علاج الإدمان، خلال حديثها لسيدتي عن هذه الآفة.
البحث عن العلاج من الإدمان
وقالت الدكتورة فضيلة: "خلال الأيام الأخيرة، تواصل معي كثيرٌ من الشباب من أجل مساعدتهم وإرشادهم لطرق العلاج من الإدمان على المخدرات، ولا شكَّ أن مرحلة التعافي، تحتاج إلى حافزٍ قوي، فغالبية المتعاطين من الشباب، وعلاقاتهم بذويهم غالباً ما تكون مضطربة".
قصص مؤثرة
وحول أكثر القصص المؤثرة التي مرَّت عليها، ذكرت: "قبل فترةٍ، تحدَّثت معي طبيبة أسنانٍ في مقتبل العمر، تزوَّجت من شابٍّ بعد علاقة حبٍّ، استمرَّت عشرة أعوامٍ. ما علمته منها، أن بداية زواجهما، كان مثل حلمٍ وردي، لكن سرعان ما وقع الزوج، وهو مهندسٌ، ضحية مخدر الكبتاجون، وتحوَّل ذلك الحلم إلى كابوسٍ، خاصةً بعد أن فقد عمله، ثم عقله، وصار في طريقه لفقدان زوجته وحب حياته أيضاً.
أذكر أيضاً فتاةً، تواصلت معي، وأخبرتني أنها قلقةٌ كثيراً على شقيقها، وتخاف من وقوعه في فخ المخدرات بتأثيرٍ من أصدقاء السوء، على الرغم من ترابط أسرتها واستقرارها، مبديةً خشيتها من عواقب ذلك".
اقرأ المزيد : أول سعودية تتخصَّص في علاج الإدمان
الشباب السعودي مستهدف
وأضافت الاستشارية النفسية وعلاج الإدمان: "كثيرٌ من الشباب، يتمُّ التغرير بهم من قِبل زملائهم المدمنين، ويُستخدمون بوصفهم مصدراً مالياً للفقراء منهم غير القادرين على توفير الكميات الكافية من المخدرات".
وشدَّدت الدكتورة فضيلة على أن "المخدرات بلاءٌ عظيمٌ، وشبابنا السعودي اليوم مستهدفون بها بالدرجة الأولى، لذا جاءت الحملة الأمنية ضدها في الوقت المناسب، لتنقذهم، وتحميهم من مستقبلٍ مظلمٍ، والدولة مشكورةً، وفَّرت أرقاماً مجانيةً للاتصال حول هذه الآفة، وخصَّصت مستشفياتٍ مجانية، تقدم الاستشارات، والعلاج من الإدمان، فالانضمام إلى برنامج علاجي السبيلُ الوحيد للتعافي من الإدمان على المخدرات".
برامج تأهيلية عالمية
وكشفت عن أن مدة وطريقة التعافي من الإدمان تختلفان، ويتوقف ذلك على معايير عدة، لافتةً إلى أن المتعافي، يخضع لبرامج تأهيلية عالمية:
- علاج الأمراض النفسية والعقلية الناتجة عن إدمان المخدرات، وهذه الخطوة مهمةٌ جداً للعلاج من المخدرات، فهي الطريقة التي يعود بها المدمن إلى رشده واستقراره النفسي، إذ من الصعب الإقلاع عن المخدرات دون وعي أو استقرارٍ نفسي.
- فهم معوقات التعافي من الإدمان.
-التوعية بخطر المحفزات المؤدية للانتكاسة.
- العمل على إصلاح العلاقات الأسرية المتدهورة بين المريض وعائلته.
- شرح الإدمان بوصفه مرضاً للمدمن، وتوعيته بطريقة عمل المخدرات وتأثيرها على الدماغ، وكيف تتداخل مع وظائف الدماغ، إذ يتمحور عمل المواد المخدرة حول التغييرات التي تحدثها في دائرة "المكافأة"، أو reward system، فعند الشعور بالسعادة لأي سببٍ، يتمُّ إطلاق مادة الدوبامين، والمخدرات تزيد من إفراز الناقل العصبي الدوبامين مع مواد كيميائية أخرى. ويعزز الدوبامين مشاعر المتعة مع المخدرات، ما يدفع الشخص للبحث عنها مرة أخرى في المستقبل، من ثم العودة للإدمان.
رحلة التعافي من الإدمان
وذكرت الدكتورة فضيلة، أن "الرغبة في الشعور بالنشوة، تؤدي إلى الرغبة الشديدة لاستخدام المخدر مرةً أخرى، خاصةً عند مواجهة إشاراتٍ معينة، مثل الوجود في حفلةٍ، أو الخروج مع أشخاصٍ محدَّدين، أو عيش ظروفٍ، تذكِّر المدمن بلحظات النشوة أثناء التعاطي".
وأوضحت أن التعافي من الإدمان ليس مرحلةً مؤقتةً، بل نظامَ حياةٍ، تكون الأشهر الثلاثة الأولى فيها حرجةً جداً، والانتكاسة خلالها عاليةً، ومن المهم في فترة التعافي:
- إعادة جدولة الحياة بشكلٍ كامل، والالتزام بنظام حياةٍ صحي، يساعد في عملية التعافي.
- استبدال رفاق التعاطي بصداقاتٍ صحيةٍ جيدةٍ وأشخاصٍ أسوياء.
- التغذية الصحية، فالعقل السليم في الجسم السليم، حيث إن التغذية الصحية تساعد في عملية التعافي.
- ممارسة الرياضة والمشي والاستمتاع بالهواء الصحي النقي.
- الحصول على قسطٍ وافرٍ من الهدوء والراحة.
- إحاطة المتعافي نفسه بأشخاصٍ داعمين، فدون دعمٍ نفسي وأسري، سيصبح التعافي شبه مستحيل.
اقرأ المزيد: أطلقت حملة أمنية واسعة لمكافحتها السعودية.. «وطن بلا مخدرات»