التفكير المستدام مصطلح طنان انتشر مؤخراً على نطاق واسع، في ظل ما يكابده العالم وما يرزح تحت وطأته من مشكلات وأزمات بيئية واقتصادية وسياسية ظهرت جاذبية مصطلح "الاستدامة"، وما يحيط به من تفاصيل تمهد في كثير من سياقاته لمستقبل أكثر إشراقاً في عالم سريع الخطى تتخطفه التكنولوجيا وصراعاتها وما يترتب عليها من آثار سلبية تؤثر في الإنسان، وفي صحته النفسية والجسدية وحياته الاجتماعية، وفي البيئة من حيث التلوث والتدهور.
بالسياق التالي "سيدتي" تحدثك عن التفكير المستدام؛ ماهيته وما يهدف إليه، وكيف يمكن أن يعيد تغيير دفة الأمور نحو حياة أفضل لكل الكائنات.
متى ظهر مصطلح الاستدامة؟
يقول "رأفت عبد الجواد" الخبير البيئي واستشاري التنمية المستدامة: "ظهر مصطلح الاستدامة للمرة الأولى في منشور أصدره الاتحاد الدولي من أجل حماية البيئة منذ أربعة عقود تقريباً، وكان متضمناً مصطلح التنمية المستدامة، على أن الاستدامة تم تناولها على نطاق واسع بثمانينيات القرن الماضي، وقد استخدمته اللجنة العالمية للبيئة والتنمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1992 وصولاً لاعتماد قادة العالم إستراتيجية التنمية المستدامة لعام 2030 بأهدافها السبعة عشر".
ومن ثَم فقد انتشر مصطلح الاستدامة وما يرتبط به من سياقات بطريقة لافتة على جميع الصعد، وأصبح أسلوباً ومنهجاً تتم الدعوة لتبنيه في مختلف مناحي الحياة على أنه أضحى أكثر اتساقاً والتصاقاً بالبيئة وما يرتبط بها؛ فنحن نواجه كل يوم عدداً لا يُحصى من الخيارات المعقدة والمتناقضة في كثير من الأحيان التي قد يكون لها تأثير في البيئة والاستدامة.
ولكي تتعرفي إلى المزيد من مصطلح الاستدامة؛ تابعي السياق التالي أعمال مميزة تُعزز مفهوم الاستدامة
ما التفكير المستدام؟
ويضيف عبد الجواد لـ"سيدتي": "يشير مصطلح التفكير المستدام في جوهره إلى عقلية واعية تأخذ في الاعتبار الآثار طويلة المدى لما يتم إنجازه من أعمال مهما بلغت من تطور وتقدم على البيئة والمجتمع والاقتصاد؛ فمع تزايد الإدراك من قبل الأفراد والشركات للأثر البيئي لأفعالهم؛ أصبح تبني عقلية الاستدامة أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة لدى الشباب؛ فهم صانعو سياسات المستقبل واقتصاده، ولذلك فالأمر يتجاوز مجرد إجراء تغييرات بسيطة لتحقيقه حيث يتطلب فهماً عميقاً للترابط بين هذه الركائز الثلاث (البيئة والمجتمع والاقتصاد)، ويستلزم العمل على إيجاد توازن يحافظ على الموارد للأجيال القادمة".
ويؤكد عبد الجواد أن النهج المستدام في الفكر إذا تم العمل به سيؤدي لتحقيق التوازن بين التقدم الاقتصادي والمساواة الاجتماعية، ومن ثَم توفير فرص العمل الكريم ووصول التعليم والرعاية الصحية لجميع شرائح المجتمع، بالإضافة إلى ذلك؛ سيعمل على حفظ التنوع البيولوجي والبيئات الطبيعية الحيوية؛ ما سيكمل دائرة التنمية المستدامة.
مفاتيح التفكير المستدام ودمج الممارسات البيئية
يقول عبد الجواد: "يكمن مفتاح التفكير المستدام في دمج الممارسات البيئية في جميع جوانب حياتنا، بدءاً من المنتجات التي نشتريها وحتى الطريقة التي نستهلك بها الطاقة، لافتاً إلى أن التفكير المستدام يدفعنا لاتخاذ قرارات واعية تقلل من الأضرار التي تلحق بالبيئة؛ ومن ثَم فمن خلال التركيز على الحد من النفايات والحفاظ على الموارد واعتماد مصادر الطاقة المتجددة، يمكن اتخاذ خطوات مهمة نحو مستقبل أكثر خضرة واستدامة".
الشباب والفكر المستدام
يتابع عبد الجواد: "لا شك أن الشركات الناشئة الشابة وفق الفكر الجديد القائم على التفكير المستدام تلعب دوراً أساسياً في التنمية المستدامة، ومع استمرار نمو الطلب على المنتجات والخدمات الصديقة للبيئة، تقوم الشركات الجديدة بفكرها الجديد بدمج المبادرات المستدامة في عملياتها، مثل تنفيذ ممارسات محايدة للكربون واستخدام المواد المتجددة غير الضارة بيئياً وصولاً لتطوير برامج إعادة التدوير المبتكرة، حيث تدرك الشركات أهمية التفكير المستدام لجذب العملاء الواعين وإعداد مؤسساتهم للمستقبل".
ويؤكد عبد الجواد أن التعليم يلعب دوراً حيوياً في تعزيز ثقافة التفكير المستدام ومن خلال تزويد الشباب بالمعرفة والمهارات اللازمة؛ حيث يدرك الشباب تأثير أفعالهم وإلهامهم التي يقومون فيها بتبني ممارسات مستدامة تمكنهم من إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات البيئية والاجتماعية المعقدة.
يقول عبد الجواد: "التفكير المستدام ليس مجرد كلمة جديدة نضيفها لقاموس المصطلحات العصرية، بل هو عقلية لديها القدرة على تشكيل مستقبل أكثر إشراقاً لكوكبنا؛ ومن خلال تبني ممارسات مستدامة في حياتنا اليومية، ودمج المبادرات الخضراء في الأعمال التجارية، والاستثمار في التعليم الأخضر، يمكننا بشكل جماعي أن نمهد الطريق إلى عالم أكثر استدامة من أجل مستقبل أفضل".
وإذا أردتِ التعرف إلى إحدى حكايات الاستدامة فتعرفي إلى منهج التنمية المستدامة الذي جمع بين محمد وإيمان.. حكاية حب بدأت من عشق التراث