إحذري من ترديد العبارات التالية على مسامع طفلك

ثمّة عبارات «متوارثة» اعتادت الأمهات ترديدها على مسامع أطفالهن لتهديدهم أو تخويفهم بنزول العقاب عليهم إذا لم يتمّوا واجباتهم على أكمل وجه، أو لم يتوقفوا عن تصرفاتهم السلبية أمام الآخرين. وتتناول هذه العبارات الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات، وتتضمّن معاني غير محبّذة ومفاهيم غير توجيهية لسلوك الأطفال.


«سيدتي» اطلعت من الاستشارية في العلاقات الأسرية في مركز «إيلاف» بجدة الدكتورة عفاف أحمد زقزوق على أبرز هذه العبارات وتأثيرها على نفسية الطفل:


 

1- "سأخبر والدك عندما يعود"

غالباً ما يزعج الصغير أمّه ويسبّب لها الضيق عندما يمتنع عن سماع كلامها أو الانصياع لأوامرها، ما يجعلها تلجأ إلى تهديده بوالده عندما يعود من الخارج، الا أنّها تتناسى هذا العقاب رأفةً بطفلها أو قد تنفّذه في مرّات قليلة للغاية، لتعود في اليوم التالي وتكرّر العبارة عينها في حال استمراره في سلوكه العدواني، ما يجعلها تفقد فاعليتها في السيطرة على طفلها، وبالتالي تقلّ قدرتها على التوجيه والتربية.

ويعزو علماء النفس السبب في ذلك إلى أن بعض الأمهات يعتقدن أن الآباء يسيطرون على الأبناء بطريقة أفضل، الا أن تكرار هذه العبارة تظهر اتكالية الأم على الأب في أمر يخصّها، فتتخلّى عن حصتها من مسؤولية التربية، كما توحي بضعف شخصية الأم وعدم قدرتها على التوجيه السليم، فيرسخ هذا المعنى في نفس الطفل وعقله اللاواعي! لذا، ينصح الخبراء في علم نفس الطفولة أن تتحمّل الأم مسؤولية الأطفال وحدها في غياب الوالد وتعمل على غرس المبادئ والقيم والأخلاق في نفوسهم، مع التدرج في إنزال العقاب، وأن يكون هذا الأخير مناسباً لحجم الذنب وليس لمقدار غضبها أو انزعاجها منه. ويحذّرون من أن ترك العقاب إلى أن يأتي الوالد فيه تأخير للجزاء وفاصل زمني طويل عن وقوع الذنب، ما يضعف أثره في نفسية الطفل للإقلاع عن الخطأ، علماً أنّه لكي يكون الجزاء مثمراً يفضّل أن يكون عاجلاً ومباشراً.

 

2- "لم أعد أحبك"

تقع غالبية الأمهات في خطأ جسيم يفقد الطفل توازنه النفسي عند تكرار العبارات التالية: «لم أعد أحبك» و«لا أريد التحدّث معك» و«أحب أخاك أكثر منك»! ومعلوم أن الطفل في خلال هذه المرحلة المبكرة من عمره يحتاج إلى كل مظاهر الحب والاهتمام من والديه والتأكيد الدائم على تلك المحبة بالقول والفعل. اذ يجدر بالأم القيام بملامسة طفلها بكثرة وضمّه وتقبيله لضمان طاعته، ما يبعث في نفسيته الشعور بالحنان والأمان النفسي.

ويحذّر الخبراء من تكرار عبارة «لم أعد أحبك»، فتتحوّل الطاعة إلى تمرّد، ويلجأ الطفل إلى الإنطوائية التي قد تصل إلى الإصابة بالاكتئاب في بعض الأحيان. وتجدر الاشارة الى أن  تكرار هذه العبارة يجعل الطفل غير مصدّق حب والديه تجاهه، ما يؤدي إلى إساءته التصرف وعدم الانضباط.

 

3- "فلان أفضل منك"

تكرّر الأم هذه العبارة المحبطة لعزيمة الطفل ظناً منها أنها تحثّه على فعل الصواب، ويزداد الأمر سوءاً عند مقارنة الطفل بإخوانه، ما يزيد مشاعر النفور والحقد بينهم. ويحذّر الخبراء من عقد المفاضلات بين الأقران والإخوان، فتنمو في داخلهم مشاعر الكراهية والإحساس بالسخط، علماً أن شعور الطفل بأن شخصاً أفضل منه قد يأتي بنتائج عكسية كإضعاف إرادته وإصابته باليأس والإحباط، بالإضافة إلى احتمال إصابته بأكثر العقد النفسية انتشاراً وهي «عقدة النقص» التي تدفع الولد مستقبلاً إلى التقليد الأعمى ومتابعة الآخرين في سلوكياتهم. 

 

 

4- "ما زلت صغيراً"      

غالباً ما تنظر الأم إلى طفلها بأنه ما يزال صغيراً، مستخدمة عبارات تعرقل تنمية إمكاناته كعبارة «توقف عن عمل هذا، فأنت ما تزال صغيراً» الناتجة من خشيتها عليه من قسوة الحياة وحرصها على عدم إيذاء نفسه، ما يؤدي إلى الإفراط في تدليل الطفل وتعويده على الكسل والإتكالية.

ويؤكد خبراء التربية على ضرورة تشجيع الطفل على الاستقلالية من خلال إتاحة الفرص التي يتعلّم منها تنمية مهاراته وإنجاز واجباته بنفسه، مهما واجهته المصاعب أو وقع في الأخطاء. فالطفل في تلك المرحلة المبكرة يتعلّم من أخطائه، كما أن شعور الأم المستمر بأن طفلها ما يزال صغيراً، يجعلها تتغاضى عن أخطائه وتصرفاته غير المهذبة وتحجم عن تعليمه الآداب الاجتماعية المفروضة.

 

 

 

شجعي طفلك على الاستقلالية

 

إمتنعي عن ترديد عبارة "إجلس واصمت"، لما لها من تأثير سلبي على إحساس الطفل باحترام ذاته وتقدير شخصيته، مع توفير الفرص المناسبة التي تتيح للطفل حرية التعبير عمّا يريده وفي الوقت الذي يريده.

إحذري عبارة "أنت طفل فاشل" التي تهمل الجوانب الايجابية في شخصيته وتركّز على مواطن الفشل لديه، ما يؤدي إلى ظهور التمرد والعقوق في سلوكه نتيجة شعوره المستمر باللوم الشديد والتحقير والازدراء.

إهتمي بإرضاء طفلك بواسطة نظرة إعجاب أو كلمة تشجيع أو عبارة ثناء على شاكلة "أنا فخورة بك دوماً"، ممّا يؤثّر فيه ايجاباً أكبر من تأثير المكافأة المادية لديه.

لا تتبعي أسلوب التخويف من خلال تكرار بعض عبارات التهديد، كـ "إن أزعجتني سآتي بالطبيب"، اذ يصدق الطفل في تلك المرحلة كل ما يقال له، كما يعتبر أقوال والديه بمثابة حقيقة مطلقة. وفي حال اكتشاف الطفل أن أمه تخدعه، قد تتزعزع ثقته بها، ثم يشكّ بمصداقيتها في كل ما تقوله.

تجنبي عبارة"يجب أن تكون الأول دوماً"، ما يضع الطفل في حال من التوتر والقلق المستمرين للوصول إلى مبتغى والديه بحصوله على المركز الأول والتركيز على عامل المنافسة أكثر من الاستفادة والتحصيل العلمي. لذا، يجب تنمية حب التعلّم والتفوّق الدراسي والمرونة في تقبّل الخسارة.