بصفتك أحد دعاة الإسلام في الغرب.. ما المواصفات التي يجب أن تتوافر في الداعية؟
في البداية يجب على الداعية أن يتفهم طريقة تفكير الغربيين، بحيث يعي ثقافتهم، ويعرف كيف يخاطبهم بلغتهم، على أن يكون الخطاب بالرفق والموعظة الحسنة والاحترام وبطريقة عصرية، وقد أوضح ذلك القرآن: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ»، وبالتالي لا يلومهم؛ لما يمارسونه من أفعال خاطئة تغضب الله سبحانه؛ لأن هذه هي الطريقة التي تربوا عليها، كما يجب على الداعية أن يكون حسن المظهر، وألا يميل إلى التقعر في الألفاظ، وعدم استخدام المصطلحات المنفرة؛ لأنهم قد لا يفهمون معانيها الشرعية، بل يجب التعبير عن الإسلام بطرق يسيرة.
كيف نؤهل داعية للعصر الحديث؛ لينهض بالدعوة الإسلامية؟
في الوقت الحالي الكثير من المتواجدين على الساحة لديهم الكثير من العلم والمعرفة بالدين، إلا أن هذا لا يكفي؛ لأن الداعية لابد أن يتمتع بمؤهلات إلى جانب العلم كلغة وعادات وتقاليد الآخر؛ حتى يستطيع أن يوصل رسالته بطريقة صحيحة مع استخدام الأسلوب المناسب.
هل لابد من تطوير الخطاب الديني للداعية؛ ليتلاءم ومستجدات العصر الحديث؟
مضمون الخطاب الديني لا يتغير، وإنما الذي يتغير هو الأسلوب المستخدم الذي يجب أن يتلاءم مع نوعية المتلقي، ومدى معرفته وثقافته واحتياجاته، ونوع الرسالة التي يرغب الداعية في إيصالها.
صراع الحضارات
يروج بعض الغربيين لفكرة صراع الحضارات.. فما رأيك؟
برأيي أن هذه فكرة عنصرية، فلا يوجد صراع بين الحضارات على الإطلاق؛ لأن ولاء المسلمين لأوطانهم التي يعيشون فيها سواء أكانوا من أصل البلد أم مجنسين بها، فإذا كنت مسلمًا في بريطانيا فأنا بريطاني، وإذا كنت مسلمًا في أميركا فأنا أميركي وهكذا، ونحن نرفض تمامًا فكرة صدام الحضارات التي يطلقها العنصريون؛ وفقًا لأنظمة سياسية وخلفيات ثقافية معينة، وجميعها أمور وضعية بحكم البيئة؛ لأنه لا فرق بين الشرق والغرب، فالله خلقنا شعوبًا وقبائل لنتعارف.
رغم عدم اعتراف الغرب بالإسلام كديانة سماوية هل تعتقد بجدوى الحوار مع الآخر؟
جميع الأديان تدعو إلى الإيمان بالله، أي أنهم مشتركون في العبادة؛ لذا فإن الحوار الصادق مع الآخر من هذا المنطلق سيكون سبب نجاح هذا الحوار، وهذا ضروري للبشر، أما اتهام الآخر والتقليل من شأنه فلن يفيد، حيث لابد من التفاهم بيننا. وبالنسبة لعدم اعتراف الآخر بالإسلام، فإن البشارة بالنبي، صلى الله عليه وسلم، موجودة في الإنجيل والتوراة، وهذا دليل على أن الإسلام ديانة سماوية عظيمة شاء الآخر أم أبى.
بشائر الجنة
كتابك الأول المعنون بـ«بشائر الجنة» أردت من خلاله تعريف الغرب بالإسلام.. فهل نجحت؟
قمت من خلال هذا الكتاب بتعريف الإسلام بشكل سهل وبسيط، والتحدث عن أركان الإسلام الخمسة، وآثارها في حياة المسلم اليومية وتعاملاته، فالإسلام دين تكامل، كما أنه دين محبة وسلام، وتناولت في كتابي مبادئ الإسلام السمحة وصفات النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، التي لم يعرفها الغرب من قبل، فهذا الرسول الخاتم حقق أعلى درجات الرقي الحضاري في الحفاظ على حقوق الإنسان مسلمًا كان أو غير مسلم، فقد جاء معلمًا للعالمين رغم أميته، وهنا تكمن المعجزة. كما أن كتابي أوضح أن الصلاة في الإسلام ليست كما يعتقد بعض الغربيين أنها نوع من الهروب من الواقع؛ لكنها وسيلة للاتصال الدائم بالله والاعتماد عليه. كما أن البعض يعتقد أن صيام شهر رمضان نظام غذائي قاسٍ، بينما هو احتفالية معنوية وروحية عميقة، وترسيخ للإيمان في قلب وجسد المؤمن.
تناولت في كتبك مصطلح الإرهاب. فما رؤيتك التي تريد توضيحها بشأن هذا المصطلح؟
أردت من خلال طرح هذه الفكرة أن أفند الاتهام الباطل الذي ألصق بالمسلمين زورًا وبهتانًا بأنهم حملة سلاح وإرهابيون، لكن حملهم السلاح إنما هو دفاع عن النفس كما يحدث في فلسطين، لكن الغرب -للأسف- طوّع مصطلح الإرهاب كنوع من ممارسة الضغط السياسي على المسلمين؛ كي يقهرهم في جميع أنحاء العالم.
كيف ترى عداء الغرب للإسلام؟
الغرب لا يكره الإسلام كدين، فبعيدًا عن الأهداف السياسية التي تريد قهر الإسلام تجد الأوساط الدينية غير المتشددة والملتزمة قبولاً وترحيبًا كبيرين في المجتمعات الغربية، لا يعكر صفو ذلك سوى الممارسات غير المسؤولة من بعض المسلمين دون تحديد أسماء الدول التي ينتمون إليها. أما مشكلة الغرب مع الإسلام فليست في المسلمين كمسلمين، بل في المهاجرين الفقراء، وغالبيتهم من المسلمين الذين يشكلون عبئًا على المجتمع الغربي.
يتخوف الغرب من الإسلام، ويتردد مصطلح «الإسلاموفوبيا» كثيرًا، فما ردك؟
على المستوى المجتمعي لا يوجد تخوف من انتشار الإسلام، فأنا مثلاً عندما أسلمت لم أجد ردود أفعال سيئة، بل على العكس الجميع هنأوني بدخولي الإسلام بمن فيهم زملائي القدامى مادامت تلك رغبتي، وفي إطار احترام القيم وحسن التعامل بين الطرفين. أما ما يكتبه البعض عن «الإسلاموفوبيا» فهذا شأن آخر، وله أهداف خفية.
الأقليات المسلمة في الغرب
هل هناك حقًا اضطهاد للأقليات المسلمة في الغرب؟
لا توجد تفرقة في المعاملة بين الأقليات والمجتمعات التي يعيشون فيها، بل هناك بعض التصرفات للمسلمين لا يفهمها الغرب؛ نظرًا لأنهم لا يهتمون بالروحانيات، ولا يذهبون للكنائس بالإضافة إلى اختلاف الثقافات، فعندما يسيئون للرسول –صلى الله عليه وسلم- مثلاً فهم يرون أن ذلك أمر عادي، كما أنهم يتعجبون عندما يضع المسلم جبهته على الأرض؛ لانعدام درجة التدين عندهم.
وماذا عن حظر النقاب الذي فرضته بعض الدول الغربية؟
فكرة الغرب عن النقاب أنه فرض على المرأة المسلمة دون مراعاة لرغبتها وأنها لا تختاره بمحض إرادتها، وبالتالي هو يريد أن يحرر المرأة من القيد الذي فرضه عليها الإسلام، وهذا لا يعني معاداة الغرب للدين الحنيف.
وكيف يمكن تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام في الغرب؟
لا تكفي الكلمات، بل يجب أن يرافقها عمل وفعل وسلوك قويم؛ لأن الغرب لا يعرف شيئًا عن الإسلام إلا من خلال ما يطلقه الإعلام الذي يعمل على تشويهه؛ لذا يجب على كل مسلم أن ينشر الإسلام بالقول الحسن والعمل الصالح؛ حتى يكتشف الآخر حقيقة الإسلام.
ما الإنجازات التي حققتها كداعية؟
أكرمني الله وأسلم على يدي كثيرون، كما استطعت أن أصحح عقيدة كثير من المسلمين الذين كانت لديهم معلومات مشوهة عن الإسلام.
المرأة في الإسلام
يتهم البعض الإسلام بأنه ظلم المرأة خاصة في المواريث. فما رأيك؟
أقول إن هؤلاء جاهلون بالدين، والدليل أن هناك حالات كثيرة ترث المرأة أكثر من الرجل مثل الابنة الوحيدة؛ لكن ما لا يفهمه الغرب أن المرأة ليست مكلَّفة بالإنفاق على نفسها، فهناك دائمًا من يتكفل بها: الأب، أو الأخ، أو الزوج، أو الابن.
من وجهة نظرك ما الذي يحتاجه المسلمون الآن؟
المسلمون في حاجة لإعادة اكتشاف صحيح الإسلام بالاقتداء بالقرآن الكريم والسير على هدي رسولنا العظيم، ساعتها سوف نسير على الطريق الصحيح، ونملك من القوة والقدرة التي تمكننا من الوقوف أمام أي تيار يشوه الإسلام؛ لأننا لن نحتاج إلى الدعوة للإسلام باللسان.