مدينة فكتورية رائعة، تحفل بالصروح التاريخية، وتعيش طرقها حركةً دائمةً، كما تحتضن «بوتيكات» ملوّنة وأنيقة ومطاعم وحياة ليلية مليئة بالسحر. إنها مزيج غير نموذجي بين الحضارتين الإنكليزية والإيرلندية. تعالوا معنا في مشوار إلى «بلفاست» الإيرلندية.
في موقعها الساحر بين البحر والجبل وبين ثنايا تاريخها الآسر، إستطاعت «بلفاست»، بكل نجاح، أن تواجه تحدّيات الحقبة الحديثة وتتحوّل اليوم إلى وجهة سياحية، ولو أن عدد زائريها لا يقارن بالعواصم الأوروبية العالمية.
حاضرة فكتورية تحفظ لزائريها عشرات الأماكن والعناوين الجديرة بالإكتشاف، كما تقدّم بنى تحتية جيدة جداً، فنادق حديثة ومميّزة، بدون أن ننسى متعة تناول الطعام في مطاعمها الراقية التي وضعت المدينة على الخريطة الأوروبية لفن الطهو.
وتتمتّع «بلفاست» بمناخ محيطي بامتياز، يتمثّل بشتاء لطيف نسبياً وصيف منعش، مع رطوبة لافتة طيلة أيام السنة.
في سطور:
- «بلفاست» أو Beal Feirste باللغة الإيرلندية هي المدينة الرئيسية في إيرلندا الشمالية ومحافظة كونتية «أنتريم» Antrim. تقع عند مصب نهر «لاغان» Lagan، وتحوطها تلال «بلاك ماونتن» Black Mountain و«كايف هيل» Cave hill، حيث يمكن رؤية «أنف نابليون» الشهير! وهذا الأخير هو عبارة عن نتوء بازيليتي يفصل «بلفاست» عن ضاحيتها «غلنغورملي» Glengormley.
- لقد كانت «بلفاست»، في ما مضى، المدينة الصناعية الأكثر أهمية في إيرلندا. ففي داخل مصانعها، بنيت سفينة «تايتانيك» التي كانت تعتبر الأضخم في العالم في تلك الحقبة، من قبل صانعي السفن «هارلند أند وولف» Harland &Wolff بين أعوام 1909 و1911.
لا تفوّتوا زيارة
- «مـتــحــف يــولــســتــر» Ulster Museum: إنه المتحف الوحيد الموجود في «بلفاست»، وهو غير نموذجي ولا يخضع لأي نظام! فمن طابق إلى آخر، سوف يمرّ الزائر برسوم إيرلندية تعود للحقبة الممتدّة بين القرنين التاسع عشر والعشرين، كما سيطّلع على فنون الديكور المختلفة منذ القرن السابع عشر وحتى عصرنا الحالي (زجاجيات، حليّ، مفروشات، أثواب، اكسسوارات الموضة...)، بالإضافة إلى مجموعات من الأصداف البحرية، الحشرات والحيوانات في قسم العلوم الطبيعية. وفي داخل هذا المتحف أيضاً، سوف تكتشفون تاريخ إيرلندا وما قبل التاريخ حتى اليوم، خصوصاً تاريخ إيرلندا الشمالية خلال سنة 1920. ولعلّ اللافت في هذا المتحف هي مجموعة المجوهرات والقطع الفنية التي جمعت من أنقاض إحدى السفن الإسبانيةLa Girona بعد غرقها في عام 1588.
- «جاينتز كوزواي» Giants Causeway: تشكّل جاذبيةً جيولوجيةً مميّزةً، تقع في داخل كونتية «أنتريم» Antrim ومصنّفة كإرث عالمي للإنسانية من قبل «اليونيسكو». يتألّف هذا الموقع من أكثر من 37000 عمود من «البازلت»، تغطّي فتحات التلال المحاذية للبحر. تشكّلت هذه الأعمدة منذ حوالي 60 مليون سنة إثر ثورة بركانية، وأخذت شكلاً مسدّساً متقناً للغاية، بحيث يتولّد انطباع لدى كل من يشاهدها بأنّها من صنع البشر!
وفي هذا المكان، يمكن للزائر مشاهدة تكوّنات بازلتية أخرى، أطلق عليها أسماء مضحكة كـ «الكرسي الجالب للحظ» Wishing Chair و«ظهر الجمل» Camel’s back...
- «بــــرج الــســــاعـــة» Albert Memorial Clock Tower: بني في عام 1867 كذكرى للأمير ألبرت زوج الملكة فكتوريا. يصل ارتفاعه إلى 113 متراً، وتمّ ترميمه مؤخراً، وهو يشكّل رمزاً لمدينة «بلفاست».
- «فندق المدينة» City Hall: يشكّل أحد الصروح الأكثر فخامةً في أوروبا. تمّ إنجاز بنائه في عام 1906، وفقاً للطراز الإدواردي مع بعض نفحات من طراز «الروكوكو». يصل ارتفاعه إلى 173 متراً، وقبته النحاسية وديكوره الداخلي الباذخ يظهران الناحية الإحتفالية لهذا الصرح المهيب!
- «فندق أوروبا» Europa Hotel: لقد عرف في ما مضى بـ «الفندق الأكثر تعرّضاً للقصف في أوروبا»، وهو يشكّل اليوم أحد أفضل الفنادق في «بلفاست». يحتضن في داخله جناحاً يطلق عليه إسم «كلينتون سويت» كذكرى لنزول الرئيس الأميركي بيل كلينتون وزوجته هيلاري فيه، أثناء زيارتهما التاريخية إلى المدينة في عام 1995.
- «دار الأوبرا» Grand Opera House: وضع فرانك ماتشام Frank Matcham تصميمه الفكتوري في عام 1894، وهو شبيه بقصر زهري اللون. أصابته أضرار عدّة خلال الحرب الإيرلندية، لكن سرعان ما تمّ ترميمه. وهو يمتاز اليوم بديكوره الداخلي الغني. تقدّم فيه حفلات أوبرالية عدّة وعروض مسرحية مختلفة. وإذا لم تتمكّنوا من الحصول على تذكرة لحضور إحدى الحفلات، يمكنكم التعرّف عليه برفقة دليل، خلال عطلة نهاية الأسبوع.
- «لاغـان لـوك أوت فـيـزيــتـورز سنتر» Lagan Lookout Visitors Center: يعرّف هذا المركز زائريه على تاريخ نهري «لاغان» Lagan و«لاغان وير» Lagan weir. وهو يفتح أبوابه بصورة دائمة.
- «مكتبة لينن هول» Linen Hall Library: إنها أقدم مكتبة في مدينة «بلفاست»، يعود تأسيسها إلى عام 1788. تقع على إحدى جهات ساحة «دون غول» Donegall وتحتضن أكثر من 26000 كتاب ومخطوطة.
- «أبــراج تــيــتــانــيــك» Titanic Tours: بما أن «بلفاست» هي المدينة التي صنعت فيها سفينة «تيتانيك» الشهيرة، لذا، فإن زيارة المشغل في القطاع النهري تعتبر وسيلة مدهشة لفهم بعض الأمور المتعلّقة بهذه السفينة وبالمدينة ككل.
- «جــامــعــة الـمــلــكة» Queen’s University: تقع ضمن مبنى أحمر قرميدي، يعود بناؤه إلى عام 1849، شيّد وفقاً للخرائط التي رسمها المهندس المعماري السير شارلز لانيونSir Charles Lanyon. يقدّم المركز المخصّص للزوّار في داخل الجامعة لمحةً عن تاريخها، بالإضافة إلى تنظيم بعض الإحتفالات الثقافية.
أبرز النشاطات
تمتلك «بلفاست» الكثير لتقدّمه لزائريها، ولعلّ أبرز النشاطات التي يمكنكم القيام بها:
- الذهاب إلى W5 الذي يعتبر من الأماكن الحديثة الجاذبة في «بلفاست»، وهو مركز عصري ومدهش للعلوم التفاعلية!
- إستقلال الطريق الساحلية Scenic Road بين «كاشندن» Cushendun و«مغارة بالي» Ballycastle. وإذا اتّبعتم بعض الرحلات المقترحة، سوف تتعرّفون على نباتات مختلفة تختبئ ضمن الشواطىء الصخرية، بالإضافة إلى السيول والشلالات الرائعة.
- التوجّه إلى الجسر المعلّق Carrick a Rede من خلال «مغارة بالي» Ballycastle، للبلوغ عند نهايته جزيرة Carrick-a-Rede التي تقع على «طريق أسماك السلمون»، ما يفسّر مجيء الصيادين إليها منذ 400 عام.
- التنزّه وسط المدينة في الأمكنة المخصّصة للسير على الأقدام، ليس لمشاهدة الصروح التاريخية المدهشة حصراً، إنما أيضاً للتسوّق من «البوتيكات» التي يطغى عليها الذوق الإنكليزي.
- حضور أمسية في أحد أماكن السهر التي تنتشر في المدينة، ولعلّ أشهرها Waterfront Hall الواقعة على ضفاف نهر «لاغان» Lagan والتي تعدّ إحدى أجمل صالات الحفلات في القارة الأوروبية.
- إكتشاف القصر الواقع في أعالي «بلفاست»، والذي يعتبر أول قصر بناه النورمنديون في المدينة في نهاية القرن الثاني عشر. وهو يضمّ منتزهاً رائعاً يشكّل التعرّف عليه «مغامرة» بحدّ ذاتها!