تتحير الأم الحديثة العهد بالأمومة، التي تكون قد وضعت طفلها مؤخراً، ورغم الألم والتعب الذي تشعر به؛ فهي في حيرة بسبب عدم قدرتها على تنويم ذلك الكائن الصغير، فمن المعروف أن المواليد خصوصاً يعانون من أعراض المغص والانتفاخ والتلبك المعوي في الأشهر الأولى من حياتهم، وتسبب لهم هذه المشكلات مشكلة أخرى مؤرقة، وهي عدم النوم والبكاء لساعات طويلة كل ليلة.
تستخدم الأمهات الكثير من الوسائل لتهدئة المواليد، وكذلك الأطفال الأكبر سناً، وربما وصلوا لسن الثانية وهم يبكون دون سبب ولا ينامون بسهولة، ومن بين هذه الطرق والوسائل ما يُعرف بالضوضاء البيضاء، ولذلك فقد التقت "سيدتي وطفلك"، في حديث خاص بها؛ استشاري طب الأطفال وحديثي الولادة الدكتور طارق عبد العزيز، حيث أشار إلى تعريف الضوضاء البيضاء وفوائدها ومضارها للطفل وأهمية النوم المتواصل لصحة الطفل؛ ما يحدو بالأمهات لاستخدام طريقة الضوضاء البيضاء في تنويمه كالآتي.
لماذا يجب أن تحرص الأم على تنويم الطفل لساعات طويلة؟
- يتسبب شعور الأم بالتعب خاصة بعد الولادة، الذي يجعلها بحاجة لكي تنام، ولا يمكن أن يحدث ذلك دون أن تقوم بتنويم طفلها الرضيع؛ بالعديد من المشكلات، لها فعدم حصول الأم على النوم يؤدي لنقص في كمية حليب الرضاعة وارتفاع احتمالات إصابتها باكتئاب ما بعد الولادة.
- يؤدي عدم نوم الطفل الوليد المتواصل إلى زيادة نسبة توتره وقلقه، كما يؤدي لمشكلات أخرى مثل رفضه الرضاعة بسبب شعوره بالتعب والإرهاق.
- ينتج عن عدم حصول الطفل على النوم لساعات كافية مشكلات مستقبلية مثل تعرض الطفل لفرط الحركة، وكذلك تعرضه لصفة الثرثرة والتقلبات السلوكية والمزاجية.
تعريف الضوضاء البيضاء
- تُعرف الضوضاء البيضاء أو الضوضاء الناعمة بأنها إحدى الطرق التي تُستخدم لمساعدة الطفل الرضيع على النوم خلال الليل، خصوصاً إن كانت تُستخدم خلال النهار، وحيث يعاني الأطفال المواليد في الأشهر الأولى من حياتهم من إزعاج المغص وتراكم الغازات دون أن تعرف الأم أسباب انتفاخ بطن الرضيع، ولذلك تُستخدم هذه الطريقة لمساعدته في الدخول في عالم النوم بشكل أسهل وأسرع.
- تُعرف الضوضاء البيضاء أيضاً بأنها طريقة تعتمد على تركيز سمع وحواس الطفل الرضيع على صوت واحد بعيداً عن الأصوات المحيطة والمزعجة والمتداخلة،خاصة لأولئك الأطفال الذين يعيشون في مدن صاخبة، وتكون بيوتهم قريبة من المصانع أو محطات القطارات مثلاً، بالإضافة للمشكلات التي تواجه الرُّضَّع أساساً من النوم المتقطع.
- تعتمد تقنية استخدام الضوضاء البيضاء على تعريض الطفل لسماع أصوات محددة مثل صوت واحد فقط؛ حيث وجدت دراسة أُجريت في العام 1990 أن هذه التقنية رفعت نسبة تحسين نوم الرُّضَّع بنسبة كبيرة، وأن الدراسة التي أُجريت على ما يقرب من أربعين رضيعاً بينت أن 80% منهم قد ناموا بعد دقائق لا تتجاوز خمس دقائق من سماع الضوضاء البيضاء.
- للضوضاء البيضاء أجهزة خاصة يتم تسجيل بعض الأصوات عليها وتُباع على أنها مصنفة بوصفها نوعاً من الضوضاء البيضاء مثل تسجيلات لتهويدات الأمهات، سواء بصوت الأمهات أنفسهن أو عبارة عن تهويدات فولكلورية مثلاً، والتهوديات هي غناء رقيق ورتيب يرتفع وينخفض بشكل معين؛ ما يجلب النعاس، وهناك أجهزة تم تسجيل صوت نبضات القلب عليها، وبعضها يتم تسجيل صوت أجهزة منزلية مثل الغسالة والخلاط الكهربي.
قد يهمك أيضاً: طرق فعَّالة تساعد على نوم الطفل الرضيع
آلية عمل الضوضاء البيضاء
تعمل الصوضاء البيضاء على تشغيل رد الفعل المهدئ في دماغ الطفل، وهذا ما لا تعرفه الأم عن تطور دماغ الطفل واستجابته للمؤثرات الخارجية، وحين يعمل رد الفعل المهدئ هذا؛ فهو يسمح له بالنوم بسهولة وسرعة، وبالتالي فهناك ارتباط بين الصوت الذي يسمعه الطفل بوتيرة معينة وبين دخوله في حالة النوم والخروج من مرحلة الوعي إلى مرحلة اللاوعي، كما أن الضوضاء الناعمة تعمل على تغيير نوعية نوم الطفل فبعض الأطفال يستيقظون بسرعة ولا ينامون بشكل عميق، ولكن نوم الطفل عن طريق الضوضاء البيضاء يجعل الطفل ينام نوماً عميقاً ولا يستيقظ على الأصوات الصاخبة حوله على سبيل المثال.
إيجابيات استخدام الضوضاء البيضاء لتنويم الرُّضَّع
الضوضاء البيضاء تسرع نوم الرضيع
تساعد الضوضاء البيضاء على تنويم الأطفال في كل الأوقات، فمثلاً يمكن أن تساعدهم على نوم القيلولة إضافة لمساعدة الأطفال الرُّضَّع الذين يبكون ليلاً لساعات متواصلة، حيث تكون أجهزة التسجيل الخاصة بصوت نبضات القلب بمنزلة المنوم الذي يدخلهم في حالة نوم سريع؛ لأنها تُستخدم من باب التعود بحيث يعتاد الطفل مثلاً النوم على صوت غناء أغنية معينة.
الضوضاء البيضاء تخفي الضوضاء المحيطة
تساعد الضوضاء البيضاء على إخفاء ضوضاء الأشقاء الأكبر سناً والأكثر صخباً في البيت، وحيث يقومون باللعب والسهر والعراك، ويجد الرضيع صعوبة في النوم، وقد يشعر بالخوف من أصواتهم العالية، ولذلك فاستخدام أي جهاز يحتوي على ضوضاء بيضاء يمكن أن يساهم في فصل الرضيع عن عالم الضوضاء المحيط به ويدخله في هالة محيطة به؛ فالضوضاء البيضاء تُوصف بالشرنقة التي تحيط بالطفل وتحدد له عالمه الخاص مهما كان العالم الخارجي حوله.
سلبيات استخدام الضوضاء البيضاء لتنويم الرُّضَّع
التعود على النوم بواسطة الضوضاء البيضاء
في حال استخدام الضوضاء البيضاء في تنويم الطفل يصبح من الصعب أن ينام الطفل من دونها؛ ففي حال فقدان الجهاز المسجل عليه الصوت الذي يسبب نوم الطفل فلن ينام الطفل، وقد تسافر الأم أو تكون بعيدة عن البيت مع رضيعها ولا تستطيع تشغيل الجهاز؛ فتجد صعوبة بالغة في تنويم طفلها، بل إن هناك بعض الأطفال الذين يصلون لمرحلة الروضة وهم يحتاجون لصوت معين لكي يناموا مثلما يعتاد بعض الأطفال حتى سن الروضة على عادات يصعب تغييرها مثل عادة مص الإبهام أو الأصابع عند الأطفال واستمرار استخدام اللهاية أو قنينة الرضاعة حتى لو كانت فارغة من الحليب لكي يناموا.
تعرض الطفل لمشكلات تنموية
حيث وجدت دراسة مهمة أن تعرض الطفل المولود حديثاً للضوضاء البيضاء وباستمرار قد أدى ذلك إلى ظهور تشوهات في حاسة السمع عند الطفل وتطور نموه السمعي، وقد أجرت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال اختباراً على ما يُقارب أربع عشرة آلة من آلات الضوضاء البيضاء، وهي مصممة خصيصاً للأطفال في حضانات المستشفيات؛ فتبين أن هؤلاء الأطفال قد ظهرت لديهم مشكلات تنموية حين كبروا على عكس الرُّضَّع الذين لم يتعرضوا لأصوات هذه الآلات، وهذه المشكلات مرتبطة بجهازهم السمعي.
النتائج العكسية عند بعض الأطفال
قد تكتشف الأم أن طفلها لا يحب الضوضاء البيضاء، وهي تقوم بتعريضه لها أسوة بطفل آخر، والنتيجة أن الطفل سوف يصبح متقلب النوم وشديد البكاء، بل يدخل في نوبات بكاء تمتد لساعات خاصة في الليل، ولا تعرف الأم أسباب كثرة بكاء الطفل من دون مبرر رغم أنها تستخدم أحدث الطرق للتنويم، ولذلك فليس كل الأطفال يحبون أن يسمعوا صوت ضربات القلب الهادئة الرتيبة كما قد يتوقع الكبار؛ فقد تسبب لهم الخوف والجزع.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.