استخراج الملح الطبيعي في منطقة إيج مورت بالجنوب الفرنسي

يعودُ استخراجُ الملحِ في منطقةِ إيج مورت بالجنوبِ الفرنسي، على شاطئ البحرِ الأبيض المتوسط، إلى العصرِ الحجري، وهناك دلائلُ على استخدامه قديماً من قِبل الإغريق والرومان. وفي العصرِ الحديث، ومنذ عامِ 1934، رسَّخت شركةُ لا بالين La Baleine مكانتها بوصفها منتجةً لملحِ الطعامِ الأساسي للعائلاتِ الفرنسيَّة.

يتميَّز ملحُ لا بالين بأنه يتبلورُ بشكلٍ طبيعي، ويعودُ الفضلُ في ذلك للعمالِ ذوي الخبرةِ العاليةِ والمتواترة من جيلٍ إلى آخر. وتتمُّ هذه العمليَّة في محميَّةٍ طبيعيَّةٍ لاستخراجِ الملح بمساحةٍ أكبر من مساحةِ العاصمةِ باريس.
وتقع قلعةُ إيج مورت، أولى القلاعِ الفرنسيَّة، على البحرِ الأبيض المتوسط، وبناها الملك لويس التاسع في القرن الـ 13، وتأوي أسوارها مدينةً مميَّزةً، يسكنها أكثر من 8000 شخصٍ. وعلى أطلالِ هذه القلعة، تقع البحيراتُ المالحةُ التي تُستَخدمُ لتبخيرِ ماء البحر، واستخراجِ الملح.

استخراج الملح

حتى يومنا هذا، يُستخرج الملحُ باستخدامِ موادَّ تقليديَّةٍ، وبأساليبَ مستدامةٍ حيث يتمُّ إدخالُ ماءِ البحر إلى القنواتِ في فتراتٍ معيَّنةٍ من شهرِ مارس، حسب نسبةِ تركيزِ الملح فيه، بعدها تبدأ عمليَّة استخراجِ الملحِ بطريقةٍ طبيعيَّةٍ من خلال تبخُّرِ الماء نتيجةَ تعرُّضه لأشعةِ الشمسِ والهواء. وتنتقلُ المياه من قناةٍ لأخرى لتشكِّلَ بذلك عمليَّةً كاملةً، هذه تفاصيلها:

• إدخالُ مياه البحر المالحة: يتمُّ إدخالُ المياه بين شهرَي مارس وإبريل إلى قنواتٍ، يمتدُّ طولها 80 كيلومتراً.
• دورةُ المياه المالحة: من شهرِ مارس لسبتمبر، تمتدُّ المياه، لتصلَ إلى عمقِ 60 سم في الأحواضِ الملحيَّة، ويتمُّ التحكُّمُ بها من قِبل عمالِ الملح حيث يقيسون مستوى المياه وتبخُّرها. وتستمرُّ هذه العمليَّة حتى تجفَّ مياه البحر بنسبةِ 90%.
• التبلور: تحت تأثيرِ أشعةِ الشمس، وهواءِ الشمال، تستمرُّ عمليَّة التبخير، وتتغيَّر، ونتيجةً لذلك، يتحوَّل لونُ المياه من الأزرقِ للأخضرِ للرصاصي فالأحمر. ومع استمرارِ تركيزِ الملح في المياه، يتبدَّل لونُ المياه إلى الوردي.
• الحصاد: يتمُّ حصادُ زهرةِ الملح بشكلٍ يدوي حيث تتكوَّن على سطحِ المياه. وتعتمدُ هذه العمليَّة على الحرارةِ العالية، لذا يتمُّ القيامُ بها في شهرَي يونيو ويوليو. من ثم، بين نهايةِ الصيف، وبدايةِ الخريف، يتمُّ حصادُ ملح البحر، فتتكوَّن طبقةٌ ملحيَّةٌ في أسفلِ الأحواض بعمقِ 10 سم، ويستخرجُ الملح، ويجفَّفُ، ويُنقَّى، ليكون جاهزاً للتقديم.

المحميّة الطبيعيّة

تتميَّزُ محميَّة إيج مورت الطبيعيَّة بطولِ فتراتِ شروقِ الشمس، وهبوبِ الرياحِ القويَّة، لذا تعدُّ المكانَ المثالي لاستخراجِ الملح.
تعدُّ هذه المحميَّة الطبيعيَّة الساحرةُ مركزَ جذبٍ سياحياً لمشاهدةِ البحيراتِ المالحة التي تمتدُّ لقنواتٍ بطولِ 80 كيلومتراً، وتزهو بألوانٍ مختلفةٍ حسب مرحلةِ استخراجِ الملح، وذلك بدءاً بلونِ البحرِ الأزرق، وانتهاءً بلونٍ وردي زاهٍ، تكتسي به طيورُ الفلامنجو الجميلة.
تأوي المحميَّة أكثر من 30 ألفاً من طيورِ الفلامنجو التي تتميَّز بلونها الوردي الزاهي، وتكتسبه من تغذيتها بالروبيان الصغيرِ الذي يمتلكُ صبغةَ "البيتا كاروتين"، وهي صبغةٌ برتقاليَّةٌ حمراء، يأخذها من طبيعةِ غذائه في المياه الغنيَّة بالطحالب، ونسبةِ الملوحةِ فيها.
هذه المحميَّة الطبيعيَّة المستدامة، تلبِّي شروطَ منظماتٍ عدة للحفاظِ على الحيواناتِ والنباتاتِ المهدَّدة بالانقراض، وتحتوي المنطقةُ على أكثر من 500 نوعٍ منها.

منتجات لا بالين

تتوفَّرُ منتجاتُ لا بالين La Baleine في كثيرٍ من الأسواق العربيَّة، من بينها الإمارات العربيَّة المتَّحدة، قطر، البحرين، المملكة العربيَّة السعوديَّة ولبنان، وتشتمل على أنواعٍ عدة من الملحِ للاستخدام اليومي مثل:

• الملح الجيد Fine Salt.
• الملح الخشن Coarse Salt.
• زهرة الملح Fleur de Sel.
• الملح المخلوط بالبهارات Flavoured Salt.
• الفرق بين الملح العادي وزهرة الملح fleur de sel

تتكوَّن زهرةُ الملحِ من ملحٍ على شكلِ رقائقَ رطبةٍ، ويتمُّ استخراجها فقط في أيامِ الصيفِ الأكثر سخونةً بطريقةٍ يدويَّةٍ من سطحِ الماء على مدار أربعةِ أسابيعَ إلى ستَّةٍ، ولهذه الشروط، تعدُّ زهرةُ الملحِ fleur de sel أكثر ندرةً من الملحِ العادي.
أمَّا بالنسبةِ لاستخراجِ ملحِ البحر العادي، فيتكوَّن في أسفلِ المياه بأحواضِ الملح، ويتمُّ تجفيفه بعد الحصاد، لذا لا يحتوي على نسبةٍ من الرطوبة، عكس زهرةِ الملح.
يمكنك أيضاً الاطلاع على فوائد الملح الخشن للبشرة.. هل تعتقدين أنها صحيحة؟