هل تساءلت يوماً عن الكنوز الثقافية والتاريخية التي تخبئها مدينة الإسكندرية، عروس البحر المتوسط؟ كيف يمكن لمدينة تحمل في طياتها تاريخاً يمتد لآلاف السنين أن تكون وجهة سياحية مميزة تجمع بين جاذبية الماضي وبهاء الحاضر؟ من مقابر كوم الشقافة إلى قصر رأس التين وحدائق المنتزه، ومن الشواطئ الرملية إلى المتاحف والمواقع الأثرية، ما هي المعالم التي تجعل الإسكندرية مقصداً لا يُضاهَى لعشاق الثقافة والتاريخ؟
الإسكندرية، مدينة أسسها الإسكندر الأكبر وتولت الملكة كليوباترا حكمها، يُعد ميلاد الإسكندرية وتاريخها المبكر بمثابة بطاقة تعريف بأسماء شهيرة، في الآونة الأخيرة، من أواخر القرن التاسع عشر وحتى الخمسينيات من القرن العشرين، كانت الإسكندرية بمثابة منطقة جذب سياحي، مع مجموعة متألقة من الكتاب والشعراء والفنانين الذين جعلوا المدينة موطنهم. تقع العديد من معالم الجذب السياحي في الإسكندرية على الكورنيش، أو بالقرب منه وهو الشارع الواسع المطل على الواجهة البحرية للمدينة.
مقابر كوم الشقافة
هي مقابر محفورة في الصخر على المنحدرات الجنوبية لتل في منطقة كرموس، يُعتقد أن تاريخها يعود إلى القرن الثاني الميلادي، وهي تقدم مثالاً للاندماج بين الأنماط المصرية واليونانية الرومانية في الإسكندرية.
تم اكتشافها في عام 1900 وهي موزعة على عدة مستويات من التوابيت وغرف الرفوف، يؤدي سلم حلزوني إلى الأسفل، حيث القاعة الرئيسية، على اليمين يمكنك الدخول إلى حجرة الدفن الرئيسية وكذلك كنيسة القبر المقدس التي تحتوي على 91 حجرة دفن، كل منها كبير بما يكفي لاستيعاب ثلاث أو أربع مومياوات.
عمود بومبي
في كرموس، بالقرب من مقابر كوم الشقافة، يوجد تل مليء ببقايا الجدران القديمة والأجزاء المعمارية والأنقاض التي يقف عليها الأثر القديم الوحيد السليم بالكامل في الإسكندرية. يرتفع عمود بومبي من بين أنقاض معبد سيرابيس القديم والذي كان يستخدم في السابق لتخزين الفائض من المخطوطات من مكتبة الإسكندرية الكبرى، هذا العمود المصنوع من الجرانيت الأحمر الأسواني ذو التاج الكورنثي، والذي يصل ارتفاعه إلى حوالي 27 متراً، لا علاقة له في الواقع ببومبي، بل تم إنشاؤه في عام 292 ميلادية تكريماً لدقلديانوس، الذي وفر الغذاء للسكان الجائعين بعد حصار المدينة.
حدائق قصر المنتزه
يعتبر المنتزه ملاذاً خصباً لأشجار النخيل الطويلة والمروج المقصوصة والزهور المتفتحة. بُني القصر كنُزُل للصيد في تسعينيات القرن التاسع عشر، ثم تم توسيعه بشكل كبير في عهد الملك فؤاد ليحل محل قصر رأس التين كمنزل صيفي للعائلة المالكة، قصر المنتزه بأبراجه المزخرفة المستوحاة من الطراز الفلورنسي وزخارف الروكوكو غير مفتوح للجمهور، ولكن يمكن للزائرين التنزه داخل الحدائق المترامية الأطراف والتي يمكن أن تكون جزءاً مرحباً به من الطبيعة بعد يوم قضيته في صخب الإسكندرية. على الطرف الساحلي للحديقة يوجد شاطئ صغير به جسر غريب الأطوار يؤدي إلى جزيرة صغيرة، إذا كنت بحاجة إلى جرعة من الهدوء، فإن رحلة إلى المنتزه هي الحل الأمثل لاستعادة رشدك قبل العودة إلى صخب المدينة.
قصر رأس التين
كان قصر رأس التين في الماضي ملجأً صيفياً لسلاطين مصر عندما كانت حرارة الصحراء في القاهرة لا تحتمل، وهي أيضاً الموقع الشهير الذي تنازل فيه الملك فاروق، آخر ملوك مصر، رسمياً عن الحكم في عام 1952 قبل أن يبحر من ميناء الإسكندرية إلى المنفى في إيطاليا، اليوم، يستخدم القصر من قبل البحرية المصرية، وهو ما يعني أن دخوله محظور على الزائرين ولكن الواجهة البيضاء الضخمة، التي يمكن رؤيتها بشكل أفضل من مياه الميناء، هي مكان لا بد من رؤيته والتقاط الصور معه.
السوق المحلي
يمتد سوق الإسكندرية الرئيسي عبر الشوارع الخلفية، متجهاً غرباً من ميدان التحرير في وسط المدينة، ستجد كل شيء من المنتجات الطازجة إلى الحلي الفضية أثناء التجول في هذه المنطقة، وهو مكان يستحق الزيارة للتعرف إلى جوهر حياة الإسكندرية أكثر من التسوق، تتكون منطقة السوق بأكملها من مجموعة من الممرات المتعرجة التي تتدفق من بعضها البعض، حيث يتخصص كل زقاق في منتجات مختلفة، إذا كنت ترغب في التعمق أكثر في روح الإسكندرية، فلا تفوّت فرصة التجول هنا.
متحف المجوهرات الملكية
يمكن الوصول إلى هذا المتحف، الذي يقع شمال جسر ستانلي، من وسط الإسكندرية بواسطة الترام، يقع المتحف في القصر الذي كان في السابق موطناً لفاطمة الزهراء حيدر، سليلة محمد علي باشا، يعد القصر نفسه، الذي تم بناؤه في عام 1923، مثالاً على دمج الأساليب المعمارية الإسلامية والأوروبية، تعتبر الأسقف الجصية المذهبة والمزخرفة باللوحات الجدارية في بعض الغرف كافية كسبب لزيارة هذا المكان ولكن التصميمات الداخلية تضم أيضاً مجموعة من المجوهرات والأدوات المنزلية والأعمال الفنية التي كانت مملوكة في السابق لأعضاء مختلفين من أسرة محمد علي باشا.
متحف كفافيس
كان قسطنطين كفافيس أحد أشهر أبناء الإسكندرية وهو شاعر سكندري يوناني وجد الشهرة والتقدير لكتاباته بعد وفاته، وتعتبر شقته الواقعة في شارع شرم الشيخ حالياً تكريماً لحياته ونقطة جذب رئيسية لأي شخص يقوم برحلة أدبية إلى الإسكندرية، أمضى كفافيس حياته المهنية كصحفي وموظف حكومي ولم يكن معروفاً بشعره خارج مجموعة صغيرة من الكتاب المقيمين في الإسكندرية بما في ذلك الروائي الإنجليزي إي إم فورستر، الذي كان من أشد المدافعين عن أعمال كفافيس، يحتوي المتحف الصغير على العديد من مخطوطاته ومراسلاته، بعد الانتهاء من زيارة المتحف يمكنك التوجه نحو الميناء، لالتقاط صور فوتوغرافية، حيث يظهر في الخلفية القوارب الملونة.