ميزون أي أوبجيه.. الاستدامة والحرف والابتكار

قطع ديكور من مجموعة OOI، من تنفيذ أستديو مو-مو Studio Mo-Mo
قطع ديكور من مجموعة OOI، من تنفيذ أستديو مو-مو Studio Mo-Mo

افتُتحت النسخةُ نصفُ السنويَّة من معرضِ “ميزون أي أوبجيه” Maison & Objet، في باري نور فيلبينت، أكبرُ مركزٍ للمعارضِ في فرنسا، سبتمبر الفائت، مع الاحتفاءِ بالذكرى الـ 30 لتأسيسِ الحدثِ المذكور المتخصِّص في مجالاتِ التصميمِ والديكورِ والضيافةِ والـ «لايف ستايل»، تحت عنوان Terra Cosmos، علماً أن تأثيرَ الحدثِ الباريسي لا تقتصرُ فقط على أيامِ انعقاده.
معرضُ «ميزون أي أوبجيه» Maison & Objet بمنزلةِ مسرحٍ للتبادلِ الإبداعي بين المصمِّمين والشركاتِ الدوليَّة، خاصَّةً الأوروبيَّة منها، في مجالاتِ الديكورِ، والتصميمِ، والضيافةِ، وفنِّ العيش، وهو مصدرٌ للإلهام، ومكانٌ لعرضِ كلِّ جديدٍ. ويركِّز المعرضُ على الإبداعِ، والابتكارِ، والاستجابةِ البيئيَّة، لذا تُسمَع أصداؤه فترةً طويلةً بعد انتهائه، وتطالُ كلَّ المهتمين بعالمِ التصميم مُتعدِّد الأذرع، وفي دولٍ ومدنٍ عدة.

1. مزهريات وأوانٍ من غواكس Guaxs
2. ديكور من توقيع استديو التصميم والإنتاج Molo، لصاحبَيه Stéphanie Forsythe، وTodd Macallen.
3. أطباق سيراميك من بوردالو بينييرو Bordallo Pinheiro.
4. مصباح من أمبرانت باريس Empreintes-Paris

الاستلهام من الفضاء

1. صوفا ومقعد Vallon من تصميم Christophe Delcourt، لعلامة بيار فريه Pierre Frey.
2. قطع ديكور من مجموعة OOI، من تنفيذ أستديو مو-مو Studio Mo-Mo.
3. غرفة مؤثثة بقطع مجموعة Tierra من فارو برشلونة Faro Barcelona.
4. بطانية Inverno بنقش مربع من علامة Déchelette.

شكَّل عنوانُ Terra Cosmos، الذي رُفِعَ في نسخةِ سبتمبر الأخيرة، مناسبةً للمصمِّمين والشركاتِ لتنشيطِ الخيال، والتعبيرِ عن تصاميمَ، تستلهمُ من الفضاء، الذي لم يعد ذلك البعيد، لا سيما مع احتمالِ السفرِ السياحي إليه، وقربِ تحقُّق حلمِ إقامةِ مستعمراتٍ بشريَّةٍ على المريخ، ومع أخبارٍ مثل تلك المتعلِّقةِ بمركبةِ ستارشيب الفضائيَّة، المُصمَّمة لإجراءِ رحلاتٍ إلى القمر والمريخ. وقد استجاب المصممون للعنوانِ من خلال الاشتغالِ بموادَّ جديدةٍ شفَّافةٍ، أو قزحيَّة الألوانِ، وتستحضر السطحَ المعدني للنجوم، والمساحاتِ السماويَّة والنجميَّة، إضافةً إلى التجريبِ في كلٍّ من المعدنِ والزجاج.

للاطلاع على التقرير المنشور في نسحة المجلة الشهرية، اضغط(ي) هنا

تفاصيل عن المعروضات

الأشكالُ المستديرة، والأسطحُ المعدنيَّة المطليَّة، والألوانُ النابضةُ بالحياة، والأثاث المعياري الذي يتكيَّف مع أنماطِ الحياةِ الجديدة حيث لا يمكن الفصلُ بين المرونةِ والجماليَّات، عناوينُ تختصر معروضاتِ النسخةِ الأخيرة من المعرضِ دون إغفالِ الآتي:

  • المواد المعدنيّة: وقُدِّمت بصورتها الخام، وبـألوان مشبَّعةٍ.
  • العودة إلى الطبيعة: عنوانٌ، يستمرُّ في البروز في التصميمِ الداخلي بصورةٍ، تتحوَّل فيها المنازلُ إلى ملاجئ لساكنيها أكثر من أي وقتٍ مضى، لذا هناك تكرارٌ في حضورِ الأشكالِ المستديرة، والموادِّ الطبيعيَّة، والدمجِ بين البيئاتِ الخارجيَّة والداخليَّة من خلال النوافذ الضخمة.
  • الاستدامة: وتركِّز عليها كثيراً منتجاتُ المصمِّمين، والعلاماتُ التجاريَّة، ما يُظهِر رغبةً حقيقيَّةً في تبنِّي نهجٍ بيئي متمثِّلٍ في استخدامِ الموادِّ الطبيعيَّة مثل الكتان، أو الخشبِ الخام “غير المُعالج”، أو مع تشطيباتٍ خفيفةٍ، أو الروطان “معروفٌ بالراتان في صفوف العامة”، أو الفلِّين في تنفيذِ قطعِ الأثاث، وإكسسواراتِ الديكور، واعتمادِ البساطةِ أسلوباً.
  • الألوان الترابيّة والهادئة: في دائرةِ الضوء، لا سيما خلال الخريفِ والشتاء، ومع ظلال البني، والمغرة “من ظلالِ الأرض، ويشمل الأصفرَ والأحمرَ الضاربَ إلى البني”، والرملي، والطيني “التراكوتا”، تُعزَّز الألوانُ المذكورةُ بلمساتٍ من الأخضرِ الزيتوني، أو الأزرقِ العميق.
  • أعمال الحرفيين: تمنح لمسةً من الحداثةِ من خلال المصمِّمين للتعبيرِ عن اندماجٍ بين الأصالةِ والابتكار، ما يُفرِز قطعَ أثاثٍ وإكسسواراتٍ جاذبةً بطابعها الفريدِ والخالد.
  • نمط الحدّ الأقصى: أو الماكسيماليست. راجعٌ لكنْ بطريقةٍ محدَّثةٍ، وغير مباشرةٍ، وبعيدةٍ عن البهرجة، وبهدف المزجِ بين الأساليبِ والعصور، أي من خلال طبقاتِ الأقمشةِ الثقيلة، منها المخاملُ، والأصوافُ، والأنماطُ الهندسيَّة، والنقوشُ النباتيَّة.
  • الإضاءة: مع تأكيدٍ على دورِ العنصر المذكورِ المركزي في الديكورِ الداخلي. كانت وحداتُ الإضاءةِ الرائعةُ المعروضة مُشابهةً للمنحوتات، مع ملاحظةِ أشكالٍ عضويَّةٍ لها، وموادَّ غير متوقَّعةٍ في تنفيذها، إضافةً إلى بثِّها إضاءةً ناعمةً لخلقِ أجواءٍ مريحةٍ دون نسيانِ ذكر وحداتِ الليد LED المبدعةِ، والأنيقةِ، والصديقةِ للبيئة في آنٍ واحدٍ.
  • ديكورات الشقق الضيِّقة: أُخِذت في الاعتبار من خلال تقديمِ معروضاتٍ من الأثاثِ المعياري، أو القابلِ للطي، أو التكديس دون التضحيةِ بالجماليَّات.
  • أدوات المائدة: عبَّرت عنها مجموعاتٌ عدة بصورٍ حديثةٍ وتقليديَّةٍ، مع ملاحظةِ الخزف الحِرفي، والتشطيباتِ غير الكاملةِ والمزخرفة. الاتِّجاه هو نحو المزجِ بين قطعٍ متطابقةٍ، وأخرى مختلفةٍ على سطح طاولةٍ واحدةٍ، لتضفي كلٌّ منها لمسةً فريدةً على الطاولة.

مشاركون جدد

هناك مداومون على المشاركةِ في نسخِ المعرض، وإضافةً إليهم، انتشرت معروضاتٌ لعارضين جددٍ، بعضهم جاء من دولٍ عربيَّةٍ. فمن الفئةِ الثانية، شاركت Byhand African Artisans، من مصر، وهي مبادرةٌ، تمتلكُ رؤيةً، تتمثَّل في جعلِ العلاقةِ مع كلِّ حِرفي عمليَّةً مستدامةً، وطويلةَ الأمد، وفي تطوُّرٍ مستمرٍّ، وقد قدَّمت تركيباتِ إضاءةٍ. ومن المغرب، Sania، العلامةُ التي تصنعُ قطعَ ديكورٍ، وتقدِّم فنوناً فريدةً، وقطعَ تصميمٍ مخصَّصةً، مع استعادةِ تقنياتِ الإنتاج القديمةِ المهدَّدة بالانقراض، بالتعاونِ مع حرفيين محليين في تكافلٍ هادفٍ بين الفنِّ، والتصميمِ، والحِرف اليدويَّة، وتبرزُ من بين معروضاتها مزهرياتٌ من مجموعةِ «هانا»، صُنِعَت من السيراميك الشاموت عالي الحرارة، وألواحُ Metamorphosis من الزليج، المطليَّة بأكاسيدَ طبيعيَّةٍ. ومن المغرب، أيضاً، عرضَ Arthub Atelier إبداعاتٍ يدويَّةَ الصنعِ من السيراميك المغربي، تتفاوتُ بين أحواضِ الغسيل، والطاولات. أمَّا من البرتغال، فقدَّم Puna Studio سجَّاداً منسوجاً يدوياً بنسبة 100% من صوفِ الأغنام. بينما شاركت من الهند Anavila ، العلامةُ التجاريَّة التي تأسَّست عامَ 2011، وتعملُ على استكشافِ الاستدامةِ الثقافيَّة في أنحاء البلاد عبر العملِ على ممارساتِ الحِرف اليدويَّة، والمواردِ الطبيعيَّة، وأسلوبِ الحياةِ السائد، ومن بين معروضاتها وسائدُ مصنوعةٌ من موادَّ عضويَّةٍ.
ومن فرنسا، وباريس تحديداً، كان مُميَّزاً حضورُ سوقِ سانت أوين للسلعِ المستعملة للمرَّة الأولى، علماً أن الأخيرةَ أكبرُ سوقٍ للسلعِ العتيقة في العالم مع 1200 تاجرٍ للتحف، وتجَّارِ الفنِّ والحِرفيين، وتُمثِّل عنواناً للمحليين، والسيَّاح المعجبين بالأثاثِ القديم، ومن كلِّ العصور، وكان لافتاً من معروضاتها سريرٌ من خشبِ الوردِ المنحوت من الطرازِ الباروك، صُنِعَ في البرتغال خلال القرن الـ 19. ومن فرنسا، كذلك، شاركت MAISON POLITA، الدارُ التي أسَّستها ماري وابن أخيها نيكولاس من إقليمِ الباسك الفرنسي، وتجمعُ بين تراثِ الأخيرِ الثقافي، والحِرفيَّة المغربيَّة، وشملت معروضاتها شمعداناتٍ مصنوعةً من خشبِ الأرز يدوياً، وبألوانٍ عدة، ومجموعةَ ELISSA لأدواتِ المائدة المصنوعةِ يدوياً بنسبة 100% في المغرب من تربةٍ طبيعيَّةٍ رماديةِ اللون، مع طلاءٍ خالٍ من الرصاص.

وجوه في المعرض

1. المصمم البلجيكي ليونيل جادو.
2. إضاءة للجدار من المرمر، بصنع مصري، من BYHAND AFRICAN ARTISANS.
3. حوض لغسل اليدين، مصنوع يدويّاً من السيراميك، في المغرب من علامة Arthurbatelier.
4. طبقان للفواكه من Bitossi Home.
5. سيليتي Seletti.

كان ليونيل جادو، وهو مصمِّمٌ بلجيكي ومهندسٌ معماري داخلي وفنَّانٌ ورجلُ أعمالٍ، اختير «مصمِّم العام»، وتسلَّم جائزته في النسخةِ الـ 30 من المعرض. وصرَّح في المناسبة: «على الرغم من أن Maison & Objet، ليس مكاناً، أذهبُ إليه لتسوُّق الأثاثِ والديكورِ لمنزلي، إلا أنه شكَّل فرصةً لإظهارِ نهجي في التصميمِ، والمواهبِ الناشئة، وكيفيَّة بناءِ فندقٍ كاملٍ بشكلٍ مختلفٍ، وباستخدامِ موادَّ قابلةٍ لإعادة التدوير».
جديرٌ بالذكر، أن جادو، أنجز الصيفَ الماضي التصميمَ الداخلي لفندق «ذا ميكس» الجديد، المؤلَّف من 180 غرفةً، والمُصنَّف في فئة «4 نجومٍ»، في بروكسل، العاصمةِ البلجيكيَّة، وتحديداً في المقرِّ السابقِ لشركة التأمين «لا رويال بلجي». وتعاون جادو مع 52 مصمِّماً للعملِ في المشروع، وفي النتيجة: اتَّبع العملُ غير المألوفِ الطرازَ الوحشي على غرار المبنى الأصلي، لكنْ مع الاهتمامِ الشديدِ بالراحة، واللمساتِ النهائيَّة.
وعلى أرضِ المعرض، في باري نور فيلبينت، خصَّص جادو جناحاً لعرضِ فلسفته في التصميمِ الداخلي من خلال تصميمِ مساحةٍ للضيافة، بالتعاون مع 20 مصمِّماً آخرَ، حيث قدَّموا محاكاةً لغرفةٍ فندقيَّةٍ، تضمُّ عدداً كبيراً من المواد، إمَّا من مصادرَ حيويَّةٍ، أو مصنوعةٍ من موادَّ معادٍ تدويرها. ورأى الزائرون، في هذا الإطار، أثاثاً مصنوعاً من الملحِ، أو الفطر، ومنسوجاتٍ من جلدِ الباذنجان المدبوغ.
يشار إلى أن 2303 عارضين، من بينهم 600 عارضٍ جديدٍ، مثَّلوا 15 قطاعاً، شاركوا في نسخةِ المعرضِ الأخيرة، كما عُقِدت ندواتٌ بالجملة، ناقشت موضوعاتٍ مهمَّةً، مع التعبيرِ خلالها عن أفكارٍ تقدميَّةٍ.
وفي انتظارِ النسخةِ الجديدة من المعرضِ، 16 يناير 2025، تظلُّ باريس ملهمةً، ومركزاً رئيساً للموضة في العالم بمجالِ التصميمِ والديكور.