أيَّامٌ، تتوالى على الإنسانِ، منها المفرحُ، ومنها المحزنُ، وكلُّها زائلٌ، فلا شيءَ دائمٌ، لكنْ لها أثرٌ في القلبِ، يستعيدُ العقل ذكراه كلَّ فترةٍ، ليعيشَ المرءُ الحالةَ داخلياً ونفسياً، لذا كان من الأفضلِ أن يحاولَ الإنسانُ الابتعادَ عن الحزنِ قدرَ المستطاعِ نظراً لآثاره السلبيَّةِ على نفسيَّته ونفسيَّةِ مَن حوله، فالحزنُ يعمُّ، والفرحُ يعمُّ، ومن هنا، وجبَ على المرءِ أن يستغلَّ لحظاتِ الفرحِ خير استغلالٍ، كما وينشره بين أهله، ومحيطه، ليُدخِلَ الابتسامةَ لقلوبهم، خاصَّةً في الأعيادِ، ونخصُّ هنا عيدَ الأمِّ، عيدَ المرأةِ العظيمةِ التي تعبت، وسهرت، وربَّت، عيدَ هذه المدرسةِ الصَّغيرةِ، لكنَّها تُنشِئ عالَماً بأسره.
إنَّ كلَّ يومٍ يمرُّ على الأمِّ، وأبناؤها حولها، هو عيدٌ بالنسبةِ لها. تفرحُ لفرحهم، وتحزنُ لحزنهم. وواجبٌ على الأبناءِ أن يُقدِّموا لأمِّهم، ويردُّوا لها ولو جزءاً بسيطاً من تعبها، وأن يُدخِلوا البهجةَ لقلبها، فحفلةٌ بسيطةٌ، تضمُّ الأهلَ والأحبابَ، تطبعُ في قلبها سروراً كبيراً، وذكرى جميلةً، وقد بيَّن رسولُ الله أنَّ أحقَّ النَّاسِ بحُسنِ الصُّحبةِ، هي الأمُّ، وكرَّرها ثلاثاً "جاء رجلٌ إلى رسولِ الله يسأله: مَن أحقُّ النَّاسِ بحُسنِ صحابتي، قالَ: أمُّك. وكرَّرها ثلاثاً"، فحفلةٌ متواضعةٌ، وهديَّةٌ رمزيَّةٌ، ستجعلانها أسعدَ إنسانةٍ على وجه الأرضِ.
وأيضاً لا ننسى الأعيادَ الرَّسميَّةَ مثل عيدِ الأضحى، وعيدِ الفطرِ الذي بات قريباً، بلَّغنا الله وإيَّاكم، فإقامةُ شعائرِ العيدِ مع الأهلِ، وتبادلُ التَّهاني، يُعظِّمُ الشَّعائرَ الدِّينيَّةَ، ويُوثِّقُ العلاقاتِ، ويربطُ أواصرَ القرابةِ.
إذاً، عيدان قريبان، عيدُ الأمِّ، وعيدُ الفطرِ، فلنُجهِّز لهما تجهيزاً، يليقُ بهما. حفلةٌ متواضعةٌ، والتقاءُ أحبَّةٍ، سيرسمان في العقلِ والقلبِ فرحاً دائمَ الذِّكرى، تعمُّ بهجته على الجميعِ، فكلّ عامٍ وأمَّهاتنا وجميعنا بألفِ خيرٍ، أعاده الله علينا جميعاً باليُمنِ والبركةِ.