جرت العادةُ على أن تكتب الناسُ عن المشاهير، والمسؤولين، وأصحاب المناصب العالية، لكن هناك شخصياتٌ اجتماعية داخل مجتمعنا، تقوم بأعمالٍ جليلةٍ وعظيمة، وتستحق أن تكون قدوةً للآخرين.
لقد كتبتُ في السابق عن خالي المعطاء والمخلص علي العجلان، ودورهِ الاجتماعي الكبير مع أقاربه، ومع كل مَن عرفه من أهالي مدينة بريدة، واليوم سأتحدث عن امرأةٍ معطاءة محبةٍ للخير، ألا وهي السيدة أم أحمد "نورة السلطان".
إن نورة تحبُّ الاطلاع والمعرفة، مع العلم أنها لم تدرس في المدارس النظامية، بل حصلت على المعرفة من خلال أدواتها المتاحة، مثل الاستماع إلى الإذاعة، والأشرطة المفيدة، والإلمام ببعض آيات القرآن الكريم وتفسيره، وطالما أن العلم يؤدي إلى الوعي، فقد وصلت إلى درجة الوعي بفطرتها السليمة، ونيتها البيضاء.
حقاً، لقد تعلَّمنا من أم أحمد، السيدة نورة، أشياءَ كثيرة، يصعبُ الإحاطة بها في هذا المقال، لكن سأركز على نقطتَين مهمَّتين، هما:
1 - القدرة على التحفيز.
2 - نشر ثقافة الشكر والامتنان.
أما التحفيز، فقد كانت أم أحمد شعلة نشاطٍ لأبنائها وكل مَن حولها، وإذا عرض عليها أي أحدٍ فكرةً ناجحةً، أو مشروعاً دراسياً، شجَّعته وحفَّزته، وسألت الله له التوفيق والنجاح، وكنت كلما أردتُ الإقبال على شيءٍ ما، أذهبُ إليها لأتشرَّف بسماع كلمات التحفيز والطاقة الإيجابية التي تبثها في روح كل مَن يستمع إليها.
وفيما يخصُّ مجال الشكرِ والامتنان، فهي مدرسةٌ في ذلك، إذا أعطيتها أي شيءٍ، حتى لو كان كوباً من الماء، فستنال منها عشرات المفردات المغلَّفة بالشكر والامتنان.
هي أولاً تشكرُ الله على كل نعمةٍ تصل إليها، وثانياً تشكرُ مَن قدَّم لها المعروف، ولا عجبَ في ذلك، فالحديث الشريف يقول: "مَن لا يشكر الناس لا يشكر الله" .
والسيدة نورة تحبُّ الشكر لأنها حرَّة، وتعرفُ أن "المعروف رق ورده عتق"، لذا إذا أصابها رق المعروف، تحرَّرت منه بلغة الشكر، ولا عجبَ في ذلك فالرسول، صلى الله عليه وبارك، قال: "مَن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه".
في النهاية أقول:
من الجيد أن تتدرَّب الناس على لغة الشكر والامتنان، والله جل وعز يزيد النعم لكل مَن يشكره، والبشر يتشجَّعون على المعروف حين نشكرهم.
ونظراً لأهمية الموضوع، فإن أستاذتنا القديرة السيدة لويز هاي خصَّصت كتاباً لهذا الموضوع بعنوان (الامتنان أسلوب حياة).
لذا، دعونا من اليوم نعاهد أنفسنا على أن نقدِّم الشكر والامتنان لله أولاً على نعمه، التي لا تعد ولا تحصى، ثم البشر الذين يصنعون المعروف لنا في كل يومٍ، ولنتَّخذ من السيدة أم أحمد "نورة السلطان" قدوةً لنا، ونرفع الشكر لكل مَن أسدى إلينا معروفاً.