تتأرجح حياة الإنسان بين عسرٍ ويُسر، شدّة ورخاء، كأنّها أمواج بحرٍ متناوبة من فرح لحزن، وَمَن تمسّكَ بقارب الصّبر واستخدم مجذاف التّفاؤل والثّقة بالله وصل إلى شاطئ الأمان، فلا شيء يحدث للإنسان إلّا وقد منحه الله تعالى القدرة على تحمّله، قال تعالى في كتابه العزيز: ( لا يكلّف الله نفساً إلّا وسعها)، وطالما أنّ القادم مخبّأ في غيب الله فينبغي تصوّره أنّه أجمل، وكثير من النّاس يظنّون أنّ التّفاؤل هو انتظار نموّ وردة من دون أن يسقوها، ولكنّ هذا المفهوم خاطئ، فالتّفاؤل هو الاعتناء بالوردة وسقايتها والصّبر عليها حتّى تنمو وتكبر، وهذا ما سيجعلها أجمل وردة في الكون.
يتنوّع الصّبر في حياتنا لأشكالٍ مختلفة، فقد يصبر الإنسان على البلاء ويحمد الله تعالى من دون جزعٍ أو هلع، وأيضاً يشكره على نعمه مع عدم التّكبّر عليها، وهذا النّوع من الصّبر يغفل عنه الكثيرون، وفيما يتعلّق بمغريات الحياة ومفاتنها نرى البعض يتوه عن الطّريق الصّحيح، وهنا لا بدّ من الصّبر على الطّاعة والمحافظة والدّوام عليها بانتظام حتّى يبتعد الإنسان عن المعاصي الّتي تحتاج صبراً جلداً لتجنّبها، وكذلك على الإنسان أن يصبر على المرض والابتلاءات المختلفة، ويحتسب أجره عند الله مع الدّعاء المستمرّ، لأنّ جزاء الصّبر أجرٌ كبير وثوابه أعظم، قال تعالى: ( إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب).
ولما للصّبر من حسن الجزاء وخير العطاء من الله تعالى للمؤمنين قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( وما أُعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصّبر)، لما له من لذّةٍ وحلاوة لا يشعر بها إلّا الصّابرون، مع الانتباه لنقطة مهمّة، وهي أنّ البعض يعدّ الابتلاء من الله بمثابة عقوبةٍ لصاحبها على ذنبٍ اقترفه، وهذا الكلام غير صحيح، لأنّ الصّبر على الابتلاءات يرفع الدّرجات ويعظّم المكانة، لذا على قدر الصّبر يكون جبر الله تعالى للقلوب من دون الاعتراض على القضاء والقدر والرّضى بما هو مقسوم، شريطة مواصلة الدّعاء والصّبر مع وجود الثّقة المطلقة بالله، وهو من خلق الإنسان وتعهّده بالرّحمة، والصّبر مفتاح الفرج.