كثر الحديث عن الموهبة وأهميتها، ويمكن القول: إن الموهبة مثل البترول في باطن الأرض لا قيمة له إلا عندما يستخرج ويصفى ويهذب ويشذب ويصقل.
كذلك الموهبة هي بدرجة معينة؛ أما الأكثر أهمية فهو التدريب، والصقل، والاهتمام، والتطوير.. وفي ذلك يقول الرسام "مايكل أنجلو": "لو رأت الناس الجهد والتعب الذي بذلته لأتقن الرسم، ما كانت لتصدق أنني موهوب".
وأفضل أنواع التدريب أن يتدرب الإنسان في التمرين وكأنه يخوض في منافسة حقيقية، حتى إذا كان في منافسة حقيقية شعر وكأنه في لحظة تدريب، وفي ذلك يقول المتخصص والمدرب النفسي "بوب روتيلا" صاحب كتاب Golf is not a game of perfect: "تدرب كأنك في منافسه، حتى تتمكن من المنافسة كأنها جلسة تدريب".
التدريب مهم، لذلك كان قبل العلم، والتدريب في أبسط صوره أن تتعلم ممن سبق أو كان يعرف أكثر مما تعرف في مجال من مجالات الحياة، وأول عملية تدريب حصلت كانت عن طريق المدرب "غراب" حين علم البشر كيف يدفنون موتاهم، وكان التدريب عن طريق المحاكاة والتقليد.
إن أية أحلام أو طموحات أو أهداف من غير خطة أو رؤية هو مضيعة للوقت وأمان في الهواء، وأية خطة أو رؤية من غير تحديد وقت للتنفيذ والانتهاء فهي أحلام وآمال، وأي تنفيذ من غير التزام وصبر ومثابرة فهو إضاعة للوقت والجهد والمال.
من خلال عملي في إعطاء الدورات التدريبية والاحتكاك بالناس، اكتشفت أن عدداً كبيراً من الذين أقابلهم لا يعرفون مقدار المواهب التي بحوزتهم والمهارات التي وهبها الله جل وعز، أعتقد (والله أعلم) أن كل فرد منا بحاجة إلى اكتشاف مواهبه مثلما اكتشف أهل العلم والمعرفة النفط من باطن الأرض.
ومن نعم الله الكثيرة علينا "نعمة الهوايات" تلك المساحة التي يجد فيها الإنسان نفسه ويستمتع فيها وبها ومعها، ولقد صدق شيخنا ابراهيم الفقي حين قال: "الهوايات لها قوة علاجية رائعة، فهي تبعدك عن ضغوط الحياة اليومية وتأخذك إلى الراحة والسعادة".
عندما عدد الفيلسوف "برتراند راسل" المبادئ السبعة التي تؤدي بالإنسان إلى السعادة، ذكر منها تنمية الهوايات والمهارات، وأن تتعلم هواية أو مهارة مثل فتح نافذة جديدة في حياة الإنسان، لأن من أهم الأشياء التي تدخل السرور إلى النفس أن يتعلم الإنسان كل سنة مهارة جديدة، إذا تعلمت مهارة وركزت عليها وتفوقت بها، فإن شهيتك تنفتح لتتحرك باقي المهارات وتتطور، إنها تماماً مثل أسهم شركة أرامكو والراجحي إذا تحركتا تحرك السوق بمجمله.
في النهاية أقول:
الإنسان خليط مميز ومعقد من المعرفة والتعليم والمواهب والخبرة والقدرات والاهتمامات والعواطف والرغبات والمخاوف، والإنسان الحكيم من يعرف كيف يتعامل مع كل هذا الخليط.