سؤال تطرحه غالبية الأمهات على التربويين وأساتذة الطب النفسي؛ نظراً لأهميته لها كأم ومربية وتأثيره الإيجابي على الطفل مستقبلاً؛ والمعروف أن الطفل يحتاج إلى العديد من المهارات؛ ليتمكّن من العيش بإيجابية في حياته، وحتى يستطيع مشاركة الكبار جلستهم من دون أن يتسبب في أي حرج لأحد الوالدين، وأبرز هذه المهارات هي مهارات التواصل اللفظية وغير اللفظية (إيماءات الجسد) ومهارات أخرى كثيرة عن توقيت مشاركة الطفل للأحاديث العائلية والجلوس وسطهم من دون أن يتسبب في حرج بشكل ما لأحد الأبوين.عن خطوات هذه التهيئة تحدثنا خبيرة الشؤون الأسرية ومحاضرة التنمية البشرية الدكتورة فاطمة الشناوي
التعليم في الصغر كالنقش على الحجر
على الطفل اكتساب المهارات الاجتماعية عن طريق إتاحة الفرصة له للتفاعل الآمن مع من حوله منذ الطفولة، بعدها يبدأ الطفل بتكوين شخصيّة مُستقلّة واكتساب مهارات اجتماعيّة متنوّعة؛ مثل القدرة على التواصل مع الآخرين، وتكوين الصداقات بنفسه، فتتحسن قدرته على التصرّف السليم في المواقف المختلفة، كما يكتسب أيضاً القدرة على التحكّم بتصرفاته
بعض الأطفال قد تنقصهم هذه المهارات، حيث يتصف بعض الأطفال بالخجل الذي يعتبر إحدى الصفات التي يُمكن وراثتها من الوالدين، فالأطفال الخجولون لا يقبلون أن يبقوا في مكان دون وجود والديهم، كما أنّهم يخجلون من الأشخاص الغريبين عنهم ولا يقتربون من أشخاص غير معروفين لديهم.
اللعب بألعابه وألعاب الغير
يُمكن تطوير المهارات الاجتماعيّة للأطفال من خلال اللعب، حيث يملك معظمهم ألعاباً ودمى لكنّهم أحياناً لا يُحبون مُشاركتها مع الأطفال الآخرين، لذا من الممكن للآباء مساعدة أطفالهم على تقبُل الأطفال الآخرين واللّعب معهم، ومناقشة الطفل في الألعاب التي يُسمح له وللآخرين بالتشارك معه في اللعبة
هنا على الوالدين معرفة أنّ طفلهم لن يسمح للآخرين باللعب بألعابه لمدة طويلة، كما يفضل تعليم الطفل المُشاركة في الألعاب التي لا يملكها أيضاً، حيث تساعد الألعاب على بناء علاقاتٍ اجتماعيّة إيجابيّة للأطفال مع أصدقائهم
على الآباء اكتشاف اهتمامات وميول أطفالهم، تطوير قدرتهم على الانضباط الذاتي والتحكّم بمشاعرهم، مع تطوير قدرتهم على التعبير عن مشاعرهم وعن أنفسهم، وتنمية الجوانب العاطفيّة والانفعاليّة لديهم
أساليب أولية للحوار
دربي طفلك على التواصل والحوار والمناقشة قبل أن يشارككم الجلسات العائلية ، المكالمات الهاتفية والفيديو؛ أحياناً كثيرة لا يكون الطفل قادراً على تكوين جملٍ من كلمتين أو ثلاث كلمات حتّى عمر السنتين، ولكن يوجد بعض الخطوات التي تساعد في تنمية قدرته على الكلام، مثل التحدث مع الابن بشكلٍ مستمر، حتّى لو كان لا يفهم ما يُقال له، الانتباه لردّ فعل الطفل حول ما يُقال له، فإذا كان يفهم ما يُقال له فسوف يظهر ذلك على ملامح وجهه كإشارة إرشادية
استخدام الإيماءات وملامح الوجه أثناء الحديث معه، بالتواصل المستمر يتمّ تشجيع الطفل وتعزيز قدرته على الكلام من خلال التحدّث إليه بشكلٍ مستمر، خاصة أثناء القيام بالنشاطات المختلفة، كالاستحمام أو تناول الطعام أو غير ذلك، ومن المهم أيضاً التحدّث معه بأسلوبٍ يفوق مستواه الكلامي، فإذا كان يستخدم جملاً من ثلاث كلماتٍ يجب أن يلجأ الأهل لاستخدام أربع كلماتٍ بشكلٍ بسيطٍ ومفهومٍ بالنسبة له.
القراءة له ومناقشته، تُعدّ قراءة القصص للطفل من الوسائل التي تُنمّي قدرته في السنة الثانية أو الثالثة من عمره على الكلام، ويكون ذلك من خلال قراءة القصص له، ثمّ توجيه بعض الأسئلة الخفيفة، كسؤاله عن لون الكتاب، أو عن شعوره عند لمس الكتاب، أو غير ذلك من الأسئلة البسيطة، مع أهمية إعطائه الوقت للإجابة عليها.
فوائد الجلسة الأسرية
بتت الدراسات النفسية الحديثة أن تجمع الأسرة بشكل دوري منتظم يحمل الكثير من الانعكاسات النفسية الإيجابية على الأفراد، كما أثبتت هذه الدراسات أن الجلسة العائلية من أنجح الوسائل التربوية، والتي يستفاد منها الجميع؛ ففيها التقارب الروحي، والاطمئنان النفسي، والتلاحم الأسري، ولها صور عديدة كالجلسة في البيت حول مائدة الطعام، ومن صور الجلسات العائلية أن يفرغ الأب جزءاً من وقته للجلوس مع زوجته وأولاده بشكل ودي، فيتذاكروا ويتحدثوا في شؤون الأسرة ومسؤولياتها
تجمع العائلة في حد ذاته أمر طيب وحسن، خاصة إذا كان التجمع العائلي تغمره وتسوده أجواء المشاعر الأسرية الدافئة: من حب ومودة وحنان، الجلسات العائلية تزيد التقارب، وتجعل الأسرة تدرك اهتمامات الأب، ومشاغله وطرق تفكيره، ويتعرف الرجل على تفكير أبنائه وبناته وزوجته واهتماماتهم، فتقوى أواصر الترابط، وتكتسب الأسرة الكثير من الفوائد النفسية، والاستقرار العاطفي
وفي الاجتماع الأسري تدريب للأولاد على الحوار، وطرح الآراء أمامهم منذ الصغر، وإعطاء البنات الفرصة للتعبير عن طموحاتهن وشعورهن والمشاركة برأيهن، وتعزيز انتمائهن الأسري مع إخوتهن الذكور، وإذكاء روح المسؤولية، وثقافة العمل الجماعي، والتعود على الشفافية، في أجواء تملؤها السعادة والطمأنينة، لبناء أسرة أكثر تجانساً وانسجاماً، مليئة بالحب والألفة والمودة.
متى يشارك طفلي جلساتنا العائلية؟
كل رحلة تبدأ بخطوة ، ولجلوس الطفل آمنا وسط الأحاديث العائلية أو بين الأقارب الكبار السن يستلزم خطوات تمهيدية؛ ودوام تجمع الأسرة يُعد فرصة للآباء والأمهات بمتابعة أولادهم عن كثب وملاحظة كل تغيير يطرأ على حالتهم النفسية، كما يتيح فرصة للآباء والأمهات بإظهار اهتمامهم ودعمهم لأبنائهم خاصة في سن المراهقة في وسط الفتن التي تعج بها هذه الحياة الدنيا... وبهذا يمكنه التعرف على ما يليق وما لا يليق النطق به في وجود الغرباء
في أجواء الجلسات العائلية تنتقل الخبرات عبر الأجيال، وتُصحح المفاهيم الخاطئة التي قد يلتقطها الأولاد، وتُلبَّى حاجاتُهم المُلحة، وتُقدم لهم التوعية في ظل المتغيرات المتسرعة، ويتبادلون وجهات النظر حول كثير من القضايا وشؤون الأسرة والمجتمع..بعدها يستطيع التحدث فيما يفيد ويليق وسط الغرباء
وهذه الجلسات فرصة ثمينة لترسيخ القيم النبيلة، وربط الأبناء والبنات بالعادات والتقاليد الأصيلة، وتعليمهم مكارم الأخلاق والآداب، وفي هذه الجلسات يعالج الأب الخلافات التي قد تظهر بين الأولاد ويبعدهم عن الاقتراب من أسبابها