اضطر العشرات من الآباء المغاربة إلى إطلاق نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حول تداعيات الحجر الصحي، الذي وضع نفسية الآلاف من الأطفال على المحك. ودقت الجمعية المغربية لطب الأطفال، ناقوس الخطر حول بقاء الصغار حبيسي جدران المنازل، بعد أن جرى تقسيم المغرب قبل أيام إلى منطقتين 1 و2، تستفيد الأولى من تخفيف تدابير الحجر الصحي، بينما يبقى الوضع على ما هو عليه في الثانية.
ولم يتضمن المخطط المذكور أية تدابير استثنائية لفائدة الأطفال، وذلك بعد مرور أكثر من شهرين ونصف الشهر على إعلان حالة الطوارئ الصحية، الأمر الذي أثار استياء وقلق الكثيرين.
وحذرت الجمعية، في رسالة وجهتها إلى وزير الصحة، خالد آيت الطالب، اطلعت سيدتي على نسخة منها، من التبعات النفسية والصحية لبقاء الأطفال في المنازل لشهر إضافي، مطالبة بالسماح للأطفال الموجودين في المنطقة 2، بالخروج والترويح عن أنفسهم.
الآباء قلقون
كتب الإعلامي رشيد البلغيثي، متفاعلاً مع الموضوع «بعد قرار السيد وزير الداخلية اختزال إجراءات التخفيف بالمنطقة 2 في إضافة ساعتين لمحلات البقالة والخضارين فقط والحفاظ على باقي تدابير الحجر الصحي الصارمة، فإني أدعوه ومن خلاله باقي العاملين تحت إمرته في الحكومة إلى تخصيص تلك المستشفيات الميدانية (ما بين مدينتي الدار البيضاء ومدينة ابن سليمان) للعلاج النفسي والإكثار من أجنحة الطب النفسي الخاص بالأطفال».
وقالت الصحافية مريم التايدي، في تدوينة على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «السيد رئيس الحكومة، أنا مواطنة مغربية أم لطفلة عمرها عشر سنوات، ألتمس منكم أخذ الصحة النفسية لأطفالنا ضمن إجراءات تخفيف الحجر التي تنهجها الحكومة، وأنبه أن المس بالصحة النفسية للأطفال يشكل تهديداً صحياً للمجتمع».
وطالبت الأم والصحافية التايدي من الحكومة «تدارك هذا الأمر وتخصيص ساعات محددة خلال أيام محددة لخروج الأطفال، مع مسؤولين عنهم بالغين مع احترام إجراءات السلامة الصحية والتباعد الصحي».
نصائح طبية للآباء وأجمع الأطباء النفسيون أنه يتعين على الآباء (خاصة في منطقة 2) مشاركة أبنائهم للأنشطة التي يقومون بها واللعب معهم، والتحلي بالمزيد من الصبر معهم ومحاولة إقناعهم بأن هذه الظرفية سيتم تجاوزها في أقرب وقت.
كما اقترحت على الآباء «ممارسة الرياضة مع أبنائهم، وتخصيص فترات للتقرب منهم والتحاور معهم»، مؤكدة على «أنه يجب أن نكون إيجابيين مع أطفالنا ونحاول قدر الإمكان إبعاد التوتر عنهم، كما لا يجب الحديث عن كل ما يدور حول الفيروس، سواء الإحصائيات أو مستجداته.
رشيد بن الطيبي، أستاذ علم النفس التربوي بكلية علوم التربية جامعة محمد الخامس بالرباط وصاحب مبادية خلية الدعم النفسي بمعية أساتذة الكلية، قال في اتصال هاتفي مع سيدتي نت، إن خلية الدعم النفسي استقبلت في بدايات الحجر الصحي الكثير من الاتصالات لأهالي أبناء من أجل الاستفهام حول كيفية التعامل مع الأبناء في ظل هذه الظروف التي تستوجب المكوث في المنزل، ودعا الأستاذ ابن الطيبي الآباء إلى التقرب من أطفالهم أكثر والتعرف على ميولاتهم وقدراتهم، وكذا إدماجهم في بعض الأنشطة اليومية كتعلم الطبخ أو ممارسة الرياضة في المنزل، مع الحرص على متابعة دروسهم بشكل متواصل عبر كافة الوسائل التكنولوجية المتاحة، إذ تعتبر هذه الفترة مناسبة لمراجعة الذات وتعلم أشياء جديدة.
وتختلف طرق التعامل مع هذا القلق أيضاً من طفل إلى آخر، لكن وبشكل عام يقدم الأستاذ رشيد طرقاً يمكن من خلالها للآباء والأمهات دعم أطفالهم للتعامل مع ما يمرون به من مشاعر خلال هذه المرحلة، تشمل مراقبة البالغين لسلوكهم ومحاولة البقاء هادئين قدر المستطاع، إضافة إلى تشجيع الأطفال على التعبير عن مشاعرهم وطمأنتهم من خلال الحديث إليهم بهدوء وروية.
كما نصح بن الطيبي، في نفس الوقت محاولة صرف نظر الأطفال عن مشاعر القلق والخوف بممارسة أنشطة محببة إليهم، والاستمرار بالحياة الطبيعية قدر الإمكان للتخفيف من حدة التغييرات التي يمر بها الأطفال.