السؤال
أعمل بوظيفة مرموقة، ولدي 3 أطفال هم حياتي، زوجي يكبرني بـ 9 أعوام، وهو يعمل بمهنة مرموقة أيضاً، لكنه يعاني من الاكتئاب رغم تناوله أدوية..
كان زوجي يعاني من ذلك قبل الزواج، لكن للأسف لم أعرف إلا بعد الزواج وتعاملت مع الموضوع على أنه مرض مزمن وأنه يمكن أن ينتهي.. لكن فعلاً حياتي آخر عامين أصبحت جحيماً..
الاكتئاب والحزن عنده زاد جداً لأنه لم يحقق أهدافه في العمل
ثانياً مع ضغوطات الحياة وطلبات الأطفال المتزايدة أنا التي أقوم بكل شيء من ناحيتهم.. تقديم مدارس والبحث عن المعلمات، التمارين الرياضية، وطبعا مأكل ومشرب وملبس، هو ينتظر أن أقول له دفعت لهم مبلغاً نقدياً كذا فيعطيه لي أحياناً لكن المبالغ الضخمة كالتقديم للمدارس هو يدفعها مباشرة.. طبعاً التفكير في التنزه أو كيف نخرج ونجعل الأولاد يخرجون غير موجود ومرفوض بالنسبة له؛ لأنه لا يريد أن يتعب من الجري خلفهم، أنا التي أقوم بإخراجهم دائماً وحدي، أو أستعين بأختي.. وهو دائماً يفضل الخروج مع زملائه أو يذهب لوالده، هو أيضا كسول جداً، كان يقول عن نفسه هذا، لكني لم أكن أتخيل أنه إلى هذا الحد.. هو سريع التعب، وفضل وظيفة بوقت محدد بدلاً من مشروع خاص كان يمكن أن يدر عليه الأموال.. للعلم أنا أتذكر جيداً أبي لاحظ هذه الصفة فيه، وأنا لم أصدقه.. وكنت أنظر إلى مميزاته، فهو يميل إلى التدين.. محافظ على الصلاة.. حنون على أطفاله، ولبق في الكلام، لكنه حالياً مقل جداً جداً في الكلام أيضاً؛ بسبب الاكتئاب المزمن
لم أعد أستطيع المواكبة. على الاهتمام بالمنزل.. أفعل ما يمكن فعله وأترك الباقي.. هو لا يحب هذا، ويعلق دائماً ولا يساعد في المنزل، بالرغم من جلوسه فترات طويلة فيه، على عكسي لأني أعمل ٥ أيام ثم أعود أواجه طلبات المنزل..حتى الإصلاحات المطلوبة أنا التي أقوم بها وعندما أتركها تظل كما هي..
أعاني أيضاً من جفاء مشاعره معي، وعلاقتنا الخاصة مضطربة جداً، أصبحت حساسة للغاية وأبكي من أي شيء وكل شيء.. لم أكن هكذا.. مع أي خلاف بيننا أقوم بالبكاء، هو لا يحاول حتى أن يجبر بخاطري، ويجب عليّ أن أعتذر دائماً في كل خلاف
أصبحت بدينة بعد الطفل الثاني، وقل اهتمامي بنفسي تماماً.. وأريد أن أنوه سبب تمسكي بعملي هو أني أنفق على نفسي..
فكرت أن أطلب الطلاق أكثر من مرة؛ لأني أشعر بعدم الأمان، وعدم الراحة، أصبحت متعبة من كثرة المتطلبات، وإحساسي أنه لا يفعل شيئاً ولم يعد يمثل لي زوجاً..
أصبحت غير سعيدة.. امرأة كئيبة، وهذا عكس طبيعتي التي كان يعرفها عني من حولي.. لم أعد أضحك كما في السابق، دائماً حزينة وأحمل الهموم..
أعرف أنه اذا تطلقنا لن ينفق علي الأولاد، إلا كما يرى هو أنه كاف، وصارحني بذلك.. وهذا طبعاً لن يحدث، وسيعطيني أقل بكثير من احتياجات الأطفال، وهو ما يجعلني متحيرة في أمر الانفصال؛ لأني لن أستطيع أن أتحمل هذه المسؤولية وحدي..
لكن شعوري أن عمري يمر وسوف أبدأ عقد الثلاثينات، وأنا أتخيل أني سأعيش هذه العيشة الكئيبة يخيفني جداً.
ماذا أفعل؟ بماذا تنصحيني؟
(ديما)
رد الخبير
1 آسفة يا حبيبتي لحالتك وحيرتك، وقد نقلت أهم ما جاء في رسالتك الطويلة، وهي هموم تعيشها أكثر من قارئة للأسف، وتتشابه جداً من حيث الصبر والمعاناة والأمل بالحل!
2 سأحاول أن أشاركك أكثر من سيناريو للحل:
3 السيناريو الأول: أن تنفصلي عن زوجك وتتحملي الأعباء المالية والنقص الذي سينتج عن فراقكما، وتؤكدي لنفسك أن المال ليس كل شيء في الدنيا وأن حياتك ستكون أفضل وأنت حرة، فربما تلتقين برجل آخر طيب وتكملين حياتك معه براحة وشراكة حقيقية.
4 هذا السيناريو الأول يظل ناقصاً إن لم تسألي نفسك ماذا سيكون مصير الأبناء؟ هل سيعيشون مع والدهم في حال زواجك ثانية؟ هل تستطيعين فراقهم؟
5 السيناريو الثاني: أن تنفصلي عن زوجك وتقرري أن تهبي كل حياتك لأولادك، لكن بهدوء وسيطرة تامة واستقلالية تكوني خلالها غير مسؤولة عن زوج كئيب ينغص عليك حياتك! وهنا يكون السؤال في مواجهة نفسك: هل سأكون حقاً أفضل حالاً؟ وأوفر لأطفالي حياة هادئة؟ وكيف ستكون مشاعرهم؟ هل سيشتاقون إلى والدهم وهو الحنون عليهم رغم كآبته وكسله؟ وهل أستطيع تعويضهم النقص المادي الذي كان متوفراً في السابق؟
6 السيناريو الثالث: أن تقرري البقاء مع زوجك شرط أن تغيري نمط حياتك تماماً، بحيث تثبتين لنفسك أنك تستطيعين تحجيم المشكلة وتتعايشين معها كممرضة، وهذا يعني ألا تجعلي زوجك يصيبك بعدوى كآبته، بل تفكرين أنه ربما يصاب بعدوى حيويتك وتفاؤلك وعيشك حياتك مع أطفالك بحب وحيوية ومرح.
7 هذا السيناريو يبدو صعباً لكن أؤكد لك أن كثيرات يعشن هذه الحالة باختيارهن، وأعرف سيدة عاشت مع زوجها الكئيب وشبه المعتزل للحياة الاجتماعية حتى واجبات الأقارب، فكانت هي وأولادها يعيشون مع الأب في واحتهم المستقلة والحيوية داخل البيت مما جعله مع الوقت يتقرب منهم ليشاركهم بعضها!
8 إذن هو اختيار لما تستطيعين تحمله من زوجك وما تستطيعين توفيره لنفسك ولأطفالك بدونه، فهناك امرأة يهمها الكفاية المادية بالدرجة الأولى فتعيش عمرها مع زوج كئيب أو غضوب لأن المعادلة التي اختارتها هي الأفضل لها.
9 وهناك امرأة تغادر بلا ندم وتتحمل مسؤولية أبنائها وتسير أمورها المالية بما هو متوفر لأن معادلة استقلاليتها وراحتها بمعزل عن الزوج الكئيب المريض تعني أن الراحة الشخصية والاستقلال أهم بكثير من الرفاهية أو الكماليات.
10 أخيراً هناك امرأة تختار ما قسمه الله لها وتحاول تحسين الحال بالاهتمام بنفسها وأبنائها وتعمل على تقوية علاقة إيجابية لهم مع والدهم وتحفيز الزوج لتجربة أنواع من العلاج النفسي والروحي بعيداً عن الأدوية، وتقرباً من الله وتعتبر صبرها امتحاناً صعباً تسعى أن تنجح به ليعزها الله في الآخرة فتحصل ربما على هناء الدنيا والآخرة معاً، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، فما بالك بالأمهات؟ وفقك الله وأسعدك بإذنه.