كأنها عقْرب سامّة حولتها غجريّة ساحرة بلمْسةِ عصا سحريّة إلى أُنْثى طَيِّبة، أُنْثى مُزخْرفة بالخيرِ، أنثى متفانية من أجل الغير، أنثى يراها الجميع شَخْصيّة مَثاليّة، دون أن يكلف أحدهم نفسه بالبحث عن وجهها الحقيقي خلف ذلك القناع الذي ألْصقته على وجهها بإتْقانٍ، فهي كانت تبثُّ سمومها بينهم دون أن يلْحظوا ذلك السواد المتسرِّب منها إليهم، ودون أن ينْتبهوا إلى أن كل حكاية تُسرد أمامها تحترق، وكل سِرٍّ تؤتمن عليه يُفشى، وكل فرحة تولد أمامها تتحوَّل إلى حزنٍ عظيم!
فسمها كان يَسْري في حكاياتهم وفي أحلامهم، وفي أمنياتهم وفي أسرارهم، وفي مساحاتهم البيضاء، وفي علاقاتهم الخاصة، ويتحوَّل إلى كتلة من سوادٍ!
فهي كانت تنفث سمومها عليهم، وهي تبتسم في وجوههم، وهي تشاركهم طعامهم، وهي تلبّي مناسباتهم الخاصة، وهي تقف في أحزانهم، وهي تشاركهم أفراحهم، وهي تنْصِت لأسرارهم، وهي تؤدي أمامهم دور الإخلاص، وهي تحدثهم عن أهمية الوفاء في العلاقات، وهي تصف لهم حجم حرصها عليهم، وهي تتقاسم معهم أدق تفاصيل حياتهم..
وكلما سَقَطَ أو انْكسرَ أو حَزِنَ أحدهم علا صوت قَهْقَهتها الداخليّة...
إنها ليست لوحة مُفْرِطة في السوادِ، ولا مشْهداً سينمائياً تؤديه شخصيّة متضخمة بالشرِ، ولا قصة قصيرة في كتاب!
فالمرأة العقْرب هي واقع قد يشهده الكثير منا، إنها شخصيّة واقعيّة قد نصطدم بها في حياتنا الاجتماعيّة أو العلميّة أو العاطفيّة..
إنها شخصيّة مُشوَّهة داخلياً، تغْرس الشوك في أحلامنا، وتستميت في رصِّ العَراقيل أمامنا بإتْقانٍ تام، وتهْدم كل مدن الأحلام التي قضينا أجمل العمر في تشييدها!
إنها الشخصيّة التي تطْلي مساحاتنا بالسواد، وتحرق الطُرق التي تنتهي بنا إلى الفرح، وتُغلق في وجوهنا النوافذ التي تسرِّب لقلوبنا النور والهواء..
إنها الشخصيّة التي تطْرب لأحزاننا، وتشتعل لأفراحنا، وتقترب منا بشدةٍ كي تكْسرنا بقوّةٍ!
قبل النهاية بقليل:
تمسك بالذي يحترق... كي يعثر عليك في ظلمة الحياة..