بعد 70 عاماً من إنشائها الثقافة المصرية واليونسكو تعيدان قرية حسن فتحي للحياة؛ حيث انتهت المرحلة الأولى لتطوير قرية شيخ المعماريين المهندس حسن فتحي التراثية والمسماة بقرية القرنة الموجودة بمحافظة الأقصر، والتي شيدها المهندس المعماري الراحل حسن فتحي في أغسطس عام 1945، وكانت لهذه القرية شهرة عالمية بسبب كتابه عمارة الفقراء الذي سرد فيه قصة بنائها، وأنشأت لاستيعاب حوالي 7000 من المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربي لإنقاذها من السرقات والتعديات عليها فصدر قرار بتهجيرهم من المقابر وإقامة مساكن بديلة لهم، فخصصت الدولة ميزانية محدودة لبناء القرية الجديدة، وتم اختيار الموقع ليكون بعيداً عن المناطق الأثرية وقريباً من السكك الحديدية والأراضي الزراعية على مساحة 50 فداناً.
قامت وزارة الثقافة المصرية ممثلة في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو بالإشراف على مشروع تطوير وترميم قرية حسن فتحي "القرنة الجديدة" بالأقصر، والذي تم الانتهاء من المرحلة الأولى منه بتمويل من منظمة اليونسكو، وتنفيذ شركة مصرية متخصصة في ترميم المباني البيئية.
وشملت ترميم وإعادة إحياء مبنى الجامع، قصر الثقافة، المسرح، الخان حيث يقع قصر الثقافة على الشارع الرئيسي المؤدي إلى المسجد وساحة القرية، ويضم مسرح مكشوف وبعض الفراغات أسفل مدرجات المسرح، وقد خضع المبنى لعدة ترميمات وتدخلات على التصميم الأصلي تم تنفيذ أعمال ترميم عام 1983 من قبل حسن فتحي نفسه، حيث تم بناء دعامات للواجهات الشمالية والجنوبية لتحقيق الاستقرار في هيكل المبنى، ويعد القصر التابع لوزارة الثقافة مركزاً للنشاط الثقافي في القرنة الجديدة، وسيعزز المسرح الذي أعيد ترميمه حديثاً الحياة الثقافية للمجتمع، ولا سيما الشباب والنساء.
*إعادة إحياء تراث حسن فتحي
ويهدف مشروع حماية تراث حسن فتحي في القرنة الجديدة إلى إعادة إحياء وتأهيل وترميم المباني العامة الرئيسية الخمسة التي بناها حسن فتحي في منتصف القرن العشرين، وقد استخدم في بناء المباني الخامات والطرق التقليدية بما شملت من استخدام الطوب اللبن المخلوط من الطين وألياف النباتات والمجفف في الشمس، إلى جانب المساهمة في توثيق وإحياء حِرَفِ البناء التقليدية المتعلقة بالعمارة التقليدية، "وبالأخص المباني الطينية"، وبذلك يكون للمشروع أثر اجتماعي واقتصادي إيجابي على المجتمع المحلي من خلال إعادة التأهيل والتوظيف لتلك المباني التي تم ترميمها، وتشجيع السياحة المستدامة.
وقد تفقدت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبد الدايم برفقة محمد عبد القادر نائب محافظ الأقصر، في بداية جولتها التي رصدتها وسائل الاعلام تطوير مسرح القرية، ثم تفقدت عمليات إحياء مسجد القرية، وبعدها تجولت داخل الخان والسوق بالقرية، وأشادت بمستوى العمل في إحياء القرية من جديد.
و أكد المهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري وفقاً لبيان جهاز التنسيق الحضاري؛ أن عملية الترميم في المرحلة الأولى استغرقت ما يقرب من 24 شهراً وفق معايير دقيقة للوصول إلى الشكل الحالي بعد تأثر وانهيار المباني الذي دام لسنوات طويلة، مضيفاً أن جهاز التنسيق الحضاري بالتعاون مع محافظة الأقصر وضع رؤية بصرية لتطوير المنطقة المحيطة للتناسب مع القيمة المعمارية للقرية؛ حيث نجحت وزارة الثقافة بالتعاون مع منظمة اليونيسكو في ترميمات المرحلة الأولى؛ لتطوير مباني قرية المهندس حسن فتحي التاريخية بمدينة القرنة غرب محافظة الأقصر، وانتهت أعمال تطوير المسجد والخان والمسرح في القرية.
*مهندس الفقراء وارتباطه بالقرنة
عرف المعماري الكبير حسن فتحي المعروف بمهندس الفقراء، في الأوساط المصرية وارتبط اسمه بقرية القرنة في الأقصر، وقد ولد مهندس الفقراء في 23 مارس من عام 1900، وتَوُفِّيَ في 30 نوفمبر 1989.
يعتبر فن المعمار والبناء بأساليب وطرازات عالمية أموراً ليست بالهينة أبداً، فهي تحتاج عباقرة ورجالاً مميزين امتزجت عقولهم بقلوبهم والبيئة المحيطة بهم، فأخرجوا لنا مثل تلك الصروح والمباني والمعابد والقرى والمنازل التي ليس لها مثيل في العالم أجمع، ويتعلم ويدرس من إرثها آلاف المهندسين الجدد في مصر والعالم بأكمله، حيث سار المهندس العالمي حسن فتحي على خطى (أمنحتب بن حابو) المعماري الفرعوني الأسطوري الذي بنى غالبية معابد وتماثيل محافظة الأقصر؛ حيث إن حسن فتحي صاحب أشهر فلسفة حديثة في البناء الحديث الذي يحاكي الحداثة والأصالة، وتأثر بالريف والفلاحين في أعماله.
ومن أهم ما قام ببنائه "قرية القرنة الجديدة" غرب مدينة الأقصر في مصر، والتي تستعد للافتتاح للمرحلة الأولى للترميم داخلها، والتي بدأ فيها فتحي العمل عام 1946م، وكانت لقرية القرنة شهرة عالمية بسبب كتاب عمارة الفقراء، الذي يسرد فيه قصة بنائها، وأنشئت القرية لاستيعاب المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربي لإنقاذها من السرقات والتعديات عليها، وخصوصاً بعد أن اكتشف المختصون وعلماء الآثار سرقة نقش صخري بالكامل من أحد القبور الملكية، فصدر قرار بتهجيرهم من المقابر، وإقامة مساكن بديلة لهم. وخصّصت الدولة ميزانية لبناء القرية الجديدة، وتم اختيار الموقع ليكون بعيداً عن المناطق الأثرية وقريباً من السكك الحديدية والأراضي الزراعية، وبدأ حسن فتحي المرحلة الأولى من مشروع بناء القرية ببناء 70 منزلاً، بحيث يكون لكل منزل صفة مميزة عن الآخرين؛ حتى لا يختلط الأمر على السكان، واعتمد في تصميم المنازل على الخامات والمواد المحلية، وظهر تأثّره بالعمارة الإسلامية. كانت للقباب تصميمها الفريد والتي استخدمت بدلاً من الأسقف التي تعتمد على الألواح الخشبية أو الأسياخ الحديدية المعتادة، وتم تخصيص مكان إضافي للماشية، التي يقتنيها سكان المنطقة، مع المحافظة على العزل الصحي؛ حفاظاً على سلامة الأفراد.
*مكونات قرية القرنة
وشيدت ثلاث مدارس بالقرية الأولى للأولاد والثانية للبنات، أما الثالثة فكانت مدرسة لتعليم الحرف اليدوية التي اشتهرت بها منطقة القرنة، مثل الألباستر والغزل والنسيج وصناعة منتجات النخيل، كما حاول من خلال هذه المدرسة الحفاظ على روح الإبداع الفرعونية في الأجيال الجديدة، ومثلما اهتم فتحي بالجانب التعليمي لم يغفل الجانب الديني الذي يميز أهل القرية، أو الجانب الترفيهي لتعويضهم عن منازلهم التي تم تهجيرهم منها عنوة، حيث عمل فتحي على إنشاء مسجد كبير في مدخل القرية حمل أجمل النقوش المعمارية في تصميمه، حيث تأثر فيه بالفن المعماري الطولوني ممتزجاً مع الفن الإسلامي في العهد الفاطمي، وفيما يخص الجانب الترفيهي قام فتحي بإنشاء قصر ثقافة حمل اسمه، ومسرح مبني على الطراز الروماني، إلى جانب حمام سباحة.
ومن أبرز مقولات وكلمات المهندس المعماري حسن فتحي مايلي: (هناك 800 مليون نسمة من فقراء العالم الثالث محكوم عليهم بالموت المبكر بسبب سوء السكن هؤلاء هم زبائني)