دفعها حافزٌ قوي جداً منذ الصغر إلى احتراف الكتابة، لذا «أنشدت له بلطفٍ»، وأبدعت في هذا المجال عبر كتاباتٍ، وجدت إعجاباً كبيراً، وإقبالاً واسعاً على قراءتها، وكوَّنت مع هذا المجال علاقة صداقةٍ أبدية، لتصبح الكتابة الصديقة التي لا تفارقها إطلاقاً. لديها من الأبناء طلال، وفيصل، وفلوة، وبدرية، ونورة التي دخلت المجال الإعلامي، وأبدعت في تقديم نشرة الملك عبدالعزيز العامة، وهند التي تطوعت ضمن محاربي كورونا خدمةً لوطنها الغالي. الكاتبة والناشطة الاجتماعية تغريد الطاسان، استضافتها «سيدتي» وابنتيها هند ونورة، وحاورتهن في المجالات التي اخترنها لمسيرتهن العملية، وأبرز المحطات فيها.
تكتبين المقالات الصحفية، ما الكتابات التي تستهويكِ؟
تستهويني أي فكرةٍ، أستطيع من خلالها طرح ما نعيشه حالياً، وترجمته كتابياً، فأنا بوصفي كاتبةً تقع على عاتقي مسؤولية توظيف قلمي وإحساسي نحو ما يتملَّكني من شعور وتفاعلات تخصُّ مجتمعي ووطني.
هل واجهتِ صعوباتٍ في بداياتك مع الأسرة أو المجتمع؟
في الأسرة لم أواجه أي صعوباتٍ، لأنني وُلِدت لأسرةٍ تتمتع بقدرٍ وافر من الثقافة وحب الأدب والفن، وكما وجدت تشجيعاً كبيراً داخل أسرتي، وجدته أيضاً من قرَّائي الأحبَّاء من مختلف الأعمار، وحظيت بدعمهم المتواصل، ونسمات مشاعرهم وأحاسيسهم الدَّفاقة بالحب والرضا.
تابعي المزيد:المصممتان عائشة عبد الملك وأمينة العباسي: تصاميمنا تستحضر هوية التراث البحريني
الكتابة ملكة قلبي
ما فلسفتك في الكتابة؟
أهم فلسفة بالنسبة لي في الكتابة، أنه عندما تخطر في بالي فكرة مقالةٍ ما، أفضِّل أن أعيش وحيدةً مع قلمي وأوراقي، وأن أترك لهما العنان للإبداع لينظِّما حروفي، ويعبِّرا عما يجول بخاطري، ويصفا المرحلة التي أمرُّ بها، أو مرَّ بها شخصٌ آخر، فحياتنا كلها متشابهة في كثيرٍ من التفاصيل، لذا أجد في الكتابة ملكة تربَّعت على عرش قلبي وأبت أن تنحني.
ما قراءتكِ للمشهد الثقافي في السعودية اليوم؟
منذ إطلاق «رؤية 2030» والثقافة السعودية تعيش عصرها الذهبي، متسلحةً بالرغبة في التطوير الشامل في الحقول الثقافية المتنوعة، الأمر الذي يخلق بيئةً، تحفز على الإبداع، وتسهم في نموِّه، وتفتح نوافذ جديدة للطاقات الإبداعية الوطنية.
المرأة السعودية تواكب العالم الجديد
أنت ناشطةٌ اجتماعية ومدافعة عن حقوق الإنسان وفي المجالات التي تهتم بالمرأة، ماذا قدَّمتِ في هذا المجال؟
حظيت المرأة السعودية بنصيبٍ كبير في أغلب كتاباتي ولقاءاتي الإعلامية التي سلَّطت الضوء فيها على كثيرٍ من الإصلاحات الاجتماعية التي تشهدها البلاد، وأيضاً الجهود التي تبذلها الدولة لتحقيق المساواة التكاملية، وتعزيز حقوق المرأة، وبرامج الدعم والرعاية الموجَّهة لها، وتمكينها في التعليم والتدريب، والدعم الاجتماعي، والعدالة، والأعمال، والسياسة.
هنالك تحولات كثيرة حدثت أخيراً في السعودية منحت المرأة عديداً من الصلاحيات، ما رأيك في ذلك؟
شهدت السعودية عديداً من الإصلاحات التي ساعدت في تمكين المرأة على تأدية دورها المنوط بها، ومنحتها الصلاحيات اللازمة للنهوض بمسؤولياتها تجاه الوطن، مستظلةً في ذلك بدعم واهتمام قادة هذه البلاد، حفظهم الله، الذين أصدروا تشريعات تمسُّ مباشرةً حقها الإنساني بأن تكون مواطناً مستقلاً، حتى أصبحت هذه التشريعات قوانين ملزمة، يترتب على مخالفيها عقوبات مشددة، وأصبحنا نواكب العالم الجديد، ونصنع لأنفسنا حضوراً يليق بنا بوصفنا دولةً ومجتمعاً ذا خصوصية معينة.
لكل جيل ثقافته
هل ترين أن هناك فروقات بين جيلك وجيل ابنتيكِ نورة وهند؟
بالطبع، كل جيلٍ له ثقافاتٌ واهتماماتٌ، وعاداتٌ وتقاليد وقيم، وأذواقٌ، وأسلوب حياة يختلف عن الجيل الآخر. نتفق في الإطار العام، ونختلف في التفاصيل، ويعيش كلٌّ منا مرحلته وفق طموحاته، ورغباته، وأدواته.
هل تشعرين بالسعادة لمعاصرة ابنتيكِ نورة وهند هذه الفترة التي مُنِحت فيها المرأة مساحةً أكبر؟
بالتأكيد سعيدة، لأنهما تجنيان مثل كل بنات الوطن ثمار «رؤية 2030» التي آمنت بما تمتلكه المرأة من قدراتٍ كبيرة، عملية وعلمية، ومنحتها كثيراً من الحقوق التي حُرِمَت منها في الفترة الماضية، وحققت لها المساواة مع أخيها الرجل.
اختيار تخصصات نورة وهند، هل كان بإرادتهما التامة؟
هذا الأمر جاء باختيارهما. كنت فقط أحاورهما لأطمئن على أنهما ستجدان في التخصُّص شغفهما.
من الزمن الجميل و«زمن الطيبين»، ما الصفات والعادات التي تحرصين على أن تتمسَّك نورة وهند بها؟
الصدق والأمانة، والصبر التعاون، والاحترام وتحمُّل المسؤولية، وحب العمل والإخلاص فيه.
فتح مجالات جديدة
كيف يمكن للمرأة أن تواجه تحديات في الوقت الجاري وتتخطاها؟
تواجه المرأة السعودية تحديات عدة لإثبات نفسها ودورها، ووجودها ومشاركتها في بناء مجتمعها، وقد تمكَّنت خلال السنوات الماضية من التغلب على كثيرٍ منها، من أبرزها حاجة المرأة إلى المرونة والتأقلم مع متطلبات المرحلة الجارية، والتغيرات الحاصلة فيها، والمهنية العالية في التعاطي مع ظروف وبيئة العمل، واستثمار الفرص الجديدة التي توفرها هذه الظروف من النواحي العملية والاقتصادية لإثبات الوجود، وصُنع الفارق، ما يفتح مجالات جديدة أمامها.
هل أنتِ مع المساواة بين المرأة والرجل؟
بالطبع نعم، فدور المرأة لا يقل أهميةً عن دور الرجل في بناء المجتمع، والدفع بعجلة تنميته ورفعته ونمائه. في المقابل لابد أن نؤمن بأن هناك حقوقاً لكل طرفٍ على الطرف الآخر، كفلها ديننا وعاداتنا وتقاليدنا الرائعة، فالمساواة ليست بمعنى الندية، بل بمعنى أننا في الحقوق والواجبات سواء.
ما المساحة التي تشكّلها مواقع التواصل في حياتكِ وحياة أبنائكِ؟
مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لنا وسيلة التثقيف والارتقاء بالأفكار، بالتالي لا بد من وضع ضوابط، وتشريعات صارمة لتخليصها من السلبيات التي تراكمت حولها، من دون المساس بحرية التعبير، وجعلها تتصف بالمصداقية والأمان، كما يجب إجراء تهيئةٍ مناسبة لأولادنا تجاهها حتى نطمئن على تفاعلهم معها. بالتأكيد. هناك خطوط حمراء لا أحب أن تتجاوزها ابنتاي، لذا أقوم بدور الرقيب الإيجابي للحد من خطر التأثير السلبي لمثل هذه التقنيات الحديثة عليهما.
ألا ترين أن تلك المواقع تشهر أشخاصاً لا يستحقون ذلك؟
مع الأسف، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي وسيلةً للشهرة السريعة هذه الأيام، وباباً لتحقيق مكاسب كبيرة لأشخاصٍ لا يستحقون ذلك، ولا يمتلكون ما يقدمونه من محتوى عبر تلك المنصات، وهنا يأتي دور الوعي المجتمعي لبيان ما هم عليه من محتوى مزيف.
مشاركة الأبناء في القرارات
هل أنتِ صاحبة القرارات في المنزل، أم تمنحين نورة وهند والبقية مساحةً للمشاركة؟ متى تتدخّل تغريد في قراراتهما؟
متى ما كان حضوري مهماً، ومتى ما استشعرت خطأً معيناً، قد لا تسعفهما خبرتهما فيه. وأؤمن بأهمية مشاركة الأبناء في اتخاذ القرارات التي تتعلق بهم، أو تلك التي تتعلق بحياتهم الأسرية، لذا لابد من منح هذا الجانب حيزاً من الأهمية. في المقابل هناك أمورٌ القرار فيها يعود لي لأجل اختصار الحدث، وتجاوز المشكلة.
لك مؤلفات عدة جميلة، منها «تغريد»، و«فلسفة السعادة»، و«فلسفة تحول»، حدِّثينا عنها؟
كتاب «تغريد»، هو التجربة الأولى، وعبره دخلت عالم الكتابة والكتب، ويضم تغريدات منتقاة، والحمد لله، وجد تفاعلاً مميزاً، ما شجعني على الاستمرار. كتاب «فلسفة سعادة» المحبَّب لدي، وفيه خلاصة تجارب وأفكارٍ تصلح لأي شخصٍ، والحمد لله، هذا الكتاب يسألني عنه الجميع دائماً. أما كتاب «فلسفة تحول»، فيرصد التحولات المجتمعية زمن الرؤية، والحديث عنها من خلال رؤيتي الخاصة.
أصبتِ بكورونا، وانتقل الفيروس إلى ابنتيكِ، كيف كانت تجربتكن مع المرض؟
لم يدر في خلدي أبداً أن هذا الفيروس سيغزو بدني أنا وابنتي، ويقلق مضجعنا من دون سابق إنذارٍ. حينها دخلت في مرحلة خوفٍ عليهما قبل نفسي من هذا المرض، الذي يصيبك بأفكار وهواجس لا حدَّ لها، ويطغى على حياتك لدرجة أنه يمنعك حتى من النوم. وقتها ستقول: يا لها من دنيا لا تستحق كل هذا العناء. لكن الجيد في هذه التجربة أنها تجعلك شاهداً على تجديد يقينك بأن كل أمرك بيد الله، وأنك في معيته وحده. وأن البشر أضعف مما يتخيلون، وأقل مما يظنون، وأن النجاح في اختبار الصبر على الابتلاء هو نعمة لا يهبها الله إلا لمَن أحبَّهم.
هل غيَّر كورونا لديكِ بعض المفاهيم؟
بالتأكيد. فيروس كورونا ترك بصمته على كل نواحي الحياة، لكن على الرغم من آثاره السلبية، إلا أن هناك أشياء إيجابية في حياتنا اليومية، كشفت عنها هذه الأزمة.
تابعي المزيد:الدكتورة ريم الفريان: من واجبنا أن نعكس قيمنا الوطنية أياً كانت أدوارنا في الحياة
توافق في الأفكار
ما الصفات التي اكتسبتها هند ونورة منكِ؟
الاستقلالية، والصبر، وحب الآخر.
مَن قدوتكِ في الحياة؟
أعدُّ أبي، رحمه الله، مثلي الأعلى، فهو شخصياً شجعني على دخول عالم الكتابة والتأليف، ويكفي أنه أول قرَّائي ونقَّادي والداعمين لي. لذلك يهمني صناعة أثرٍ جميلٍ في مجتمعي، وأن أكمل رسالة والدي في حب الوطن والتفاني لأجله.
ما مدى التوافق في الأفكار بينكِ وبين نورة وهند؟ والرسالة التي توجهينها لهما؟
الصبر على تحقيق النجاح مهما كانت الصعوبات والتحديات، فهي ليست بالشيء السيئ، بل بالعكس تعطي لذةً للنجاح، وتجعلك أكثر فخراً بما وصلت إليه.
الابنة نورة: أجتهد في تقديم نفسي جيداً
ظهرتِ من خلال تقديم نشرة الملك عبدالعزيز العامة، ماذا شعرتِ لحظتها؟
كانت تجربةً جديدة علي، وخطوةً مهمة في مشوارٍ إعلامي ممتد. انتمائي لصرحٍ مثل المكتبة، يجعلني أجتهد في تقديم نفسي جيداً، وأستثمر كل الأدوات المتاحة لي لصناعة إبداعٍ في وظيفتي.
لماذا اخترت هذا المجال، وهل يستهويكِ عالم الإعلام؟
أحبُّ الإعلام كثيراً، وقد جعلني قربي من والدتي أقترب أكثر من هذا العالم، وتجربتي الإعلامية مع المكتبة لا تزال في بدايتها ولعل المقبل كفيلٌ بخوض تجارب، أنضج من خلالها أكثر.
تشجيع الأسرة
أسرتكِ، هل كان لها دورٌ في تشجيعكِ للعمل في مجال الإعلام؟
نعم، أسرتي شجعتني على العمل في المجال الإعلامي، خاصةً والدتي، حفظها الله، التي كانت ومازالت تدرِّبني على الإلقاء، وتشاهدني على التلفزيون، وترسل لي ملاحظاتها على طريقة التقديم إن كانت جيدة، أم غير جيدة، فأمي أكبر ناقدٍ لي، وأكبر داعم، ولولاها ما كنت لأصل إلى هذا المكان إطلاقاً.
ما أصعب المعوقات في الإعلام من وجهة نظركِ؟
غياب التدريب الجيد، وعدم توفير الطاقم المساعِد الذي يجعل الإعلامي السعودي فاعلاً وقوياً وقادراً على التجديد والتفكير خارج الصندوق، لينافح عن مجمل القضايا الوطنية بموضوعية ومصداقية وعالمية.
ما مشروعاتكِ المستقبلية؟
أعمل على مشروع استثماري خاص بي، أتمنى أن أصل به للعالمية.
الابنة هند: التطوع نداء وطني
أنتِ متطوعةٌ مع أبطال مكافحة كورونا، لماذا اخترتِ هذا المجال؟
التطوع نداء وطني، وفرصة عظيمة من أجل خدمة السعودية، والحد من انتشار كورونا في ذلك الوقت والقضاء عليه بأقل الخسائر الممكنة. فقد مررنا بمعاناةٍ خلال فترة الإصابة حفَّزنا على المشاركة في العمل التطوعي بمراكز تقديم اللقاحات، استشعاراً للمسؤولية المجتمعية في هذا العمل الذي يرسِّخ مبدأ التكافل والأخوة الصادقة، وخدمة الإنسان لأخيه الإنسان.
حدِّثينا عن نوعية عملكِ التطوعي؟
تتلخص مهمتنا في مراكز تقديم اللقاحات في التأكد من التزام المراجعين بالوقت والمواعيد المحددة لكل متطوع، وارتداء الكمامة، والالتزام بالاشتراطات الصحية، ومنع التجمعات، ومرافقتهم عند بوابة الدخول والخروج.
هل وجدتِ تشجيعاً من الأسرة على دخول هذا العمل؟
نعم، خاصةً والدتي، حفظها الله، فهي ناشطة اجتماعية، ومهتمة بمجال التطوع وخدمة المجتمع.
التفكير المرن
ما مدى حاجة المجتمع السعودي لمشاركة المرأة في العمل التطوعي؟
المرأة شريكٌ للرجل في مختلف الأنشطة، وإذا تأمَّلنا في وضع المرأة السعودية، فسنجد أنها تقوم بدورٍ فاعل ومؤثر ومبدع في مختلف مجالات العمل، لاسيما في العمل التطوعي، باعتباره مناسباً أكثر لطبيعتها العاطفية، فقدرة المرأة على العطاء في هذا المجال تفوق قدرة الرجل، وهذا ما أثبتته أكثر التجارب في العالم.
نورة وهند، ما الصفة التي تحبانها في والدتكما؟
التفكير المرن، وقدرتها على الإنصات والاستيعاب.
ما الصفة التي تتمنيان أن تتخلص منها؟
الخوف أحياناً، وتحمُّل مسؤولية كل شيء.
هل هناك مقالات لوالدتكما تستوحي فكرتها منكما؟
كتاب «فلسفة سعادة» كنا شاهدتين على كثيرٍ من التجارب فيه
ماذا تعلّمتما من والدتكما؟
خفة الظل، الطاقة الإيجابية، الأمانة، الصدق، الصبر، قوة الشخصية، احترام الذات، وحب العمل.