تصوير: علي الظاهري – عبدالعزيز النومان – بشير صالح - علي خمج - عبدالله الفالح
تعدُّ الإجازة الصيفية ضروريةً جداً، إذ إنَّها تأتي بعد عامٍ دراسي طويلٍ وصعب، بذل فيه الطلاب والطالبات جهوداً كبيرةً من أجل النجاح، لذا يحتاجون إلى وقتٍ للراحة، يجدِّدون فيه نشاطهم الذهني والبدني.
وعادةً ما تتنوَّع أنشطة الطلبة خلال الإجازات الطويلة بين تعزيز المهارات، وتطوير الذات، وممارسة الهوايات، والسفر، لكنَّ أغلبهم يفضِّلون الالتزام بدوراتٍ متخصِّصة، تسهم في استعدادهم بشكلٍ جيدٍ للمرحلة المقبلة.
وتزامناً مع العودة إلى المدارس، التقينا في "سيدتي" عدداً من الطلاب والطالبات، وسألناهم عن كيف قضوا إجازتهم الصيفية.
تنوع التخطيط
بدايةً، وصفت دونا سعود، طالبة فيزياء، العطلة الصيفية بالمهمة لكل طالبٍ وطالبة من أجل تجديد طاقتهم بعد عامٍ دراسي طويل، وعن ذلك قالت: "أتبع في الإجازات جدولاً معيناً، يتضمَّن تعلُّم مهارةٍ جديدة، وأحرص على تنظيم وقت نومي، وقراءة كتبٍ، أجَّلت قراءتها بسبب ضيق الوقت خلال العام الدراسي، إلى جانب التفرُّغ لرحلات رصد الظواهر الفلكية التي أحبها كثيراً، وأرى فيها شغفاً لا ينتهي، وتعزيز المحتوى العلمي في صفحتي على تويتر، التي أعمل على جعلها مفيدةً لكل المتابعين". مؤكدةً أن "هذا الأمر ضروري لكل شخصٍ بأن يخطِّط بشكلٍ سليمٍ لعطلته حتى يستمتع فيها كثيراً".
تطوير الهواية
وكشفت الحسناء الحماد، طالبة في المرحلة الثانوية ولاعبة مبارزة، عن أنها وضعت أهدافاً معينةً قبل دخول الإجازة الصيفية، وعملت بجدٍّ على تحقيقها، مستفيدةً في ذلك من طول مدة هذه الإجازة.
وحدَّدت أحد هذه الأهداف، وهو تطوير هوايتها في الرسم، "إذ نظَّمت يومي، وخصَّصت الفترة الصباحية للرسم، كما زدت ساعات تدرُّبي على المبارزة".
المهارات الرياضية
كذلك الحال مع شقيقها بدر الحماد، طالب جامعي ولاعب مبارزة، حيث استفاد من الإجازة الصيفية في تعزيز مهاراته الرياضية في اللعبة.
وبيَّن بدر، أنه قضى الإجازة فيما يفيده مستقبلاً عبر البحث عن خبراتٍ عمليةٍ جديدةٍ، وتقوية نفسه في اللعبة التي أحبَّها واختارها لنفسه، وهي المبارزة.
التطوع في الأعمال الخيرية
بينما اختارت غزل هاني، طالبة إعلامٍ وناشطةٌ على "تيك توك"، التطوع في مجال الأعمال الخيرية والمجتمعية خلال الإجازة، مؤكدةً أنها تسعى دائماً إلى تطوير مهاراتها الحياتية، وحول هذا الأمر قالت: "قمت باستغلال إجازاتي الدراسية في تكوين خبراتٍ كبيرة، خاصةً عبر التطوع في الأعمال المجتمعية، حيث استفدت من القبول الذي أجده من زميلاتي في جامعة الملك عبدالعزيز في الحديث إليهن، وتحفيزهن على النجاح، لا سيما بعد التجربة الصعبة التي مررت بها قبل دخول الجامعة، والحمد لله استطعت تعزيز مهاراتي في هذا الجانب، وتوسيع دائرة معارفي، وأسهم هذا الأمر في استقطابي مع قِبل فريق نون ستوب بقيادة مرعي بن ناصر، إذ وقع اختيارهم علي لأكون مديرة قسم إدارة الموارد البشرية للفريق، كما انضممت إلى فريق عنان العطاء التطوعي، وخضت تجارب إنسانية لا تنسى خلال فترة تفشي فيروس كورونا، مثل المشاركة في نشر الاحترازات الصحية، أيضاً تمَّ اختياري قائدةً للجنة الاجتماعية في كلية العلوم، ومسؤولةً في إدارة العمل التطوعي بالجامعة، ما شكَّل نقلةً نوعيةً في مسيرتي التطوعية، وعزَّز من علاقاتي الاجتماعية".
وعن المهارات التي امتلكتها من هذه التجارب، قالت غزل: "أفادتني هذه التجارب بامتلاكي مهارات التواصل، والثبات الانفعالي، والذكاء الاجتماعي، إلى جانب الظهور الإعلامي، الذي حفَّزني على ترك دراسة الأحياء، والانتقال إلى الإعلام، لأصبح إعلاميةً وناشطةً على تيك توك، إذ يتابعني 75 ألف شخصٍ".
خبرات متنوعة
وذكر عبدالعزيز بني علي، طالبٌ، أنه يلتحق خلال الإجازة بالمراكز الصيفية من أجل تعزيز ثقته في نفسه، وتلقي خبراتٍ متنوعة، مؤكداً أن هذه المراكز تساعد الشاب في تطوير هواياته بمكانٍ آمن، وتحت إشراف مختصين في جميع المجالات، كاشفاً عن أنه يلتحق عادةً بدوراتٍ للتعلم الرقمي والتقنية الحديثة، ويقدم إسهاماتٍ في مجال التطوع، الذي يقضي فيه أجمل أوقاته بمساعدة الناس عبر الفرق التطوعية.
في الوقت نفسه، شدَّد عبدالعزيز على أهمية الترفيه في الإجازة بالقول: "كيلا يشعر الشخص بالملل من قضاء الوقت في التعلم، أنصحه بالقيام برحلاتٍ ترفيهية مع الأصدقاء، وزيارة المناطق الطبيعية، أو المتاحف، أو التجمُّع في نادٍ رياضي".
نادي الحي
وأبدت شقيقته رند بني علي، طالبةٌ في المرحلة المتوسطة، سعادتها بالإجازة، مؤكدةً أنها انتظرتها طويلاً هذا العام، إذ كان زاخراً بالأحداث التي تركت أثراً جميلاً في حياتها، منها تجاوز أزمة كورونا بفضل الله أولاً ثم بجهود القيادة السعودية الرشيدة.
وحول نشاطاتها الصيفية، قالت: "أحرص خلال الصيف على التعلم عن بُعد من أجل توسيع مداركي، وتجديد همتي، ولأن والدتي معلمةٌ في نوادي الحي، أشارك كذلك في برامجها المتنوعة التي تستهدف جميع المراحل العمرية، إلى جانب إقامة رحلاتٍ ومسابقاتٍ شيقة، وحالياً نلاحظ توسُّعاً وتعدداً في مهامها، وتركيزها على كل ما يهمُّ الشباب". مضيفةً "اخترت هذا العام الالتحاق بدورات طموح، التي تقيمها شركة أرامكو السعودية خلال الإجازة، وتشتمل على برامج تفيد الطلاب والطالبات في مثل سني، كذلك حرصت على ممارسة الرياضة، وقراءة الكتب، والتحقت بدارٍ لتحفيظ القرآن، وركزت على خدمة ديني ومجتمعي عبر التطوع في الأعمال الإنسانية التي تطلقها الجمعيات الخيرية والفرق المتخصِّصة".
اكتشاف ما يفيدنا
فيما أشارت غيداء الرشيد، طالبة اقتصادٍ وعلومٍ إدارية، إلى أنها عملت خلال الإجازة على تطوير نفسها، وتعزيز مهاراتها، واكتشاف ما يفيدها، مستعينةً في ذلك بمنصات التواصل الاجتماعي عبر البحث فيها عن مجالاتٍ محددةٍ، تنمِّي مهاراتها فيها.
وتحدَّثت عن المجال الذي اختارته بالقول: "اخترت المجال التطوعي لما يضمُّه من تخصُّصاتٍ مختلفة، حيث عملت في مجمع الصحة النفسية مساعدةً إداريةً، وخدمتُ المرضى، وأسعدني كثيراً انخراطي في هذا العمل الإنساني النبيل الذي زاد من خبراتي ومعارفي، كما نلت عنه شهادة خبرةٍ، شجَّعتني على الالتحاق بأنشطة الجامعة الطلابية، وتقديم برامج وأنشطةٍ متنوعةٍ للطالبات".
وأكدت غيداء، أن "مَن يضيع وقت الإجازة دون إنجاز شيءٍ ما، أو الالتحاق بدوراتٍ في مجالٍ معيَّن، يخسر كثيراً، وأرى أن على جميع الطلبة، خاصةً مَن هم في المرحلة الجامعية، المبادرة لاكتساب الخبرة في مجالاتٍ عدة وإن كانت بعيدةً عن تخصُّصاتهم للاستفادة منها مستقبلاً"، كاشفةً عن أنها التحقت كذلك بأنشطةٍ في مجال إدارة الأعمال والمحاسبة، كونها قريبة من تخصُّصها الدراسي، إلى جانب دوراتٍ في مجالَي الفن والتجميل، إذ ترغب في تطوير مهاراتها فيهما.
الحرف التقليدية
وأخيراً، رأت سارة الجهني، طالبةٌ في المعهد الملكي للفنون التقليدية، أن تعلُّم حرفةٍ معينةٍ أمرٌ مهم للغاية، ويجب على كل شابٍّ وشابةٍ فعل ذلك.
وعن رؤيتها لهذا الأمر، قالت: "شغفي بإنتاج أعمالٍ فنيةٍ معاصرة، دفعني إلى تعلُّم حرفة البناء التقليدي وممارستها أيضاً، وأسهم ذلك في التحاقي بالمعهد الملكي للفنون التقليدية". مضيفةً "عندما نتعرَّف على حرفةٍ ما، تتولَّد لدينا الرغبة في تعلُّمها، وقليلٌ من الناس يقدِّرون اليوم معنى العودة إلى تراثنا القديم! هذا الأمر من وجهة نظري عودةٌ إلى إنسانيتنا، وفيه احترامٌ للطبيعة، وتعزيزٌ للتواصل البشري، ولدي حلمٌ عظيمٌ ببناء بيتي بيدي من الطين، وتعليم أبنائي حرفة البناء التقليدي، وسأعمل على توعية مجتمعي بذلك حتى يتقبَّلوا موضوع العودة إلى هذا النوع من البناء مجدداً، مع تطويره عبر دمجه بالتكنولوجيا"، مبينةً أن "المنازل الإسمنتية لها تأثيرٌ سلبي في صحتنا النفسية والجسدية، لذا أتعلَّم حالياً كيفية بناء منزلٍ طيني تقليدي، إذ يبدأ العمل عليه باختيار التربة المناسبة، ثم تجهيزها للبناء، وتشكيل الطوب"، مشددةً على أن "الجودة أمرٌ مطلوبٌ في جميع مراحل البناء التقليدي، فنحن نتعامل مع الأرض بحاسة اللمس، والشم، والسمع، والبصر، وكل تربةٍ تقول لنا شيئاً، يختلف تماماً عن التربة الأخرى، ومعرفتنا بطرق التعامل معها، يعزِّز من ذكائنا"، كاشفةً عن أنها تروِّج للبناء التقليدي في حساباتها الشخصية، وتصوِّر مراحل دراستها هذا البناء، وتحاول تعريف الناس بذلك، وهذا يسهم في تعرُّفها على أشخاصٍ جددٍ، ويزيد من علاقاتها الاجتماعية.